الجديد

الاعلان عن حكومة الجملي نهاية الأسبوع

خديجة زروق
حكومة الحبيب الجملي، التي سيعلن عنها في الساعات القليلة القادمة، يبدو أن السيناريو الأقرب هو أنها ستكون مشكلة من “النهضة” و”قلب تونس” و كتلة الإصلاح الوطني، وبعض الشخصيات الوطنية القريبة او المحسوبة على “النداء التاريخي”.
وتعتبر هذه التركيبة الأكثر انسجاما ، ما سيساعد على الاستقرار الحكومي، كما انها تركيبة تضمن الاستمرارية في “التعايش” بين الإسلاميين ومكونات التيار الدستوري والعصري الذي “طبع” مع الإسلاميين.
ما نلاحظ ، من خلال مفاوضات تشكيل الحكومة في علاقة بحركة النهضة، هو استمرار خيار الغنوشي في دعم نهج ما سمي ب “تحالف الشيخين”، بين الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي وراشد الغنوشي.
هذا الخيار الذي يعتبر الأفضل لإدارة المرحلة القادمة، متى تجاوز سلبيات الفترة السابقة التي جعلت المنجز الاقتصادي دون المأمول، لكنه خيار حمى مسار الانتقال الديمقراطي، الذي اصبح مهددا بتصاعد التيار الشعبوي ، وانتشار الدعوات الفوضوية، التي أصبحت تمثل خطرا على وحدة المجتمع ومؤسسات الدولة.
كما أن الجملي وحركة النهضة،  أصبحا على قناعة ووعي بأن تأخير تشكيل الحكومة،  سيساهم في مزيد ارباك الوضع،  وأن البلاد لم تعد تحتمل البقاء دون حكومة، وهو ما جعل الطرفين يحسما أمرهما باتجاه اعلان الحكومة نهاية الأسبوع الجاري، ثم عرضها على البرلمان وسط الأسبوع القادم.
وعلم موقع “التونسيون” من مصادر مقربة من “مطبخ المشاورات” أن العمود الفقري للحكومة أصبح جاهزا، وأن هناك ارادة لتجاوز كل المعوقات التي رافقت المشاورات والمفاوضات التي حصلت خلال الشهر السابق، وهنا لا يخفى الاشارة الى وجود “تعطيلات” حالت دون التسريع بإعلان حكومة الجملي.
وفي هذا السياق دعا حزب قلب تونس الى “الإسراع في تشكيل الحكومة نظرا لصعوبة الظرف الاقتصادي وحالة التعطّل الإداري والسياسي والتوتر الاجتماعي”. كما حذر الحزب ” ممّا تقوم به بعض الأطراف من استهداف لمسار تشكيل الحكومة ومحاولاتها لتعطيله وتسميم الرأي العام بالإشاعات لمحاولة الإرباك وتأجيل الإعلان عن الحكومة الجديدة”.
من جهة أخرى أصبح من المؤطد أن الحكومة المقبلة ستكون مشكلة من كفاءات وبعيدة عن المحاصصات الحزبي، وهو ما أشار له حزب قلب تونس، من أنه متمسك ” بموقفه المبدئي بضرورة النأي بالحكومة المقبلة عن منطق المحاصصة وتأكيده على ضرورة تشكيلها انطلاقا من شرط الكفاءة والاختصاص وعلى أساس برنامج أولويته اقتصادية واجتماعية”.
مما تقدم يبدو أن الحبيب الجملي لن يستهلك كل فترة الامهال التي تمتع بها وفق أحكام الدستور و سيعلن خلال الأسبوع القادم – على أقصى تقدير –  عن تركيبة حكومته و من غير المستبعد أن تنعقد جلسة منح الثقة يوم الجمعة القادم.
هذا المعطى فرضه حصول اقتناع لدى الحبيب الجملي و حركة النهضة التي ترعى كل المشاورات التي يجريها بانه من شبه المستحيل إقناع التيار الديمقراطي بالتراجع عن الشروط التي وضعها حتى يلتحق بالحكومة و أنه من الأفضل البحث عن حلفاء آخرين و تقديم “تنازلات “لاحزاب تجاهلتها النهضة أو جعلتها عجلة خامسة سعيا لإرضاء دعاة تشكيل حكومة ثورية.
تشكيل الحكومة سيعتمد الواقعية خاصة و أن الاخطاء التي يرتكبها قيس سعيد قد تقلص من بريق الخيار الثوري الذي تحركه حسب التوجه الغالب في حركة النهضة الأحلام الطوباوية أكثر مما هو تكريس حقيقي لأهداف الثورة.
مهمة “هندسة “الحكومة عادت للخط الذي يمثله راشد الغنوشي و الذي يجد نفسه مضطرا لتوسيع دائرة الإختيار حتى لا تشهد ميلاد ترويكا جديدة قوامها إلى جانب النهضة كل من ائتلاف الكرامة و قلب تونس اللذان تحوم حولهما عدة ملاحظات تقلص من قابليتهما و لو بدرجات في الداخل والخارج.
توسيع الدائرة يمر عبر إشراك كتلة الإصلاح الوطني التي تحولت إلى رقم مهم في الرقعة البرلمانية و يبدو أن الطريق سالك في هذا المستوى و كسر التحفظات الأخيرة لدى تحيا تونس التي يرتبط موقفها من حكومة الجملي بواقع تجاذباتها الداخلية التي قد تخرج قريبا من الكواليس إلى العلن و لكن يبدو ان تيار المشاركة ستكون له الكلمة الفصل…
تركيبة الحكومة الجديدة بهذا الشكل قد لا تكون متجانسة و لكن الخشية من الوقوع فى فح حكومة الرئيس أو الذهاب إلى إنتخابات تشريعية سابقة لأوانها لا يمكن لأحد التكهن بنتائجها هو الذي فرض القبول بهذه التوليفة التي تعتبر من الناحية الشكلية تشريكا لطيف واسع قد يساعده برنامج محكم و إدارة جيدة على الإستمرار .

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP