الجديد

الانتخابات الرئاسية .. العقل أم العاطفة ؟

مازري طبقة
ليست الانتخابات الرئاسية وحدها سابقة لأوانها بل و حتى الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية هي ايضا سابقة لأوانها و هي التي انطلقت منذ أسبوع تقريبا و الحال ان موعد انطلاقها حسب رزنامة هيئة الانتخابات هو  يوم 2 سبتمبر. حملة انتخابية دخلت مباشرة في صلب الموضوع دون الحاجة الي “فترة جسّ النبض” فكانت الإشاعات و الإشاعات المضادة و المناظرات الغير مباشرة بين المترشحين تحت اشراف قنوات خاصة و حتى “الدوسيات” سجلت حضورها بامتياز.
ملامح البرامج الانتخابية بدأت تلوح لعموم المتابعين و التي انحصر الجدي منها في مجلات تدخل رئيس الجمهورية حسب صلاحياته المبتورة بفعل دستور 2014،  بينما اطلق غالبية المرشحين العنان لمخيلاتهم الخصبة فأمطروا مسامعنا بحلول لمجالات لا يسمح لهم الدستور حتى بالحديث عنها حسب صلاحيات الرئيس.
بعيدا عن التحاليل السلبية و النظرة التشاؤمية فان التنافس على اساس البرامج الانتخابية هو من ركائز الفعل الديمقراطي و تأصيل للتنافس السلمي و العلمي و الديمقراطي على السلطة و كلّ هذا تحت مراقبة الشعب و تحت سيطرته و هو المالك الفعلي للسلطة في النُظم الديمقراطية يفوضها لمن يراه الأقدر على تطبيق ما اقتنع من برامج و حلول و رؤى جامعة  لكل القوى السياسية لأجل مصلحة الوطن.
هنا يصبح السؤال الاهم و المفصلي ايهما الافضل للاختيار العقل ام العاطفة ؟  هل نفصل بين المرشحين باعتماد العاطفة التي تولدها الانتماءات الايديولوجية و القصص العائلية التي تروي لنا تفاصيل شخصية للمرشّح , عاطفة تميز الشعب التونسي في كل جوانب حياته اليومية تعمل كبرى شركات “التسويق السياسي” على استغلالها. عاطفة لا تأخذ بعين الاعتبار البرامج المطروحة و لا امكانية تنفيذها و القدرة على تمرير مشاريعها نحو البرلمان رأس السلط الثلاثة و صاحب الدور الرقابي و التشريعي.
ان كانت العاطفة تحجب حقيقة الأمر عن عيون الناخب فان العقل وحده من يضمن حسن الاختيار. يجب ان نعمد الى الاختيار الموجّه, يعني ان نوجه الاختيار الى المرشحين القادرين على تنفيذ ما اقترحوه من برامج و هو الامر الذي لن يتحقق الا بوجود كتلة نيابية وازنة. لغة العقل تحكم بان المرشّح الذي علينا انتخابه يجب أن يكون  صاحب كتلة نيابية كبيرة قادرة على خلق تحالفات من شأنها تسهيل تمرير القوانين و الإصلاحات… دون ذلك يعتبر مضيعة للوقت و الجهد و سنوات من تاريخ البلاد .
أما ما دون ذلك  فما الامر الا مضيعة للوقت و الجهد و سنوات من تاريخ البلاد, فرئيس دون سند نيابي فاعل و وازن لن يقدر على تقديم اي اضافة و لن يتمكن من تفعيل اي مشروع قانون او امر, لن يقدر حتى على  ممارسة جزء مهم من صلاحيته, فلا استفتاء و لا طلب رفع الثقة عن الحكومة اذا ما اوغلت في الخطأ.
رئيس دون كتلة نيابية مهمة سيصبح حجرة عثرة في مسار الاصلاح, ربما كان ذلك خارج عن ارادته و لكن هو اساسا لانه دون سند سياسي في المجلس التشريعي.
لابد من ضمان نجاح الرئيس المنتخب و ذلك بحسن اختياره ضمن المترشحين معتمدين في ذلك على العقل و ليس العاطفة, رئيس جمهورية صاحب كتلة نيابية وازنة قادرة على خلق تحالفات تمكن من تمرير القوانين و تعديل اي انحرافات متوقعة و ممارسة الضغط بأنواعه للإبقاء على المصلحة الوطنية العليا.
العقل يقول بان ننتخب رئس للجمهورية و بيده سلاح شرعي في عرف الديمقراطية, كتلة نيابية و حزام سياسي داخل السلطة التشريعية.
العقل ينتصر …

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP