الجديد

رئاسيات 2019.. مخاوف في الطريق

خديجة زروق
لا يختلف المتابعون في التأكيد على ان للديمقراطية  بوصفها مسارا متعدد الابعاد عدة شروط يتعين توفرها على المستويات الاجرائية و المؤسساتية و القانونية . و يضاف الى ذلك جانب نفسي و اجتماعي و يتمثل في انتشار حالة من الثقة في المستقبل و التفاؤل بانه افضل من الحاضر.
هذه الحالة هي التي تفسر نسبة الاقبال القياسية من حيث عدد المقترعين و المقترعات على انتخابات المجلس الوطني التأسيسي سنة 2011 و يفسر تقلصها تراجع عدد المقترعين و المقترعات في انتخابات 2014 .
لا شك ان السياق النفسي الحالي قد يلعب دورا في الاستعداد للانتخابات الرئاسية و التشريعية التي سينطلق مسارها بعد ايام . و ما يلاحظ في هذا المستوى تقلص الايمان بغد افضل الى حد كبير و تصاعد الحنين الى الماضي و الحنين لا يمنح قوة دفع للمستقبل و لا يساهم باي شكل من الاشكال في خلق ديناميكية تعبئة سياسية .
و تراجع المشاركة الشعبية عبر الية الانتخاب يؤدي الى اضعاف المؤسسات و انهاكها لأنه دليل قطيعة مع الطبقة السياسية و مؤشر على وجود خيبة امل شعبية . و تعتبر القطيعة بين النخب الفكرية و المجتمع اكبر خطر يهدد التجربة الديمقراطية الناشئة لأنه مؤشر على فقدان الثقة و على اهتراء المصداقية
كلما ازدادت الاستقالة من الشأن العام كلما تنامت امكانية حصول “مفاجات ” انتخابية سواء في الاستحقاق الرئاسي او التشريعي و هو ما يعني امكانية فوز شخصيات او تيارات شعبوية في منعرج مهم لتجربة الانتقال الديمقراطي التونسي المدعوة لان تكرس حدا ادنى من ثبات المؤسسات و استقرارها .
لكن الشعبوية في السياسة هي ايهام بحلول و توجه للادراك و المخيال اكثر مما هي اشتغال حقيقي على المشاكل و المعضلات و هو ما يعني انها قد تفاقم المشاكل التي جاءت لحلها و قد تكون الغطاء الذي يوظفه اصحابها للإيهام من اجل تحقيق مصالح ذاتية او فئوية.
و حين نضيف الى ذلك حالة الضعف التي اصابت بدرجات متفاوتة كل الاحزاب السياسية يصبح التخوف من عدم امكانية بروز اغلبية قادرة على تشكيل حكومة تخوفا مشروعا و هو ما قد يفتح الباب امام اللجوء الى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها تخوفا مشروعا و احتمالا يضاعف المخاوف المرتبطة بالانتخابات  و هي مخاوف تغذيها ايضا حالة الانغماس تدريجيا في منطق الصراع الشخصي و احيانا الجهوي على حساب البرامج و هو ما قد يؤدي الى توترات مجانية يمكن ان يستغلها البعض لمحاولة اعاقة المسار الانتخابي الذي لا يجب ان ننسى انه يتنزل في سياق اقليمي صعب بالنسبة لبلادنا .
و من بين المخاوف التي قد لا تسندها الوقائع و لكنها تؤثر على مشاعر الناخبين و توجهاتهم دور اجهزة السلطة التنفيذية و درجة حيادها و هي المخاوف التي عادت الى السطح.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP