الجديد

سليم العزابي .. رجل مهم, و لكن؟

المهدي عبد الجواد
لا أحد كان يعرف سليم العزابي في عالم الأحزاب و السياسة،  انضم الى “نداء تونس ” في موجة وطنية للالتحاق بحزب كانت كل الدراسات و مراكز البحث تبوؤه للفوز بالانتخابات التشريعية و الرئاسية لسنة 2014. قبلها لم يكن سليم العزابي يعني للمتبعين و لنشطاء السياسة شيئا،  شكل مع صديقه يوسف الشاهد، و بعض اصدقاء الدراسة حزبا، بُعيد الثورة، انضموا به الى القطب الديمقراطي التقدمي.
ثم حمل و أصحابه نفس الهاجس و الحزب لينضم به الى الحزب الديمقراطي التقدمي في مؤتمره التوحيدي في سوسة. مؤتمر توحيدي انشق عنه أغلب نواب الحزب. ثم في حركة استعراضية و انتخابية نجح الباجي قايد السبسي في استمالة القيادات الجمهورية للانضمام الى نداء تونس، ذات ربيع من سنة 2013، و كان السيد سليم العزابي من اهمها، و تم الحاقه مباشرة بالمكتب التنفيذي لنداء تونس.
لم يكن السيد سليم، من القيادات البارزة في “نداء تونس” و لا من الوجوه الإعلامية المألوفة، و لكنه كان موجودا،. هذا الفتي سليل العائلة الارستقراطية “البلدية” المعروفة من قربها من الباجي قايد السبسي، هذا ما يفسر  سرعان ما تم الالتجاء اليه، ليتم تعيينه مديرا تنفيذيا للحملة الانتخابية الرئاسية للباجي قايد السبسي.
تسمية لم يكن اغلب الندائيين يتوقعونها، و لكن فراسة الباجي قايد السبسي، لم تخب، حيث مكن سليم العزابي الحملة الانتخابية للباجي، مما كانت تحتاجه من دقة و عمق و صلابة… و لكن العزابي حافظ على هدوئه بعد الفوز الانتخابي، و لم يظهر للإعلام.
تم تعيين  سليم العزابي مستشارا للرئيس، و لكنه فضل ان يكون رجلا في الظل. حيث حافظ على وفائه للسيد الرئيس، و لمشروعه السياسي نداء تونس، و لم يخرج للإعلام في كل مراحل الصراع السياسي التي شهدها نداء تونس.
و تم لذلك ترشيحه ليحتل صفة امين “سر الرئيس”، إذ عُيّن وزيرا مديرا للديوان الرئاسي للرئيس الباجي قايد السبسي. كانت مرحلة مهمة، تعلّم منها هذا الشاب الاربعيني أبجديات اللباقة الديبلوماسية و الرصانة و الحكمة السياسية من الباجي قايد السبسي. رصانة انعكست في خطابات الوزير الشاب أمام البرلمان اثناء مناقشة ميزانية رئاسة الجمهورية، و حكمة بدت في رفض الوزير الشاب اية مشاركة علنية في الصراعات التي عرفها نداء تونس، و عرفتها البلاد، بل ان كل التقارير تقول انه كان محل ثقة رئيس الجمهورية، و انه كان عاملا مهما و محددا في ترشيح صديقه – يوسف الشاهد – لرئاسة الحكومة، لقد كانت عملية دالة على ثقة عميقة بين الباجي و سليم العزابي.
و عندما اشتد الضغط الإعلامي، و التجاذب الحزبي و السياسي، حول تموقع  سليم العزابي، في علاقة بمعركة صديقه يوسف الشاهد مع معلمه الباجي قايد السبسي، فضل العزابي و بكثير من “النبل السياسي”، الاستقالة من منصب مدير ديوان الباجي قايد السبسي، و في صمت غادر أم المناصب السياسية، حاملا معه تجربة عميقة و دروسا في السياسة و الديبلوماسية تعلمها من مصاحبته للباجي قايد السبسي.
و يبدو ان “التعلّمات” التي اكتسبها من مرافقة السبسي، جعلته يكون الرجل الثاني في حزب السيد الشاهد. هو الرجل الثاني عمليا و قانونيا، و لكنه الرجل الأول واقعيا. فقد اكتشف التونسيون و التونسيات السيد سليم العزابي، شابا رياضي المظهر يجوب الولايات من الشمال الى الوسط الى الجنوب، للتبشير بمشروع صديقه يوسف الشاهد الحزبي و السياسي، يُدافع على حصيلة اقتصادية ضعيفة، و على منجزات سياسية اضعف. وضعية كان يُمكنه ان يكون في غنى عنها، لكن الوفاء للصادقة عند العزابي كان أهم.
سليم العزابي، خرج من عباءة الباجي، و لكنه رفض اية عملية تعريض به، او حديث عنه، بل انه نآى بنفسه عن التعليق على مدير الديوان الرئاسي قبله. سلاسة في اللغة، ووضوح في الطروحات و ثقة في النفس، هي بعض صفات السيد سليم العزابي، الذي يُفترض به أن يكون الأول في كل مشروع لا الثاني فيه.
سليم العزابي… كان رجل الرئيس في الانتخابات و رجله في القصر، و هو اليوم رجل الشاهد في المشروع الجديد، بل انه علامته و شرط نجاحه…. نجح في كل مهماته مع الباجي، و نجح الى هذه اللحظة في ضمان الدعم لصديقه. رجل وفيُ، فصيح في الاعلام، يوحي بالثقة في التحاور. على اطلاع بواقع تونس و بمشاكلها، فالي متى سيرضى بمرتبة الرجل الثاني؟
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP