الجديد

النهضة: حكومة الجملي "ستعدل" و ستمر .. الخيار "الأسلم" !

منذر بالضيافي
انطلقت صباح اليوم السبت 4 جانفي 2020، أشغال الدورة 35 لمجلس شورى حركة النهضة، وهو لقاء علم موقع “التونسيون” أنه انطلق في مناخ غلبت عليه مظاهر “التوتر الشديد”، وذلك في علاقة بالمواقف المتباينة داخله من حكومة الحبيب الجملي، التي يعتبر حزب النهضة مسؤولا عنها من الناحية السياسية، باعتباره الحزب الذي كلف الجملي بتشكيلها.
وكان المكتب التنفيذي للحركة المجتمع ليلية أمس الجمعة برئاسة رئيس الحركة راشد الغنوشي قد “انتهي الى ضبط مجموعة من الشروط حتى تمر الحكومة في البرلمان”، لعل من أبرزها دعوة رئيس الحكومة المكلف الى “الجلوس مع الكتل البرلمانية واقناعها بالتصويت لفريقه الحكومي”.
كما طلب تنفيذي النهضة من الحبيب الجملي أن “يتعهد بإدخال تعديلات على التركيبة التي اقترحها سواء قبل عرضها على البرلمان – ان سمح الوقت بذلك – أو بعد التزكية، وأن تكون التعديلات باتجاه اضافة وجوه سياسية وبالتالي كسر “الفيتو” الذي وضعه الجملي أمام الكفاءات السياسية”، وهنا نرجح – وبكل تأكيد- أنه من غير المتوقع حصول تغيير على تركيبة حكومة الجملي قبل نيل الثقة في البرلمان.
برغم تعالي العديد من الأصوات البرلمانية المعلنة لرفضها للتصويت لحكومة الجملي، فان الساعات والأيام القادمة، يتوقع أن تعرف تحقيق “اختراق” باتجاه تعديل هذه المواقف، لفائدة الحكومة، خصوصا وأن مكتب مجلس نواب الشعب، رحل جلسة التصويت على الحكومة الى الجمعة 10 جانفي الجاري، وهو بذلك يعطي فسحة زمنية مهمة لتقريب وجهات النظر المتباينة.
في هذا السياق، شهدت الساعات المنقضية عقد العديد من اللقاءات التشاورية والتفاوضية بين الكتل والأحزاب السياسية، خاصة تلك التي عقدها رئيس النهضة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، مع عدد من رؤساء الكتل وقيادات الأحزاب السياسية، وكذلك مع الرئيس قيس سعيد.
وبناء على ما تقدم من توصيف للمشهد السياسي، وبالنظر أيضا للسياق العام في تونس وفي المنطقة، المتسم في الداخل بحالة “قلق مجتمعي” ، من التداعيات السلبية لتأخر تشكيل الحكومة وتداعياته السلبية على الأوضاع الاقتصادية، التي تتسم بالانهيار وانسداد الافاق.
فضلا عن محيط اقليمي ينذر بالذهاب نحو تطورات تمثل خطرا على استقرار تونس وأمنها القومي، ونعني هنا حالة التدويل ونذر الحرب في علاقة بالأزمة الليبية، وكلها عوامل تدفع نحو التعجيل بالإعلان عن الحكومة وبالتالي القطع مع حالة الفراغ الحكومي.
لذلك فان المتوقع هو أن حكومة الحبيب الجملي، ستمر وستنال الثقة الاسبوع المقبل في البرلمان ، وهنا أن الثابت أن تتحرك النهضة بكل أجنحتها (حتى الغاضبة) لجلب الحشد السياسي والبرلماني لتمر الحكومة، وهو ما سيقرره اجتماع شورى الحركة، لان سقوطها سيكون بمثابة ضربة موجعة ل “التنظيم”.
وهذا لو حصل سيضعف النهضة الرسمية والنهضة “الاحتجاجية” على حد السواء،  وسيجعل الحركة الإسلامية  تفقد المبادرة السياسية لصالح الرئيس قيس سعيد وجماعته ، الذين يتحينون الفرصة لقلب الطاولة لا على النهضة فقط بل على الجميع .
تصعيد حكومة الجملي، لا يعني أن النهضة في غفلة مما ينتظر حكومة محسوبة عليها، فالنهضة تدرك جيدا ان سنوات حكمها القادمة ستكون في العراء وبلا غطاء سياسي، مثلما كان الحال زمن حكم الراحل الباجي قايد السبسي وحتى مع الشاهد، الذي مثل استمرارية لحكم الباجي بالنسبة للنهضويين ، قبل ان يتحول الى عبأ وفق تقديرهم الحالي، وبالتالي حان وقت القطيعة مع المرحلة التي هو طرف فيها وبرمتها.
كما تدرك النهضة أيضا، انها مقدمة على تحديات في طعم العلقم، في الداخل وفي الإقليم والخارج، لكنها مع ذلك غير مستعدة للتواجد خارج دائرة وأروقة الحكم، اذ انها تعتبر ان استمرار وجودها في النسيج المجتمعي والدولي أيضا، لا يتم الا عبر التمركز في السلطة، الذي يقتضي منها ضرورة البحث عن “توافقات” جديدة لإدارة المرحلة المقبلة.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP