الجديد

الدبيبة وباشاغا في أنقرة.. ما فرص نجاح “الوساطة” التركية؟

تونس- التونسيون- وكالات

عادت تركيا لواجهة المشهد الليبي من خلال “مبادرة” لحل الخلافات بين فرقاء الأزمة وتحديدا رئيسي الحكومتين المتصارعتين وسط تصاعد المخاوف من انزلاق ليبيا إلى حرب أهلية خصوصا مع تجدد الاشتباكات في طرابلس والتي وصفت بالأعنف خلال عامين.

وعقد رئيس الحكومة الليبية المدعومة من برلمان طبرق فتحي باشاغا،  السبت، اجتماعا مع نوابه، وعدد من وزراء المنطقة الغربية، لإطلاعهم على نتائج الاجتماعات التي عقدها في زيارته لتركيا.

وأكد المسؤول وجود “نتائج إيجابية لهذه اللقاءات التي لا تزال مستمرة وحثهم على التواصل وبذل المزيد من الجهود للتهدئة وتفويت الفرصة على محاولات جر البلاد لعودة الصراع المسلح والفوضى”.

عودة للانتخابات

كما شدد باشاغا، على “ضرورة الاستمرار في العمل السياسي والعمل مباشرة مع كل الاجسام والقوى السياسية الداخلية ومع المبعوث الأممي الجديد والأطراف الدولية من أجل استكمال تمكين الحكومة الليبية من مباشرة مهامها لتهيئة الأوضاع الملائمة للوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب الآجال”، ما اعتبرته أصوات ليبية خفوتا لافتا لنبرة التصعيد التي سادت المشهد الليبي خلال الفترة الماضية.

وبدوره قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، الذي تزامنت زيارته لتركيا مع قدوم باشاغا إن “زيارته تضمنت لقاء عمل مع الرئيس التركي تناول الملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية” بهدف “توحيد الجهود المحلية والدولية لدعم الانتخابات”.

وبشر الدبيبة، الشعب الليبي في تغريدة على “تويتر” بهذه المناسبة بأن “كل الأطراف الدولية تشاركنا القناعة الكاملة أن مستقبل ليبيا عبر انتخابات شفافة ونزيهة”، مضيفا في نفس الإطار أنه التقى بعدد من وزراء الحكومة التركية ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال هذه الزيارة.

خيار صعب

وحول موضوع الانتخابات قال المحلل السياسي الليبي السنوسي إسماعيل، إنه “في ظل الظروف الحالية من الصعب تخيل انتخابات في ليبيا”، مستبعدا “أن يكون هناك أي تحرك في مجال الاستحقاقات الانتخابية بسبب عدم وجود حكومة تحكم في جميع المناطق الليبية”.

وأضاف في تصريحات سابقة لـموقع “أصوات مغاربية” الأمريكي، أنه “من الضروري أن يتم الاتفاق أولا على حكومة بكامل الصلاحيات وعلى جميع تراب الوطن”، مشددا على ضرورة “التعامل من خلال هذه الحكومة مع إيرادات النفط لتقريب الخدمات للمواطنين”.

وفي نفس السياق قال المحلل السياسي الليبي الحسين قرضاب، لـ “أصوات مغاربية” إن غض الطرف من القوى المؤثرة على المشهد الليبي” هو ما دفع الأطراف الليبية للجوء إلى الحل المسلح”، مشددا على ضرورة “أن تتحرك القوى الدولية المؤثرة على الشأن الليبي ومن بينها تركيا لوقف الاقتتال وفرض الحل السلمي بجدية”.

الدور التركي بمباركة دولية

وحول الدور التركي في ليبيا، قال الخبير في الشؤون التركية عبد الرحمن صلاح الدين، إن تركيا “تحاول استخدام نفوذها وعلاقاتها الواسعة مع أطرف المشهد الليبي لتعزيز السلم خصوصا بعد الاشتباكات الخطيرة التي شهدتها العاصمة مؤخرا”.

وأشار لوجود “انفتاح من القوى الأوروبية على قبول دور تركي يعيد لملمة الأوضاع في ليبيا”، معتبرا أنه إذا أضيف هذا “الحراك التركي إلى خطوة تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا تبدو الأمور متجهة إلى مسار من الحل”، من خلال “عمليات إعادة الانتشار التي نفذتها قوى عسكرية في طرابلس”.

وتابع صلاح الدين، في اتصال مع “أصوات مغاربية” إنه “مع أزمة واردات الطاقة إلى أوروبا ظهر عور المقاربات الدولية السابقة، وبات لدى تلك القوى أولوية أساسية وهي ضمان أكبر قدر ممكن من واردات الطاقة من ليبيا”، من أجل “تغطية جزء من النقص الحاصل في وارادات الغاز الروسي وأيضا لضبط أسعار النفط والغاز العالمية”.

وحذر صلاح الدين، من أن “هذه المساعي قد تصطدم عاجلا أو آجلا بالدور الروسي”، وذلك بسبب إدراك الروس “للريبة التي تنظر بها القوى الأوروبية لوجودهم في ليبيا”، مشددا على أن “الروس لن يسلموا هذه الورقة من أيديهم بسهولة، وهنا أيضا قد يبرز الدور التركي مجددا في إيجاد خلطة تضمن الاستقرار دون باقي اللاعبين الكبار في ليبيا”.

وحول هذه النقطة أشار الخبير في الشأن التركي سمير صالحة، في حديث مع موقع “أصوات مغاربية” إلى موضوع الطاقة في ليبيا معتبرا إياه “أولوية بالنسبة لتركيا”، مستبعدا في نفس الوقت أن تكون “قادرة على حله منفردة دون شركاء مثل الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل”.

وأشار صالحة، إلى أن ما يميز التحركات الحالية هي ” الاستراتيجية التركية الجديدة في التعامل مع الملف الليبي التي أصبحت تتعامل فيها على عدة مستويات مع لاعبين دوليين وآخرين في المنطقة” كانت على نقيض معهم في السابق “كدولة مصر”.

المصالح التركية في ليبيا

وحاولت تركيا منذ سقوط نظام القذافي (2011) استعادة علاقتها الاقتصادية مع ليبيا من بوابة دعم الاستقرار، وإنشاء حكومة مركزية تُنهي الفوضى أذ أدى الصراع العسكري وانزلاق البلاد نحو حرب أهلية، إلى إلحاق ضرر بالغ بالمصالح التركية التي من بينها يقارب 15 مليار دولار من الالتزامات التعاقدية غير المدفوعة في ليبيا.

كما دعمت أنقرة الاتفاق السياسي الليبي الذي وُقِّع في “الصخيرات” المغربية، برعاية أممية، في ديسمبر 2015، وجاء بحكومة الوفاق الوطني، وتطور هذا الدعم إلى تدخل عسكري على الأرض من خلال دعم بالسلاح وخبراء عسكريين إبان هجوم المشير خليفة حفتر وقواته على العاصمة الليبية طرابلس أبريل ٢٠١٩.

و إثر طلب رسمي من حكومة الوفاق للحصول على دعم عسكري تركي جوي وبحري وبري، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنّ بلاده سترسل قوات إلى ليبيا، بناءً على طلب منها، بعد موافقة البرلمان التركي التي لم تتأخر.

وفي نوفمبر 2019، وقّعت الحكومة التركية وحكومة الوفاق الوطني، مذكّرة تفاهم بشأن السيادة على المناطق البحرية في البحر الأبيض المتوسط، حيث تشهد منطقة شرق المتوسط خلافات بين دولها على ترسيم الحدود البحرية، بعد أن أثبتت المسوحات الجيولوجية وجود مخزون “هائل من النفط والغاز القابل للاستخراج فنيًا”.

وفي مايو 2021 قالت السلطات الليبية، إن الشركات التركية والمصرية والإيطالية والألمانية والتونسية، هي الأكثر حظا للمشاركة في مشاريع الإعمار في البلاد لافتة إلى أن “ليبيا تحتاج إلى إنفاق 600 مليار دينار (135 مليار دولار) على ملف إعادة الإعمار خلال السنوات العشر المقبلة”.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP