الجديد

هشام المشيشي .. رئيس حكومة من خارج “الفتية الذهبيين”

هشام الحاجي

يصعب إلى حد كبير إبداء رأي موضوعي في حكومة تشكلت في مناخ من التجاذبات السياسية الحادة و مناورات الكواليس التي هيمنت إلى آخر اللحظات التي سبقت الإعلان عنها و لم يعرف عن أغلب أعضائها نشاط سياسي سابق بما يسمح بتقييمهم موضوعيا.

و هذا يعني أن حكومة هشام المشيشي هي حكومة ” التجديد ” في عدة مجالات لعل من بينها توقيت الإعلان عنها إذ تم ذلك في اللحظات الأخيرة من الآجال الدستورية و في الساعات الأخيرة من الليل.

و هو أمر غير مسبوق في تاريخ الإعلان عن تركيبة الحكومات حتى و إن تزامن مع ” تقليد ” معروف و هو غياب إحترام التوقيت و من هنا يمكن أن يطرح سؤالان..لماذا إنتظار اللحظات الأخيرة للإعلان عن الحكومة؟ و هل هو استجابة لضغوط الكواليس أم تلاف سريع لسوء احتساب الآجال الدستورية ؟؟.

السؤال الأهم الذي قد يطرح حول القدرات الذاتية لرئيسها خاصة و أن التركة ثقيلة و الوضع صعب و دقيق و هل أنه سيقطع مع أساليب سابقيه أم سيكون امتدادا في الفشل و توظيف الدولة للحساب الذاتي ليوسف الشاهد و إلياس الفخفاخ ؟

قد يكون عدم احتسابه من ” الفتية الذهبيين ” حافزا للقطع مع أساليبهم و لكن هل يمتلك من الشجاعة و قوة الشخصية ما يجعله يتصرف كرجل دولة و ما هو برنامجه للخروج من أزمة قد تعصف باركان الدولة و أسس العيش المشترك. ؟

هشام المشيشي هو أفضل تجسيد لمقولة ” حكومة الرئيس ” و هو ما يطرح سؤالا عن طبيعة العلاقة التي سيقيمها مع رئيس الجمهورية فهل سيكون رئيس حكومة يحافظ على استقلاليته أم أول وزير أم وزير أول في الجمهورية الثانية ؟؟.

لا شك أن الجانب الأهم من الأسئلة يرتبط بقدرة هذه الحكومة على ” السباحة ” في بحر الحسابات السياسوية و الإعداد للمستقبل بالنسبة لأغلب الأحزاب. ذلك أنها ترث شاءت أم أبت كل سلبيات الصراع المعلن بين رئيس الجمهورية و المنظومة الحالية و أهم الأحزاب السياسية الفاعلة فيها .

و هي التي اعتبرت أن ابعادها من الحكومة هو بداية ” انقلاب ” على الدستور و الإرادة الشعبية، و هو ما يجعلها في تناقض جوهري مع حكومة المشيشي و هو ما يعني أنها قد تمنحها ثقة شكلية في مجلس نواب الشعب و لكنها لن تيسر عملها في ما بعد و هو ما قد يضع صعوبات أخرى أمام حكومة تشكو من ” تخمة ” في الصعوبات و قد يجعلها في وضع مواجهة مع المنظومة الحزبية فكيف ستتصرف ؟.

لا يمكن في كل حكومات العالم تجنب السؤال عن أمرين و هما من هي الأطراف النافذة التي تقف وراء إختيار أعضاء الحكومة و ما هي قدرة كل حكومة على الحد في ما بعد من ميل هذه الأطراف للاستفادة من دعمها لمن نالوا حقائب وزارية.

انحدار أغلب أعضاء حكومة هشام المشيشي من المدرسة القومية للإدارة و من العائلة الموسعة للعدالة يكشف دورا كبيرا لرئيس الجمهورية قيس سعيد و لرئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي في إختيار أعضاء الحكومة، دون أن نغفل عن “اللمسة” الحاضرة بقوة للاتحاد العام التونسي للشغل.

و لعل النقطة القوية هي خلوا الوزراء المقترحين من “الشبهات” خاصة المتصلة بالفساد الذي تحول في السنوات الأخيرة الى “رياضة وطنية” لعل من ابرز عناوينها انه أسقط الفخفاخ وحكومته.

عدم تعلق شبهات فساد – الى حد الان – بالوزراء المقترحين مؤشر ايجابي و لكن هل يملك هؤلاء الملتحقون حديثا بالسلطة و السياسة من قوة الشخصية ما يجعلهم قادرين على مواجهة لوبيات تغولت إلى حد جعل البعض يحذر من خطر الوقوع في حكم العصابات  و اللوبيات؟

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP