الجديد

تونس: الثورة الثانية .. صعوبات وخاطر

تونس- التونسيون
نشرت مجلة Jeune afrique، في عددها المُميّز ، بتاريخ 22 ديسمبر/11جانفي2020، و الذي خصّصته “لافريقيا سنة 2020″، عادت فيه على أهم الاحداث السياسية و الاقتصادية و الثقافية، و تحدثت فيه خاصة على الآفاق الاقتصادية و الاجتماعية للقارة في افق سنة 2020.
و تعرّضت لتونس، في مقال مُطوّل، ورد في الصفحة 157، تحت عنوان، “تونس، الثورة الثانية”، و نظرا لأهمية المقال، اخترنا ان نُعيد نشر مقتطفات منه باللغة العربية.
بعد سنة 2019، التي تميزت بكونها سنة الانتخابات، حيث كان ايقاع الحياة منشدا للانتخابات الرئاسية و التشريعية، زادها درامية موت رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي – رحمه الله-. و عرفت تونس انقلابا حادا في المشهد السياسي.
الآن و قد تم غلق هذا القوس الانتخابي الطويل، فإن على تونس تحمّل هذه التغيّرات السياسية، و لكن خاصة مواجهة معضلاتها الاقتصادية. و يُمكّن خروجها في شهر اكتوبر الفارط من القائمة السوداء للدول ذات المخاطر العالية في تبييض الاموال و تمويل الارهاب، التي وضعتها فيها مجموعة العمل المالية Gafi، مؤسسات التصنيف الدولية من تحسين تصنيفها المالي، و هو ما بدأت به Fitch Ratings، التي ابقتها في ب+/ B+ في شهر جوان.
• الوضع الاقتصادي و المالي…تحسن هش
الوضعية الاقتصادية و المالية، ستكون في وضعية غير مريحة، بسبب تأخر الاصلاحات الهيكلية المنتظرة منذ 2011، و القدرة التنافسية لتونس، و رغم انها تسبق تصنيف الجزائر، تظل ثابتة في المرتبة الــ87، من جملة 141 دولة، حسب تصنيف دافوس. و بذلت السلطات التونسية مجهودات كبيرة للحفاظ على التوازنات الاقتصادية، و لكنها تظل غير كافية لتجاوز الصعوبات المالية.
شهدت تونس، سنة قياسية في الحبوب و في انتاج الزيت، و ارتفعت مداخيل القطاع السياحي، التي بلغت حولي 4.4 مليار دينار (حوالي 1.4 مليار أورو) للاشهر التسع الاولى لسنة 2019، و سياسة شجاعة و جريئة اتخذها البنك المركزي التونسي التي مكنت الدينار التونسي من التعافي – مقابل العملات الاجنبية- و هو القيمة التي انهارت – في السنوات الاخيرة-. و رغم هذه المؤشرات فإن نسبة النمو تراجعت من 2.4% سنة 2018، الى 1.5 %سنة 2019، بعيدا على نسبة 3.3% التي كانت متوقعة في قانون المالية لسنة 2019. و نجحت تونس في التحكم في نسبة التضخّم التي انخفضت من 7.3% الى 6.6% ( 5.8%في شهر جانفي 2020) من الناتج القومي الخام، فإنها لم تتحكم الا بنسبة ضئيلة في عجز الميزانية، التي بلغت 3.5% تحت ضغط كتلة أجور و خدمات دين تتجاوز 89 %من الناتج القومي الخام لسنة 2020.
• تحديات تعبئة الموارد
وحتى تتمكن من تجاوز هذه الوضعية المالية، فان الدولة التونسية تجد نفسها في مواجهة أكبر عملية تعبئة للموارد المالية، عبر دفع المؤسسات العمومية لاستئناف نشاطها، خاصة شركة الفسفاط التي لم تتمكن من بلوغ معدلات انتاج سنة 2010. و عليها في نفس السياق مراجعة صندوق دعم المواد الاساسية و الطاقة، الذي يُكبّل ميزانية الدولة. و سيُمكن دخول حقل نوارة2 الغازي للانتاج من تغطية 10% من حاجيات تونس الطاقية، وتخفيض وارداتها الطاقية خاصة من الجزائر، مع التخفيف من الضغط الطاقي على الميزانية.
• توجهات وطنية
هذا التطور الاقتصادي يدفع لتوقع اقلاع اقتصادي سنة 2020، و لكن النسيج الاقتصادي التونسي يظل هشّا، و تحت رحمة ارتفاع في سعر برميل النفط او أزمة سياسية. و في هذا المستوى، فإن الكرة هي في ملعب المجلس النيابي الجديد، حيث عليه أن ينجح، رغم وضعية التشتت التي يعرفها، في التوافق على الاولويات الوطنية لدفع الاقلاع الاقتصادي، دون اهمال ان تونس، ستكون تحت الرقابة من المؤسسات المالية الدولية، و منها صندوق النقد الدولي، أحد أهم الداعمين للاقتصاد التونسي.
• صعوبات و مخاطر
و قد يؤثّر بروز التيارات القومية و “المتطرفة”، أثره على العلاقات مع الاتحاد الاوروبي، في الوقت الذي تم فيه تعليق المفاوضات حول اتفاق الشراكة المعمق للتبادل الحر Aleca، مع ان الاتحاد الاوروبي، مكّن تونس منذ 2011، بحوالي 10 مليار أورو في شكل قروض و هبات.
في هذه السياقات تجد تونس نفسها مطالبة بالتسريع في وتيرة الاصلاحات، دون اهمال بعض الضرورات المستعجلة. و من بين هذه الضرورات ايجاد حلّ لازمة البنك الفرنسي التونسي، و الذي ذهبت فيه Cirdi، المركز الدولي لتسوية القضايا المالية الى تحميل الدولة التونسية المسؤولية، و اقتراب موعد تسوية الخطايا المالية الضخمة التي ترتفع الى آلاف الميارات، قد تؤثر بشكل كارثي على ميزانية الدولة.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP