الجديد

"اللطخة الحقيقية" … "السيستام بشحمو و لحمو" … الغباء الديمقراطي

مازري  طبقة
نجحت تونس بل و نحج التونسيون على اختلافاتهم في انجاح الانتخابات الرئاسية في جزءها الاول رغم ما شابها من عزوف كبير ربما سنعود عليه مستقبلا بالتحليل لفهم الأسباب خاصة العميق منها و الدائم, و نتفق جميعا على ضرورة احترام قرار الناخبين الصادر عن صندوق الاقتراع و احترام من فاز مبدئيا و لكن ونحن في طور بناء الجمهورية الثانية على أسس الديمقراطية التي تفرض البدأ في التأسيس من القاعدة أي من الشعب  فإن محاولة فهم حقيقة موقف جزء من الناخبين و الأهم فهم الدوافع و الظروف الاجتماعية و السياسية التي أحاطت بالتونسيين لـ”دفعهم” نحو اختيار بعينه, و هنا اتحدث عن الذين شاركوا يوم الاقتراع كما أتحدث عن الذين قاطعوا و هم الأغلبية.
قيس سعيّد ( ليس في شخصه ) تم الإعداد لظهوره المفاجئ ليكون البديل عن الإسلام السياسي الذي فشل في تقديم براهين على الفاعلية إقليميا و دوليا… بديل و لكن بنفس الجينات السياسية و بنفس الاستعدادات لتطبيق مخطط أصحاب مشروع ” الربيع العربي ” … عقول التونسيين خضعت للبرمجة عن طريق قنوات تلفزية خاصة عملت على التطبيع مع الرداءة و نشر التفسخ الأخلاقي سواء من خلال برامج ترفيهية أو منتجات درامية …
تمظهرات يرفضها المجتمع التونسي المحافظ بطبعه جعله يرتمي( في جزؤه الذي لم يقاطع الانتخابات ) بين أحضان اول مرشح يعكس صور ملائكية و طهارة أخلاقية ( صورة تم الترويج لها من خلال مصطلح ” ناس طيبة ” )…
برمجة عقول التونسيين استهدفت الشباب ( أطفال الثورة ) من خلال الفيس بوك بالتركيز على تقزيم كل الأحزاب و تشويه كل القيادات السياسية( و بعضها جاهز اصلا لذلك ) بالترويج لتهم الفساد و الارتشاء و التوريث و غيرها من القوالب الجاهزة ذات النسب العالية من العاطفة الغرائزية…
في كل هذا عملت أجهزة سرية لكنها معلومة بفعل الشك على إعداد الأرضية لظهور شخص لا لون له قابل للتلوّن مع كل خلفية يوضع عليها يستقطب الغاضبين من تونسة حركة الاتجاه الإسلامي في تونس و يستقطب المتشددين الذين لم يتأقلموا مع الفعل الديمقراطي و يستقطب جزءا من الشباب القادر على الانتحار المواطني في سبيل ان يكون له صوت حتى و ان كان ذاك الصوت مزمار أو صوت طبل اجوف الأحشاء …
سنة 2013 كانت سنة الانطلاق في الإعداد ليوم 15 سبتمبر بعد تنازل حركة النهضة عن الحكم ( مرغمة ) و هو ما أَشّر على فشل تجربة الإسلاميين و التي لم تبلغ مرحلة طرح الثمار لأصحاب مشروع الربيع و عليه كان لزاما على أصحاب القرار ان يجدوا البديل و لكن بيد الشعب و عليه بدأت حملات التشويه و قطع حبل الثقة بين المواطن و النخبة السياسية و تشويه صورة كل شخص يقترب من مرتبة الزعامة السياسية ليبقى المجال فسيح أمام ” السعيّد المنتظر ” …
استعمار بالديمقراطية … هذا ” المنتظر ” لن يكون إلا نسخة مُطوّرة من مشروع الإسلام السياسي المبرمج اصلا على تنفيذ الأوامر و طرح الثمار.. و الشعب عينو حية … بل و ينادي بالسيادة الوطنية و الحال انه بغباء ديمقراطي صرف ما هو إلا بصدد تنفيذ خطط الاستعمار الجديد.
أطوار الربيع العربي ما تزال متواصلة في شقّها الخارجي و الحال اننا نتفق جميعا ان هذا “الربيع” صُنع دفئه بشمس لا تشرق في سمائنا و ثماره لن تُطرح على أرضنا بينما جذوره منغمسة فينا وتُسقى بدماء رجالنا.
بين القرن الماضي و زماننا هذا تطور كلُّ شيء, حتى الاستعمار طور أساليبه بل وحتى أعوانه تتطوروا, استعمارٌ اصبح يُقرر بنا و  نُنفّذ نحن أوامره التي في الأصل تصدر عنّا, تنويم سياسي بقدرات عالية تجعل من الدفاع على خياراته مسالة شرف و عِرض و نخوة و دماء, كل الأساليب متاحة, المهم بالنسبة لهم النتيجة, اما نحن فالمهم ديمقراطية تُشبع البطون و إسفاف يغذي العقول.
ما الحل اذا ؟ الحل هو ان نقبل بالهزيمة و لكن بشرط التمسك بالخيارات التي من اجلها انتظمنا في احزاب او منظمات مع الاخذ بعين الاعتبار ان تطوّر العدو الحميم يفرض علينا التطور بسرعة مضاعفة لفهم كل ما يحفّ المشهد السياسي و حسن تقدير كل العوامل التي يتم الدفع بها خارجيا و لكن بأيدي داخلية, مع مزيد التمسك بمبدأ الوطنية و سيادة القرار الوطني لان عدونا العزيز يعمل على عولمة السياسة و تعميم الانتماء ليصبح ما في وطنك لهم برضاك و عن اقتناع يجعلك “تضحى” من اجل مصالحهم داخلك, و لعل اهم عامل يخدم مصلحة الاستعمار الجديد ان الداخل يعجّ بالمتثورجين “عبدة ” الشعارات و هم الاكثر استعدادا لتنفيذ ما يُحاك و الدفاع عنه دونما أي دراية او وعي او قناعة.
و لكم سديد النظر …
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP