الجديد

في ظل تمدد الأزمة السياسية والانهيار الاقتصادي .. تونس الى أين؟

منذر بالضيافي

تجمع كل مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية المحكمة على أن الوضع في تونس هش بل وهش جدا. و حتى بعد تنظيم انتخابات، وتشكيل حكومة ائتلافية، ووجود رئيس منتخب من قبل الشعب، فان الأوضاع ازدادت سوءا عما كانت عليه في السابق، في ظل برلمان مشتت ورئيس جمهورية بلا برنامج ويفتقد للخبرة في ادارة الدولة وتسييرها وفي مجال العلاقات الدولية والدبلوماسية، ما جعل سياسة البلاد الخارجية في تقهقر، وجعل من تونس بلد في وضعية عزلة اقليمية ودولية.

تعيش البلاد اليوم أزمة اقتصادية غير مسبوقة، فكل المؤشرات أصبحت حمراء بل تجاوزت هذا اللون، ما جعل العديد من الخبراء وأيضا في الحكم يتخوفون من شبح الافلاس، لتجد القيادة السياسية الحالية، التي تعاني من القطيعة  في ما بينها ، بفعل الصراع بين أجنحتها، هذا الصراع الذي رمي بظلاله على مؤسسات الدولة، وأصبح ينذرلا بشبح “تفكك” الدولة وما يعني ذلك من تهديد لوحدة واستقرار المجتمع.

كما أثر الوضع الداخلي الذي لا نبالغ بوصفه ب “المخيف”، أيضا و بصفة سلبية  على علاقات تونس في الخارج وصورتها رين الأمم، وهو وضع ستدفع البلاد تكلفته، وهو ما برز من خلال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أذ اثر تفكك الجبهة الداخلية على “مصداقية” و صورة بلادنا.

وما يحز في النفس – و للأسف – فان  كل هذه المعطيات “الكارثية”، نلاحظ وأنها غائبة في ما نقرأ ونسمع ونشاهد في خطبنا الاعلامي، الذي استمر في الاهتمام بالصراع العبثي حول السلطة، ولم ينجح في فتح باب الحوار والنقاش حول القضايا الحقيقية التي تهم حياة الناس ومستقبل البلاد واستقرار، وكذلك استمرارية المرافق الأساسية، نظرا لضعف الدولة.

و هذا ليس مستغربا بالنسبة لإعلام،  يعرف ضعفا بنيويا،  من حيث الافتقاد الى الكفاءات والتكوين وغياب المؤسسات، حيث أن جلها ان لم يكن كلها مجرد “دكاكين”.

كما يغيب  التشخيص الجدي بعيدا عن “الكليشيهات” المتداولة للاستهلاك الاعلامي والسياسي،  في الخطاب السياسي الرسمي والمعارض على حد السواء، وأيضا لدي صانعي القرار في مختلف المستويات (الحكومة).

وهنا نلاحظ وأنه برغم “هول المشهد”،  فان الطبقة الحاكمة ما تزال تسير البلاد بشكل “رعواني” ووفق منهج “كل نهار ونهارو”. فماذا ننتظر من نخبة عاجزة عن فهم ما يجري في رحم المجتمع، قطعا ستكون غير قادرة على تشخيص هذا الوضع وبالتالي على تقديم الحلول المناسبة للخروج من الأزمة.

وهنا أؤكد ومن موقع المطلع والفاهم وبعيدا عن مقاربة “البوز” التي انتهجها  اعلام  ضعيف،  و الذي تحول الى جزء من الأزمة، أن “النخبة” سواء في الحكم أو في المعارضة في حالة “صدمة” في التعاطي مع وضع البلاد.

فهي في حالة عجز، نظرا لكونها لا تمتلك لا الرؤية ولا الحلول ولا أيضا التجربة، وهذا حال كل الحكومات التي تداولت على حكم البلاد، بعد 14 جانفي 2011، لنجد اليوم أنفسنا عند حصيلة عشرية كارثية، واللافت والمخيف هو تمدد الأزمة السياسية، التي تحولت الى حرب ضروس حول السلطة، بين ما يسمى ب “الرئاسات الثلاث” ( الجمهورية، الحكومة والبرلمان).

ان الصراع العبثي الذي تعرفه بلادنا على السلطة، و بسبب غياب ثقافة الديمقراطية والهوس بالسلطة/ الحكم ،ينذر بالتحول الى مدمر للبلاد، و لنا شواهد عديدة  في تاريخ الأمم و خاصة في عالمنا العربي. ما يجري اليوم، لا يخرج كونه صراع محموم على السلطة، والذي يجد ترجمه له في الصراع المفتوح بين الرئيس سعيد وزعيم النهضة الغنوشي، فكلاهما متعطش للحكم الفردي ومركزة كل السلطات في شخصه، ولا يمتلك أيا منهما تصورات لانقاذ البلاد.

وكان – هذا الصراع – يكون طبيعيا وعاديا، شريطة لو تم الاحتكام فيه للقانون والدستور وثوابت الديموقراطية، وهذا – للأسف- غير متوفر في وضعنا التونسي الحالي، في ظل تفرد رئيس الجمهورية بشرح وتأويل الدستور، ورفض تشكيل المحكمة الدستورية، وتمترس الاسلاميين بالأغلبية البرلمانية، وبتسيير البرلمان كما لو أنه “شورى” النهضة.

ولعل اللافت للانتباه، ان الصراع حول السلطة، يمكن أن ينزلق نحو المحظور، ولعل بعض المؤشرات التي برزت للسطح مؤخرا، على غرار  الوثيقة المسربة حول الانقلاب، التلويح بالفصل 80 من الدستور و البيان الصادر عن عدد من العسكريين، كلها قد تمثل “خميرة”  قد تدفع بالبلاد نحو المجهول.

 

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP