إصدار بطاقة جلب دولية في شأن الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي .. تفاعلات سياسيين: رفض ومطالبة بسحبها
تونس- التونسيون
أعلن مكتب الإتصال بالمحكمة الإبتدائية بتونس، أن قاضي التحقيق المتعهد بملف محمد المنصف المرزوقي (رئيس الجمهورية الأسبق)، تولى إصدار بطاقة جلب دولية في شأنه.
وكان منصف المرزوقي، الذي تولى رئاسة الجمهورية بين عامي 2011 و2014، عبّر في تدخّل تلفزي يوم 12 أكتوبر 2021 على قناة “فرانس 24 ” عن مشاعر فخره على إثر قرار المجلس الدائم للفرنكوفونية، المنعقد قبل ذلك والذي أوصى بتأجيل عقد القمة الفرنكوفونية بعام، بعد أن كان من المزمع تنظيمها في تونس يومي 20 و21 نوفمبر 2021 بجزيرة جربة.
وعلى إثر هذه الحادثة طلب رئيس الدولة، قيس سعيّد، لدى إشرافه يوم 14 أكتوبر الماضي، على أول اجتماع لمجلس الوزراء، من وزيرة العدل، بأن “تفتح تحقيقا قضائيا في حق من يتآمرون على تونس في الخارج”، مشددا على أنه “لن يقبل بأن توضع سيادة تونس على طاولة المفاوضات، فالسيادة للشعب وحده”.
وأضاف الرئيس خلال ذلك الإجتماع قوله: “إن من يتآمر على تونس في الخارج يجب أن توجه له تهمة التآمر على أمن الدولة في الداخل والخارج”.
وقد أفاد الناطق الرسمي باسم محكمة الاستئناف، الحبيب الترخاني، يوم 15 أكتوبر 2021، فتح بحث تحقيقي بخصوص التصريحات الصادرة عن رئيس الجمهورية الأسبق، منصف المرزوقي، في فرنسا.
وبيّن الترخاني في تصريح سابق لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أنه تم فتح البحث التحقيقي، استنادا إلى الفصل 23 من المجلة الجزائية، وبناء على الإذن الصادر من وزيرة العدل وبعد أن أذن الوكيل العام بمحكمة الاستئناف لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية.
وينص الفصل 23 من المجلة الجزائية على أنه “لكاتب الدولة للعدل أن يبلغ إلى الوكيل العام للجمهورية الجرائم التي يحصل له العلم بها وأن يأذنه بإجراء التتبعات سواء بنفسه أو بواسطة من يكلفه أو بأن يقدم إلى المحكمة المختصة الملحوظات الكتابية التي يرى كاتب الدولة للعدل من المناسب تقديمها”.
من جهة أخرى، قدّم عدد من المحامين، يوم 14 أكتوبر 2021، شكوى جزائيّة ضد الرئيس المؤقّت السابق، منصف المرزوقي، تضمنت “طلب فتح بحث جزائي ضده وكلّ من سيكشف عنه البحث من أجل ارتكابه لجريمة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي” وفق نصّ الشكاية.
وفي متابعة ورصد لتفاعلات السياسيين ورجال القانون ننشر بعض ما نشر في مواقع التواصل الاجتماعي ردا على قرار بطاقة الجلب الدولية في شأن الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي.
أحمد نجيب الشابي … يدعو الى سحب بطاقة الجلب
“سيدي قاضي التحقيق،
احترمكم واجل وظيفتكم وأقر بانه من صميم اختصاصكم اصدار بطاقات الجلب في كنف احترام القانون ووفقا لوجدانكم الخالص.
لكن معذرة سيدي الرئيس، إذ توجد بيننا وبينكم مساحة مشتركة نتساوى فيها الا وهي مساحة المواطنة. انكم تقضون باسم الشعب ونحن من افراد الشعب الذين يحق لهم ابداء الرأي فيما تقضون به.
انها لوصمة في جبين الشعب التونسي وفي جبين الدولة التونسية أن تصدر بطاقة جلب دولية في حق مواطن من اجل جريمة رأي، فما بالك ان يكون هذا المواطن رئيسا سابقا للدولة التونسية، رمز اليها ومثلها في المنتظم الدولي وسهر على امنها وسلامتها، مهما كان موقفنا السياسي منه.
نحن نعلم والعالم يعلم ان التتبع الذي تعهدتم به في حق الدكتور المرزوقي جاء بأمر من رئيس الدولة خلال اجتماع مجلس الوزراء الذي كيف الجريمة واعتبرها خيانة عظمى واذن بتتبعها بناء على تصريح للدكتور المرزوقي رحب فيه بتأجيل قمة الفرنكفونية في ضل الأوضاع السياسية المضطربة التي تجتازها تونس.
إن ما صرح به الدكتور المرزوقي رأي وموقف سياسي، اتفقنا معه ام خالفناه، وعالمنا المعاصر لا يقاضي البشر من اجل آرائهم او مواقفهم السياسية.
إن بطاقة الجلب الدولية التي اصدرتموها لن يكون لها أدنى أثر سوى الاساءة الى صورة القضاء التونسي والنيل من مصداقية الدولة التونسية، إذ سبق للقضاء الفرنسي مرتين في قضية الطاهر الماطري وبلحسن الطرابلسي وللقضاء اليوناني من بعده في قضية سليم الرياحي ان رفضا تسليمهم الى السلطة التونسية معتبرين في حيثيات قراراتهم ان شروط المحاكمة العادلة لا تتوفر لدى القضاء التونسي.
إن البطاقة التي اصدرتموها لن تزيد سوى تعزيز هذه النظرة المشينة.
لذلك اطلب منكم سيدي الرئيس ان تسحبوا بطاقة الجلب التي اصدرتموها وان تحفظوا ملف القضية حماية لاستقلال القضاء من تدخل السلطة التنفيذية وصونا لحقوق وحريات المواطنين التونسيين من بأس المستبدين وحفاضا على صورة تونس في المحافل الدولية.
كل التضامن مع الدكتور المرزوقي في هذه المحنة الجديدة التي يتعرض لها
وان بعد العسر يسرا.”.
الفهري: منعرج خطير
اعتبر وزير الاتصال الرقمي وتكنولوجيات الاتصال الأسبق محمد نعمان الفهري، في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنّ إصدار بطاقة جلب دولية في حق رئيس الجمهورية الأسبق، المنصف المرزوقي، تُعتبر “منعرجا خطيرا جدّا ولا يمكن السكوت عنه”، وفق تقديره.
يُذكر أنّ مكتب الإتصال بالمحكمة الإبتدائية بتونس، كان قد أعلن أمس الخميس أن قاضي التحقيق المتعهد بملف محمد المنصف المرزوقي، تولى إصدار بطاقة جلب دولية في شأنه.
الفرشيشي: إصدار بطاقة جلب دوليّة ضد المرزوقي مُشينة
اعتبر أستاذ القانون ورئيس الجمعية التونسية للدفاع على الحريات الفردية، وحيد الفرشيشي، إصدار بطاقة جلب دوليّة ضد رئيس الجمهورية الأسبق محمد المنصف المرزوقي مسـألة مُشينة.
وقال وحيد الفرشيشي، في تصريح “لشمس آف آم”، أن التهم الموجّهة للمرزوقي تتعلق بحريّة التعبير التي يكفلها الدستور في بابه الثاني والذي لم يعلق رئيس الجمهورية قيس سعيد العمل به، مشيرا إلى أن المسألة تتعلق بحرية التعبير وليس مكان التصريحات التي أدلى بها المرزوقي في الداخل أو في الخارج، مشددا على أن منع المواطنين من التعبير مسألة خطيرة جدا وفي حال تم ضرب حرية التعبير فإنه سيتم ضرب جميع الحريات.
وتابع قائلا، أن آلاف التونسيين ليسوا مع رئيس الجمهورية في قراراته التي أعلن عنها، وهم مع تأجيل قمة الفرنكفونية في جربة وفي هذه الحالة يجب إصدار بطاقات ضدهم جميعا.
هذا وعبر الفرنشيشي عن أمله في تراجع قاضي التحقيق عن هذه الممارسات.
عبد الجبار المدوري .. قرار سياسي وليس قضائي
إصدار بطاقة جلب في حق المنصف المرزوقي هو قرار سياسي اتخذه قيس سعيد وليس قرارا قضائيا وهذه الخطوة تعتبر انتهاكا صارخا لاستقلالية القضاء وتوظيفه في الخلافات السياسية…
إن قيس سعيد ارتكب خطأ فادحا بإصدار بطاقة جلب في حق مواطن تونسي عبر عن رأيه ومارس حقوقه السياسية في معارضة السلطة القائمة بطريقة سلمية وقانونية… وعندما يكون هذا المواطن هو المنصف المرزوقي الخبير في العمل الحقوقي والجمعياتي وذو التجربة الطويلة في مقاومة الاستبداد فإن قيس سعيد سيكون هو الخاسر في الصراع معه…
لقد عرفت المنصف المرزوقي عن قرب قبل الثورة وكنت ألتقيه في بعض الملتقيات أو التظاهرات أو الاجتماعات السرية وكانت قناعتي أن هذا الرجل لا يصلح للسياسة بقدر ما يصلح للعمل الجمعياتي وخاصة في مجال حقوق الإنسان… في اعتقادي أن المنصف المرزوقي وجد نفسه “مجبرا” على ممارسة السياسة مثله مثل العديد من المثقفين والمبدعين والحقوقيين لأن الاستبداد هو الذي يدفعك أحيانا للمواجهة والمقاومة وبالتالي الانحراط المباشر في العمل السياسي من منطق المواجهة مع السلطة السياسية… المنصف المرزوقي ما كان ليكون سياسيا لو نشأ في مجتمع ديمقراطي ولاكتفى في نظري بالعمل الجمعياتي والعلمي…
ومهما اختلفنا مع هذا الرجل فإنه يبقى علامة بارزة في النضال الحقوقي والسياسي في تونس وخاصة في مقاومته لنظام زين العابدين بن علي وكان سندا لضحايا الاستبداد ومنتصرا لقيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ومعروفا بطيبته وتسامحه وأخلاقه العالية… وحتى عند توليه لرئاسة الجمهورية بعد الثورة فإنه حافظ على هذه الصفات وبقي وفيا لمبادئ الثورة خاصة في مجال القطع مع منظومة الاستبداد والفساد وهو ما خلق له عداوات عديدة مع لوبيات الاستبداد وعطل إلى حد ما نشاطه وبرنامجه الرئاسي…
النقطة السوداء التي رافقت مسيرته الرئاسية هي خضوعه لبعض القوى الإقليمية مثل تركيا وقطر وموقفه من الإرهاب ومن سوريا بعد أن فشلت فيها الثورة وأصبحت مرتعا للإرهاب والتدخل الخارجي…
المرزوقي يعلق .. قيس سعيد سيُغادر قصر قرطاج في اتجاه السجن
علق المنصف المرزوقي الرئيس الاسبق المؤقت على اصدار بطاقة جلب دولية في حقه واتهامه بالخيانة من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد معتبرا انه “لا خائن الا من حنث بقسمه وانقلب على الدستور الذي اوصله للحكم “مستنكرا تجاسر من وصفه بالدكتاتور الثالث (في اشارة الى قيس سعيد) باتهامه بالخيانة متوقعا ان يغادر الاخير قصر قرطاج في اتجاه السجن او مستشفى الامراض العقلية.
وكتب المرزوقي في تدوينة نشرها مساء يوم امس الخميس 4 نوفمبر 2021 على صفحته بموقع فايسبوك “خرجت يوما من قصر قرطاج إلى بيتي معززا مكرما بعد أن رفعت اسم تونس وثورتها في كل المحافل الدولية بعد أن حميت الحقوق والحريات وحافظت على المال العام وحاولت ما استطعت جمع التونسيين وفتحت القصر لعامة الناس ولعشرين ألف طفل وأعددت لتونس برامج لمواجهة تحولات المناخ التي ستهدد الأجيال القادمة وسلّحت الجيش وأمرت الأمن الرئاسي بحماية خصومي واسترجعت قسما من الأموال المنهوبة وحاربت الفساد قولا وفعلا فأسقطني الفساد.”
واضاف “..وكان لي شرف إمهار أول دستور ديمقراطي في تاريخ تونس وهذا الدكتاتور الثالث الذي ابتليت به تونس يتجاسر على اتهامي بالخيانة! لا خائن إلا من حنث بقسمه وانقلب على الدستور الذي اوصله للحكم وورط البلاد في أزمة غير مسبوقة وجعل من بلادنا مرتعا لبلدان محور الشرّ. “
وتابع “لذلك لن يخرج من قرطاج طال الزمان أو قصر لا للإقامة الجبرية في بيته مثل بورقيبة ولا فرارا للمنفى مثل بن علي… الأرجح للسجن أو لمستشفى الأمراض العقلية…. ولا بدّ لليل أن ينجلي”.
Comments