الجديد

خاص// في الذكرى 35 ل "ثورة الخبز" 3 جانفي 1984 .. شهادة القيادي الطلابي سمير العبيدي

تونس- التونسيون
إثر الاعلان عن الزيادة في أسعار العجين ومشتقاته انطلقت إحداث ” ثورة الخبز” يوم 29 ديسمبر 1983 من دوز وقبلي ثم تحولت إلى قفصة و القصرين ووصلت الى اغلب مناطق البلاد ونتج عنها سقوط مئات الضحايا والجرحى. يوم غرة جانفي 1984 التقينا ( من مختلف قيادات التيارات السياسية اليسارية والقومية) في اجتماع سري في مبيت كلية الآداب بمنوبة ( غرفة 104 A ) واتفقنا على ضرورة مشاركة الحركة الطلابية في إطلاق شرارة الانتفاضة في العاصمة.

اتفقنا على تقسيم التحركات الطلابية وعدم مركزة التجمعات حتى لا تتمكن قوات الأمن من محاصرتها وافشالها ، وذلك على النحو التالي:

  • خروج طلبة كلية الآداب والطب والتصرف نحو الزهور والملاسين من باردو
  • خروج طلبة المركب الجامعي من كلية الحقوق نحو الجبل الاحمر والأحياء الشعبية
  • خروج طلبة الشريعة والصحافة ودار المعلمين العليا

■ عقدنا اجتماع تنسيقي ليلة 2 جانفي في المبيت الجامعي ب” ميتوال فيل” لتنظيم تجمع كلية الحقوق
اعددنا آلاف المناشير وقسمنا المهام بدقة ، وساهمت كل الاطراف السياسية الفاعلة في الجامعة في التحركات.
صباح يوم 3 جانفي عقدنا تجمع عام ضخم في ساحة كلية الحقوق( حوالي 3 آلاف طالب ) مع التحاق طلبة الاتجاه الإسلامي بنا، وتم الاتفاق على ان يشاركني محمد الهاشمي الحامدي رئاسة التجمع العام .  بعد الكلمات التحريضية أعطيت لآلاف الطلبة إشارة الالتحام بالجماهير الشعبية ( الشعار الرومانسي المحبب في الحركة الطلابية) في الجبل الاحمر لإشعال “الثورة”. عند وصولنا إلى ” باب العسل” سقط الشهيد الصديق فتحي فلاح (مرحلة ثالثة معهد الفلاحة / من الوطد ) برصاصة.
لكن يبدوا أن الاتجاه الاسلامي كانت له خطة أخرى وهي الالتحاق مباشرة بساحتي باب الخضراء والباساج.

نجح طلبة الآداب والطب والتصرف من ناحيتهم في ” الالتحام” ” بشعب” الملاسين والزهور . فقدنا الطالب كمال السبعي الذي اغتيل برصاصة. نجحت خطتنا في مساهمة الأحياء الشعبية في الإنتفاضة، تمكن المئات من الطلبة والمواطنين من الوصول إلى شارع الحبيب بورقيبة. حيث أقمنا تجمع خطابي أمام المسرح ..عند الظهر أطلق الرصاص وخاصة من شارع باريس وسقط الشهيد الفاضل ساسي ( من الوطد) شهيدا برصاصة في الصدر، الذي  أصبح من يومها ايقونة للنضال الشبابي. تمكن مصور مجلة( Paris Match  من أخذ صورة خالدة للفاضل وهو يسقط على الأرض ). وقد تحولت العاصمة بكاملها تقريبا إلى انتفاضة شعبية
في المساء تحولنا الى المبيت الطلابي ” ميتوال فيل” لإعداد وتنظيم التحركات وتصعيدها يوم 4 جانفي خاصة بعد سقوط ضحايا من الطلبة، في الثامنة ليلا خطب المرحوم محمد مزالي الوزير الأول متوعدا. وأعلنت حالة الطوارئ ومنع الجولان وأغلقت كل المؤسسات الجامعية والتربوية …
تنقلنا( انا و حكيم بن حمودة ) للعديد من الجهات للمساعدة على توثيق الأحداث وتحديد الضحايا في إطار إعداد تقرير رابطة حقوق الإنسان في الغرض

يوم 6 جانفي يخطب الرئيس بورقيبة :” نرجعو وين كنا ..قبل الزيادات…”
يقول العلامة بن خلدون ” ان التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الأخبار لكن في باطنه نظر وتحقيق …” بغض النظر عن مجريات الأحداث، فإنه يمكن استخلاص بعض الدروس من ” انتفاضة الخبز ” سنة 1984 من أهمها:
■ أنها كانت انتفاضة شعبية، اندلعت خارج الأطر الرسمية والسياسية والحزبية والنقابية والنخبوية (سبقت انتفاضة 14 جانفي 2011و انتفاضة السترات الصفراء في فرنسا 2018 ،وفتحت نقاشات عميقة في تونس بخصوص آليات التغيير )
■كانت المحرك الأساسي لتفجير التناقضات داخل السلطة السياسية وبداية نهاية عهد خليفة الرئيس بورقيبة المرحوم الوزير الأول محمد المزالي وبداية نهاية نظام بورقيبة نفسه
■ تأسس حزب العمال الشيوعي بقيادة حمة الهمامي (على اساس ان المرحلة جاهزة لقيادة التحول الثوري) بعد تأسيس  التجمع الاشتراكي التقدمي بقيادة نجيب الشابي سنة 1983، واتجه طلبة اليسار نحو استعادة الاتحاد العام لطلبة تونس، رغم الاختلافات حول تقييم المرحلة وشاركنا سنة 1985 في المهرجان العالمي للشباب والطلبة لتعبئة الدعم الطلابي العالمي( منذر ثابت، المرحوم توفيق الصالحي، رافع الطبيب، سمير العبيدي…) لكننا فشلنا في ذلك …
■ حسم الاتجاه الإسلامي أمره وأنجز المؤتمر التأسيسي للاتحاد العام التونسي للطلبة سنة 1985 بقيادة عبد الكريم الهاروني ،وفتح جسور التواصل( خاصة بعد إطلاق سراح قيادته من السجن) مع المعارضة الديموقراطية والليبرالية لإحداث ميزان قوى جديد في البلاد التي كانت تعيش صراع محموم على السلطة.
■ التقاء القوى الديموقراطية والليبرالية حول حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بقيادة الاستاذ احمد المستيري لإحداث التغير السياسي…
■ ترتب عن الصراع داخل السلطة محاولة ضرب وتدجين الحركة النقابية والتيارات الإسلامية واليسارية والقومية والليبرالية والطلابية…وكانت النتيجة ذات صباح يوم 7 نوفمبر 1987 …

■تطلب الوضع أكثر من عشرين سنة من الصراع الهادئ والصاخب ..الداخلي والخارجي للوصول إلى مرحلة تاريخية التي أسميها ” الانتفاضة الشعبية التي انتجت ثورة ديموقراطية سنة 2011 ” رغم وجود تيارات وقيادات دستورية إصلاحية حاولت الإصلاح من الداخل على امتداد أكثر من نصف قرن لكنها لم تنجح في تغيير موازين القوى من الداخل
البعض من قيادات الحركة الطلابية أو ما يسمى ” جيل الثمانينات ” المعارض للسلطة ( المعذرة عن نسيان العديد…)

  • الوطنيون الديموقراطيون( الوطد): رضا المكى ( لينين) محمد الهادفي، سفيان بن فرحات، سمير بالطيب، منصف العياري ( الطبيب)، علي ماركس، منجي المعلم، رضا السلامي، مراد السلامي، انيسة السلامي، صلاح الوريمي، كمال القفصي، المرحوم منير الجندوبي، شاكر…،كلثوم كنو، سالم كارلوس، محرز الهمامي، عزالدين برهومي مطة، الشهيد شكري بالعيد ،محسن مرزوق، الطيب العقيلي، هاشمي نويرة، المرحوم سنان العزابي…
  • اليسار المستقل: سمير العبيدي ،حكيم بن حمودة، روضة العبيدي، الفة لملوم، عبدالعزيز الجزيري، جوهر بن مبارك، أنور بن قدور…
  • النقابيون الثوريون: عصام الشابي، المرحومة مية الجريبي، الحبيب بوعوني، عبد المؤمن بالعانس، شفيق العيادي، عفيف محمد الهادي العصفور ،المرحوم توفيق الصالحي، فائزة الطرابلسي خوجة، نوفل الزيادي، صلاح النصيري، المرحوم الطاهر قرقورة، عبد القادر حمدوني، سمير حمودة، حسان التوكابري …
  • الإتجاه الإسلامي: نورالدين البحيري، الهاشمي حامدي، عبد الحميد الجلاصي، كمال بن يونس، عبد الكريم الهاروني، عجمي الوريمي، عبد اللطيف المكي، محمد القوماني، رفيق عبد السلام، عامر العريض، نجم الدين الحمروني، سعاد عبد الرحيم، عادل الثابتي …
  • التروتسكيون : منذر ثابت، عبد المجيد المسلمي، الإمام بن جدو، طارق المحضاوي، أحلام بالحاج، خليفة بن سالم…
  • الطليعة الطلابية ( البعث): خيرالدين الصوابني، ياسين…،المرحوم عزالدين التليلي، منصف ربيع،أحمد الصديق،…
  • الطلبة العرب الوحدويون( الناصريون): عمران المدوري، عبد السلام بوعائشة، سالم لبيض، الشهيد محمد الابراهمي، علي عواينية…
  • نقابيون وطنيون : حمادي العش، ماهر حنين، نجيب بن حميدة، هندة بن يحي، عادل النقطي…
  • الطلبة الشيوعيون( الحزب الشيوعي): حاتم الشعبوني، رافع الطبيب، عادل الشاوش…
  • المود: حاتم الفقيه، خليل الرقيق، خالد كرونة، فوزي…
  • الإسلاميين التقدميين: الحبيب بوعجيلة، هشام الحاجي، عبد الحي بولعراس…
  • الشبيبة الشيوعية: محمد الاسود

  • القاعديون التقدميون : عبدالعزيز الجزيري، بثينة قويعة، مراد الحكيري، فؤاد بن عبدالله…
  • وطبعا فرقة البحث الموسيقى وأولاد المناجم والحمائم البيض والشاعر أولاد أحمد وآدم فتحي و بلقاسم اليعقوبي وكمال غالي وعبد الجبار العش …

** 14 جانفي 2014 كنت في الصف الآخر بعد انهيار كل محاولات الإصلاح من الداخل…
 
التفاصيل وغيرها من الاحداث في كتاب قادم …الصور حصرية بمناسبة تجمعات يوم الشهيد الطلابي لانتفاضة 3 جانفي 1984
 

هشام الحاجي [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP