الجديد

الصحفي المنصف محروق يكتب عن “أخطاء ” خطاب قبلي

المنصف محروق

أثار خطاب الرئيس قيس سعيد، في قبلي منذ أيام جدلا واسعا وردود أفعال واسعة، في الحقل الاعلامي والسياسي وكذلك في البرلمان، في هذا الاطار دون الاعلامي المنصف محروق، ثلاثة تدوينات في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، حاول فيها الاجابة عن السؤال الذي طرحه: “هل أخطأ رئيس الجمهورية لما تهجم على النواب خلال الكلمة التي ألقاها بمناسبة زيارته للمستشفى الميداني بقبلي؟”.

استهل محروق سلسلة تدويناته بالقول: “حسب رأيي لقد ارتكب الرئيس عدة أخطاء بهذه المناسبة؟ “.

في ما يلي نص التدوينة:

“ما من شك أن لكل مواطن تونسي الحق في ابداء رأيه في أي موضوع بكل حرية شريطة احترام القانون٠ وهنا يكمن الخطأ الأول للرئيس سعيد٠ فمنذ انتخابه ثم تسلمه لمقاليد رئاسة الجمهورية لم يعد السيد سعيد مواطنا ككل الموطنين٠ وواجباته كرئيس للجمهورية تعلو حقوقه كمواطن٠ ومن واجباته أن يكون “أبا” لكل التونسيين على اختلاف مشاربهم السياسية وأن يكون ملاذا لهم وحكما بينهم عندما تفرقهم المصالح أو الإديولوجيا أو السياسة٠

وهذا هو مغزى وروح الفصل 76 من الدستور الذي يقضي بأنه “لا يجوز لرئيس الجمهورية الجمع بين مسؤولياته وأية مسؤولية حزبية”. وعندما ينزل الرئيس إلى الحلبة السياسية كما فعل في قبلي فإنه يفرغ هذا الفصل من محتواه.

الخطأ الثاني الذي ارتكبه رئيس الجمهورية في قبلي والذي يمكن توصيفه بالجسيم، يتمثل في تحريضه لأتباعه على اعتماد أسلوب “التغيير الثوري” بالخروج إلى الشوارع والساحات من أجل اسقاط منظومة الحكم الحالية التي هو جزء منها لتعويضها بالنظام “الجماهيري” الذي يحلم به٠

وهو ما يعني أن السيد قيس سعيد يتحرك ويتصرف في الآن ذاته كرئيس الدولة الساعي لتوسيع صلاحياته والمعارض “الأكبر” لها والساعي للإطاحة بها٠ وما يستشف من هذا التمشي أن “صاحب” قصر قرطاج حصلت لديه القناعة بانه غير قادر على تغيير الأوضاع وموازين القوى لخلق الأرضية الملاءمة لإرساء نظامه الجماهيري وقد برزت هذه القناعة عندما اعترف في قبلي ب “ضعف الوسائل القانونية” المتاحة لترجمة مشروعه على أرض الواقع٠ وفي الجملة الموالية أشار إلي الحل البديل الذي يجول بخاطره عندما شدد على أن إرادة الجماهير غير محدودة على عكس الأدوات القانونية٠

إضافة إلى أنها لا تستقيم لا أخلاقيا ولا سياسيا ولا دستوريا فإن «الطريقة الثورية” حاملة لتبعات ومخاطر سيكون الرئيس سعيد ضحيتها الأولى وتونس معه٠الخطر الأول يكمن في أنه بتماديه في هذا التمشي فإن رئيس الجمهورية سيُخرج تونس من مجال ومنطق وأدوات الديمقراطية وسَيُشَرِّع لاعتماد الأسلوب الثوري من طرف خصومه٠ فليس من المنطق أن يمنع الرئيس عن خصومه أو ينتظر منهم أن يمتنعوا تلقائيا عما يسمح به لنفسه٠

والخطر الثاني وربما الأكبر والذي يبدو أن الرئيس غير واع به يكمن في أن هناك من هو أبرع من أتباعه في لعبة استعمال الشارع وربما رفع السلاح إن لزم الأمر لزعزعة النظام والأقرب للاستفادة منها : الحركات الإسلامية بصفة عامة والنهضة بصفة خاصة٠ وخلاصة القول أن قيس سعيد ربما يكون بصدد تقديم خدمة جليلة لخصومه وأعدائه في الوقت الذي يعتقد أنه يقوم بإضعافهم٠

الخطأ الثالث والأخير الذي ارتكبه الرئيس سعيد في قبلي يكمن في إلقائه كلمته أمام “جمهور” أجمع التونسيون على النأي به عن التجاذبات السياسية : العسكر٠ على حد علمي لم يسبق أن تطرق مسؤول سياسي وبالأحرى رئيس الدولة لموضوع سياسي وبطريقة مثيرة للجدل في تظاهرة استضافها ونظمها الجيش الوطني٠ فسوى كان ما حدث في قبلي عفويا أم مقصودا فلا يجب تكراره٠ لأن في حدوثه لأول مرة إحراج للمؤسسة العسكرية وفي تكراره توريط لها فيما لا يجب أن تقحم فيه : السياسة”٠

 

رابط صفحة الصحفي المنصف محروق على “فيسبوك”:

https://www.facebook.com/moncef.mahroug?__tn__=%2CdC-R-R&eid=ARB_80TZjqF1O_AFpqjCYpBroarMWmalXjJcYQLT5qzDVGkR4d6NnivjoCueKPU-PCpOOMC0u8n9SU02&hc_ref=ARSrwt6Yi_M3O9a6tNigWvmfbmMppI73JqCJKKJuUy9hFhMl6WbP4sdRVJZzVFolg0k&fref=nf

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP