الجديد

جدل قانون المالية: نعم للعدالة الاجتماعية .. لا "لشيطنة" راس المال الوطني  

كتب: منذر بالضيافي
عرفت مناقشة قانون المالية لسنة 2019 جدلا وصل حد “العنف اللفظي” ، خاصة من قبل بعض نواب المعارضة، الذين اتهموا الأغلبية البرلمانية خاصة كتلتي “النهضة” و “الائتلاف الوطني” المحسوبة على رئيس الحكومة، بخدمة رجال الأعمال أو ما سموهم ب “لوبيات المال”، الذين قالوا أنهم يسيطرون على السياسات الحكومية، من خلال نواب الائتلاف الحاكم.
بالمناسبة، لابد من الاشارة الى أن الجدل، وان كان قد خضع الحسم فيه لمنطق الأغلبية والأقلية، وهو تقليد متعارف عليه، ومعمول به في كل الديمقراطيات،  فان ما حصل يعبر عن حيوية البرلمان التعددي، كما يعبر ايضا عن حيوية مسار الانتقال الديمقراطي، الذي يعاني من صعوبات عديدة، خاصة في ظل رمي الأزمة الاقتصادية، التي يتوقع أن تكون لها ارتدادات اجتماعية، عبر توقع تصاعد الحراك الاحتجاجي، على  الادارة السياسية الحالية للملف الاقتصادي.
كما تجدر الاشارة، الى أن الائتلاف الحاكم الحالي، لا يخفي أنه ينتمي الى ما يعرف ب “اليمين”، الذي يشجع على المبادرة الحرة في ادارة الاقتصاد، ولعل برامجه وتصوراته تعبر خير تعبير على هذا النهج، الذي لا نبالغ في أنه يميل في كفته لصالح أرباب المال والأعمال.
وهذا ما برز من خلال التصويت على بعض الفصول في قانون المالية لسنة 2019 وهي فصول تمنح “امتيازات” لرجال المال وللأعراف عموما، وهذا لا يعني – على أهميته – خضوع لا رادة واختيارات “سلطة المال”، لدرجة الاقرار بأن قانون المالية الحالي، منحاز لفائدة الأغنياء على حساب الفقراء.
وهو قول فيه الكثير من المبالغة، على اعتبار وجود العديد من الاجراءات ذات البعد الاجتماعي، فضلا عن كونه – قانون المالية – لابد أن يعمل أيضا على تنشيط مناخ المال والأعمال، وهنا ننبه الى مخاطر السقوط في “شيطنة رجال الأعمال”.
وذلك الترويج لصراع طبقي، بين الفقراء والأغنياء، والنفخ في هذا الصراع لحد دعوة المواطنين من قبة البرلمان الى النزول للشارع، وهو ما من شأنه أن يساهم في ارباك الاستقرار الهش في تونس اليوم، زيادة على أنه قد يخلف نزوع نحو الانكماش الاقتصادي، بسبب تقلص الاستثمار الوطني خاصة، الذي هو الكفيل بخلق الثروة، وبالتالي توفير فرص العمل.
وفي الأخير، نشير الى أن البلاد اليوم، وللخروج من أزمتها الاقتصادية الصعبة والمعقدة، لابد من دعم المبادرة الوطنية الخاصة، عبر مساندة راس المال الداخلي، الذي هو مطالب أكثر من أي وقت مضى بأن ينخرط في بناء اقتصاد وطني.
وتقليص الاستنجاد بالمؤسسات الدولية في انقاذ الاقتصاد، فنحن اليوم بحاجة لرأسمال وطني، شجاع ومغامر لما لا، خصوصا وأن فئة رجال الأعمال، في غالبيتهم قد استفادت كثيرا من الامتيازات التي منحت لهم لسنوات طوال من قبل الدولة، أي من مال المجموعة الوطنية.
 
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP