الجديد

أسئلة الثقافة و الأنشطة الثقافية

 
 
سمير بن علي *
 
تعتبر بلادنا من أكثر البلدان احتفالية. فبلادنا تعدّ أكثر من 400 مهرجانا بين مهرجانات صيفية وأخرى في مختلف الفصول . وحتى التواتر الذي استمر منذ ثمانينات القرن العشرين بين مهرجان  قرطاج السينمائي وأيام قرطاج المسرحية وقع فكّه ليتحولا إلى موعد سنوي.
 
كما أضيف إلى سجل مهرجاناتنا أيام قرطاج الموسيقية و أيام قرطاج التشكيلية وأيام قرطاج لفن العرائس… إضافة إلى ربيع الفنون ومهرجان الجريد ومهرجانات العصاميين أيام الصور و24 ساعة مسرح والمعرض الدولي للكتاب والمعرض الوطني للفنانين التشكيليين.
 
ولكن كل هذه التظاهرات وغيرها كثير ليست الا قاطرات لجرّ العمل الثقافي أو دفعه والأصل في الشيء هو تواصل الأنشطة الثقافية طيلة العام وفي مختلف الجهات . ولكن رغم الجهد المبذول من سلطة الإشراف ونعني بذلك وزارة الثقافة أساسا – الذي يحتاج إلى مزيد الدعم فهذه الوزارة ماتزال من أضعف الوزارات في مستوى الميزانية التي تحاول سقف الواحد بالمائة وهو رقم يغني عن كل تعليق.
 
ماتزال الأنشطة الثقافية ببلادنا مناسباتية فما أن تنطفئ أضواء مهرجان قرطاج  السينمائي حتى تختفي تلك الطوابير من أمام قاعات السينما التي صارت تعد على أصابع اليد الواحدة ولنكن متفائلين  تعدّ على أصابع اليدين وبعد أن كان لنا أكثر من مائة وعشرين قاعة في ثمانينات القرن العشرين تكاد أغلب المدن تخلو من قاعات السينما التي تحولت إلى مغازات ومقاه  وقاعات أفراح ومحلات فريب.
 
ولسائل أن يسأل أين يختفي عشاق المسرح بعد انتهاء التظاهرات التي تنظمها وزارة الثقافية ؟  ولا نعني بالمسرح عروض التهريج وأغلب عروض الوان المانشو وعروض النكت السمجة المجترة . ولماذا تحولت المكتبات التي كانت منتشرة في كل مدن الجمهورية ومعتمديتاها إلى ورّاقات أو محلات بيع أجهزة الكترونية ؟ بل لماذا صار عدد المكتبات في العاصمة يعدّ على أصابع اليد الواحدة وتكاد كل ولاية تكتفي بمكتبة أو مكتبتين ؟ ولماذا نزل سحب المجموعات الشعرية وبعض الكتب الابداعية الأخرى إلى 500 نسخة تهدى أغلبها عدى تلك التي تقتنيها وزارة الشؤون الثقافية؟ ولماذا يتناقص عدد رواد أغلب النوادي والمنتديات الأدبية ؟ فهل ستظل الثقافة والأنشطة الثقافية مناسباتية ؟
 
لابد من الاقرار أنّ المسؤولية ليست ملقاة على وزارة الشؤون الثقافية وحدها . فهي مسؤولية جماعية تبدأ بالعائلة التونسية التي سلمت أبناءها بدون مصاحبة ولا مراقبة للألعاب الالكترونية والتلفزيون مرورا بالمدرسة التي اختفت فيها او تكاد حصص المطالعة والترغيب في القراءة لصالح حصص الحشو التي تعد التلاميذ زبائن لحصص التدارك عفوا لتجارة الدروس الخصوصية فصار أغلب أبنائنا عاجزين عن كتابة نص أو التعبير عن رأيهم بنص متكامل بأي لغة كانت.
 
وصولا إلى عجز أغلب المؤسسات الثقافية الخاصة والعمومية ما عدى التي  تدعي أنها مقاه ثقافية  وهي بالفعل مقاه ولكن كلمة ثقافية تحتاج نظر عن استقطاب الشباب . والعزوف الرهيب عن القراءة واختفاء الخيمات المكتبات من شارع الحبيب بورقيبة وكذلك أكشاك الصحف والمجلات التي كانت تزين أغلب شوارع المدن والولايات  واقفار قاعات السينما القليلة المتبقية واقتصار أغلب العروض المسرحية الجماهرية على عروض مهرجي القنوات الخاصة .
كل هذا يدفعنا إلى الدعوة التفكير بصفة جماعية وزارات ثقافة وتربية وتعليم وشباب ومجتمع مدني  ومؤسسات بحثية لتطارح مختلف أوجه الأزمة والبحث بصفة  جماعية عن حلول إذا كنا جادين في الدفاع عن ثقافتنا الوطنية وعن الشخصية التونسية .

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP