الجديد

 المشهد السياسي .. أسبوع حاسم في مسار انتقالي "هش"

منذر بالضيافي
تنحبس قلوب التونسيين، مشدودة الى المستشفى العسكري، حيث يتداوى رئيسهم من وعكة صحية، ألمت به منذ الخميس الفارط، وسط تطمينات مؤكدة ومتطابقة على تحسن كبير في وضعه الصحي، وأنه سيغادر المستشفى خلال بداية هذا الأسبوع، مثلما صرح بذلك نجله حافظ قايد السبسي، في مقابلة مع موقع “الجزيرة نت”.
في المقابل انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، ما يشبه “الحملة” المطالبة بالكشف عن الوضع الصحي للرئيس، وهذا ما وعدت الناطقة الرسمية باسم الرئاسة، سعيدة قراش بنشره للعموم، بمجرد خروج الرئيس من المستشفى، في هذا السياق أكّدت قراش في برنامج “ميدي شو” على اذاعة “موزاييك”، اليوم الاثنين 1 جويلية 2019 ، بأنّه “سيقع إعلام الرأي العام بالوضع الصحي للباجي قايد السبسي وحقيقة الوعكة الصحية بكل شفافية من خلال تقرير مفصّل، فور مغادرته المستشفى”.
وأشارت قراش إلى أنها لا تعلم بعد تاريخ مغادرة السبسي للمستشفى ولا يمكنها الكشف عن طبيعة الوعكة الصحية التي أصابت رئيس الجمهورية احتراما للقانون، مضيفة “الجهة الوحيدة المخولة لها الكشف عما تعرض له السبسي هي الإطار الطبي في المستشفى العسكري”.
مرض الرئيس،  شغل العامة والخاصة على حد السواء، فالعامة كلها بينت تعاطفا كبيرا مع الرئيس الإنسان والسياسي،  وفي العادة لا يحصل مثل هذا الاجماع حول شخصية سياسية، مع “البجبوج” مثلما يحلو للتونسيين مناداته حصل العكس، فالسواد الأعظم من التونسيين، يرى ان البلاد ومسارها الديمقراطي ما زال في حاجة له.
هم يختلفون حول أداءه وينتقدونه وأحيانا بشدة تصل حد التهجم، لكن يقدرون الدور الذي قام به ولا يزال، وله في قلوبهم وعقولهم مكانة خاصة، فقد ارتبطت  سنوات المشهد السياسي ما بعد الثورة في جزء كبير بالرجل، حتى انه وبنظر الكل يعد اهم فاعل سياسي خلال الثمانية سنوات الأخيرة.
وهناك ما يشبه الاطمئنان لمقاربته السياسية ، التي قوامها الثوابت والمرتكزات التي قامت وبنيت على أساساها الدولة الوطنية، والتي اساسها “الوطنية” وتقديس مفهوم “الدولة” خصوصا وأن تونس لها ارث متجذر للدولة المركزية القوية، وهي الثوابت التي لآجلها يجد الرئيس السبسي مكانة خاصة عند التونسيين.
بالعودة لمرض الرئيس، نشير الى أنه كان له تداعيات سياسية، ولعل هذا ما يفسر حالة الارتباك، التي رمت بظلالها على أحد أهم مؤسسات الحكم، ونعني هنا مجلس نواب الشعب، الذي شهد نقاشا تجاوز “بسرعة لافتة” حدود “قبة باردو”، الى الاعلام والفضاءات السياسية، اذ تجاوز الحديث مجرد النقاش حول السيناريوهات القانونية والدستورية، المترتبة عن “غياب الرئيس” سواء كان “مؤقتا” أو “دائما”، الى وجود “تخطيط للانقلاب” على رئيس البرلمان، وفق ما صرح به عدد من النواب.
وقد افادت  النائبة عن حزب آفاق تونس ريم محجوب  أمس الاحد 30 جوان في تصريح لبرنامج “صحافة الاحد” على راديو “ماد” ان “احزاب سياسية كشفت عن نهب غريب للسلطة” مشيرة الى   أن هنآك حديث من طرف احزاب عن تغيير رئيس مجلس الشعب محمد الناصر  و تعويضه بعبد الفتاح مورو في اجتماع مجلس الشعب الذي انعقد الخميس الماضي و هو موقف غير مسؤول حسب قولها.
للإشارة فانه وفي غياب المحكمة الدستورية ليس هناك أي جهة مخول لها دستوريا معاينة وتحديد نوعية العجز في منصب رئيس الجمهورية، ولعل “المماطلة” في انجازها جعل المسار برمته يوصف ب “الهش”.
في الأثناء فان تسيير الدولة لا يواجه الى حد الان أية عقبات في ظل تناغم المؤسسات واستمراية عملها وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد التقى الرئيس السبسي في المستشفى ودون في صفحته على فيسبوك انه يطمئن “التونسيين أن رئيس الجمهورية بصدد تلقي كل العناية اللازمة التي يحتاجها من طرف أكفأ الإطارات الطبية. أرجو له الشفاء العاجل واستعادة عافيته في اسرع وقت. وأدعو الجميع إلى الترفع عن بث الأخبار الزائفة التي من شأنها بث البلبلة بين التونسيين.”.
كما التقى  الشاهد  الذي كان مصحوبا بنجل الرئيس حافظ  السبسي ،  في مناسبة أخرى الرئيس، وقد أصدرت حركة أعلنت حركة “نداء تونس”  بيان الجمعة 28 جوان 2019،أشارت فيه الى أن كل من رئيس الحكومة ونجله حافظ السبسي قد ” أطلعا الرئيس على مستجدات المرحلة القادمة والوضع العام في البلاد”.
يذكر أن رئاسة الجمهورية كانت قد أعلنت أيضا “أن قائد السبسي أجرى مكالمة هاتفية مع وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي”.
على أن حالة الانتظار والترقب تستمر، وهي في علاقة عضوية ومباشرة بمرض الرئيس، الذي تتوقف علي اشرافه وحضوره استحقاقات سياسية ودستورية عاجلة، لابد أن يحسم فيها خلال الأسبوع الحالي، وهي استحقاقات أمنية (تمديد حالة الطوارئ) و سياسية (دعوة الناخبين للتشريعية المقررة ليوم 6 أكتوبر المقبل، التي يجب أن تتم قبل ثلاثة أشهر من ذلك، قبل 6 جويلية المقبل)، وينتظر أيضا ان يعرض خلال هذا الاسبوع على رئيس الدولة مشروع تنقيح قانون الانتخاب من طرف الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP