الجديد

حكامنا الجدد و “محنة” الدولة .. العبث في زمن الانهيار الشامل !

منذر بالضيافي

كارثية المشهد السياسي، وما ألت اليه الأوضاع من انهيار شامل، لم تمنع “حكامنا” من الاستمرار في العبث في ادارة الدولة والمجتمع، غير مهتمين بما يحصل في البلاد، التي أصبحت مهددة بالإفلاس وبتفكك مؤسسات الدولة، التي أصبحت عاجزة عن تأمين الخدمات الأساسية للمواطنين، وهو ما كشفه تمدد الوباء في ظل “صمت” مطبق من “حامي الحمى”، الذي يستمر في انشغاله بتنزيل “مشروعه الهلامي”، في حين تكتفي الأحزاب الحاكمة ب “الفرجة”، ومساندة أداء حكومي “باهت”، هو أقرب الى وضع “تصريف أعمال” في زمن عادي بلا كوارث.

في هذه الأوضاع الكارثية، نسمع تصريحات عن “مقترحات” للخروج من “المحنة الجماعية”، أقل ما يقال فيها أنها غير جدية، تلك التي كشف عنها الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي، بعد سلسلة لقاءات مع قيس سعيد. والتي كشفت عن  حالة العجز وانعدام الخبرة والكفاءة في ادارة الدولة، فضلا على كونها ستزيد في تعميق الأزمة، وربما تجعل تداعياتها خارج السيطرة، من مثل الدعوة الى ايقاف العمل بدستور 2014 والعودة لدستور 1989 وعرضه على الاستفتاء بعد ادخال تعديلات عليه، واسقاط الحكومة بما يعني ذلك الذهاب لفراغ حكومي ومؤسساتي، في أوضاع تفرض الاستقرار والتضامن بين مؤسسات الحكم، لا أن تفكر في “مغامرة” قد تعصف بالبلاد في مرحلة “هشة”.

فبرغم تواصل سقوط الارواح، بسبب الوباء الذي حصد حياة اكثر من 13 الف تونسي، وحول مناطق الى بؤر منكوبة، على غرار ما يحصل الأن في القيروان، وتواصل الانهيار الاقتصادي الذي ينذر بإفلاس الدولة وفق تقديرات العديد من الخبراء، وبرغم بروز غليان اجتماعي سيكون خميرة  لانفجار اجتماعي، سيكون في حالة حدوثه مقدمة للمس بالاستقرار وبالتالي الفوضى.

برغم كل هذا وأكثر، فان الطبقة السياسية، ما تزال مشغولة بالصراع حول السلطة وحول الصلاحيات، وهنا نجد الاعلام وخاصة الجماهيري يسايرها في ” ترفها” وابتعادها عن مشاغل واولويات البلاد والعباد، ويخوض معها في ما يسمى ” بالإصلاحات السياسية “، من مثل تعديل الدستور او تعليقه والعودة لدستور 1959، وتعديل القانون الانتخابي والذهاب لاستحقاقات انتخابية مبكرة تشريعية ورئاسية، وكأن البلاد تعيش في اوضاع عادية، وبصدد تحقيق نسب نمو تفوق الثمانية بالمائة. ما هذا العبث السياسي والاعلامي على السواء؟

في ظل الازمة متعددة الابعاد، والتي اصبحت تنذر بخراب العمران، تستمر الحرب حول السلطة ، ما يظهر الفاعلين السياسيين الرئيسيين ( قرطاج، القصبة وباردو)، مستعدين لتحويل تونس الى يمن جديد، والمهم من سيفوز بالسلطة ويلغي خصمه بل عدوه، ولا يهمهم في شيء التلاعب  بالبلاد وبمقدراتها  وصورتها وحياة شعبها، فليذهب كل ذلك الى الجحيم.من أجل الظفر بالسلطة.

يجري هذا العبث، في وضع عام سمته توازن الضعف بين قرطاج وباردو والقصبة وايضا ساحة محمد علي ( مقر اتحاد الشغل)، ما يجعل الحسم في باب الاستحالة، وكل خطوة استباقية من هذه الجهة او تلك قد تدفع البلاد نحو المجهول ، في مناخ مجتمعي وسياسي متوتر ووضع اقتصادي منهار، مع تواصل طبعا المخاطر الامنية في علاقة بالإرهاب والجريمة والهجرة السرية التي اصبحت بلادنا معبرا لها، وفي مناخ اقليمي ايضا غير مستقر ( الوضع في ليبيا).

تمر الدولة التونسية، الأن وهنا، بمحنة كبيرة، سوف تستمر تفاعلاتها وتداعياتها لسنوات طويلة، وسيكون لها تأثيرها السلبي على الأجيال القادمة، التي – للأسف – ستدفع فاتورة حكم الهواة والمغامرين وفاقدي الكفاءة، كما ستتراجع صورة بلادنا التي كانت تعد قبل “عشرية الثورة”، بمثابة مثال و أنموذج في التقدم والعصرنة.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP