الجديد

برهان غليون يكتب: “اسقاط مشروع وقف النار في غزة .. سقوط أخلاقي مدو للإدارة الامريكية”

برهان غليون

تدخل الحرب الإسرائيلية في غزة يومها الرابع والستين، ولا يبدو أن أوزارها سيخبو قريبا لاسيما وأن واشنطن تدعم تل أبيب سياسيا وعسكريا، آخر فصول هذا الدعم كان في استخدام أمريكا لحق النقض – الفيتو – على مشروع قدمته الإمارات لمجلس الأمن يدعو إلى وقف إنساني فوري لإطلاق النار، وهو ما اعتبره عالم الاجتماع والمفكر السوري برهان غليون في تدوينة له على موقع فيسبوك بمثابة “سقوط أخلاقي مدو للادارة الأمريكية” .. في ما يلي تدوينة غليون:

إن وضع واشنطن فيتو ضد قرار يدعو لوقف النار في غزة بعد شهرين من حرب لا يتردد الرأي العام العالمي عن وسمها بحرب الاب-ادة هو إدانة من قبل أكبر قوة عالمية بالموت على مئات آلاف البشر، والتعبير عن روح الانتقام وارادة اذلال شعب كامل والتنكيل به ودفع حكومة اسرائيل الى الاستمرار في نهج العنصرية والتشجيع على الكراهية.

وهي توجه بهذا الفيتو طعنة قاتلة لمنظومة المجتمع الدولي وللقانون الانساني وتضع السلام العالمي على كف عفريت وتقدم الدليل على انهيارها الأخلاقي وشرعية ادعائها احتكار القرار الدولي والقيادة العالمية بذريعة الحفاظ على الأمن والسلام العالميين.

لقد أثبت الفيتو الامريكي أن الحرب هي بالأساس حرب الولايات المتحدة ضد الشعب الفلسط يني وما تبقى منه في الاراضي المحتلة، وان اسرا&ئيل ليست في النهاية سوى أداة تسخدمها وشنطن لتحقيق مصالحها الشرق اوسطية.

وهي لا تستهدف الفلسطي-نيين فقط وإنما تأديب الحكومات العربية التي سعت الى الانفتاح على الدول الأخرى وإجبارها على الالتحاق من دون شروط بالاستراتيجية الامريكية وتحقيق كل ما يتطلبه امن اسرائ يل وسلامتها وتوسع استيطانها وهيمنتها. وهو ينبىء بإعطاء صك على بياض لتنفيذ حكومة المتطرفين في اسرائيل مخطط إجلاء سكان غزة والضفة لبناء مزيد من المستوطنات تضمن حفاظها على تفوقها وهيمنتها الاقليمية وتمكينها في مستقبل قريب من تحقيق حلمها بهدم المسجد الأقصى لإقامة الهيكل المزعوم مكانه.

لا يمكن لهذا القرار الا أن يوقظ العرب، حكومات ورأي عام، ويدفعهم الى التفكير في مستقبل دولهم ومشاريعهم التنموية ويشجعهم على التحرر من وهم الرهان على الدول الأجنبية في الدفاع عن أنفسهم وحقوقهم ومصالحهم، ومن ثم إلى إدراك ان مصيرهم كدول واقطار وحكومات، وحفاظهم على أمنهم واستقلال قرارهم لا يضمنهما سوى تطوير قدراتهم الذاتية واعتمادهم على انفسهم والتعاون فيما بينهم لتكوين تحالف قوي قادر على الدفاع عن مصالحهم الأساسية وردع اعدائهم.

وقد اثبتت غ زة التي لا تزال تخوض حربا شرسة ضد الغزو الاسرائ يلي الأمريكي الكبير منذ شهرين ان ذلك ليس مستحيلا بل هو في متناول اليد. كل ما يحتاج اليه هو انسجام الحكومات مع مصالح شعوبها والرهان على دعمها وتأييدها. هذا هو البديل الوحيد والأكيد لتسول الحماية والأمن والسلام وتحرير الأرض على ابواب الدول الاجنبية.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP