الغنوشي يفعل "الدبلوماسية الشعبية" في سنة انتخابية .. الترويج "للإسلام الديمقراطي" أوروبيا
خديجة زروق
تكثفت خلال الفترة الأخيرة، تحركات رئيس حركة النهضة الاسلامية، راشد الغنوشي، في الخارج وتحديدا أوروبا، فبعد مشاركة في فعاليات مؤتمر دافوس، يقوم الغنوشي هذه الأيام بزيارة لدولة ألمانيا، وذلك ضمن ما أصبح يعرف بما يسمى ب “الدبلوماسية الشعبية”.
هذا الجنس الغير متعارف عليه في المشهد السياسي التونسي، والذي أثار جدلا واسعا خلال السنوات الأخيرة، حيث تم النظر اليها كدبلوماسية “موازية”، للدبلوماسية الرسمية التي تمثلها وزارة الخارجية والرئيس الباجي قايد السبسي.
كما اعتبرت من قبل العديد من المراقبين، تندرج ضمن “الدعاية” لحركة “النهضة” أو ما يسمى ب “الاسلام الديمقراطي” التي يروج لها زعيم الاسلام السياسي في تونس، في مسعى لكسب تأييد أو “شرعية” من الخارج، الذي يعد أولوية في سياسات اسلاميي تونس، أكثر من الاشتغال على الداخل، الذي ينظر له كمعطى “مضمون”.
وذلك، برغم التراجع الكبير في شعبية الحركة، مثلما أكدته نتائج الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، التي تبين أن الحركة خسرت حوالي مليون من قاعدتها الانتخابية، بين انتخابات 2011 للمجلس الوطني التأسيسي والانتخابات البلدية في ماي 2018، ويتوقع أن يتواصل هذا التراجع خلال الاستحقاقات المقررة لنهاية السنة الجارية، وبالتالي فان “جولة الغنوشي الأوروبية”، ليست بعيدة عن “الدعاية الانتخابية” عبر تحسين صورة الحركة في الاعلام الدولي، ولدي صناع القرار في العواصم الغربية.
حرصت قيادات “النهضة” منذ عودتها للمشهد السياسي بعد ثورة 11 جانفي 2011 على تلميع صورتها في الخارج، وقد نجحت في ربط شبكة من العلاقات العامة مع اعلاميين ومفكرين قريبين من صناع القرار الغربي والأمريكي، ولعل هذا ما يفسر تواصل التعاطي معها كحركة معتدلة ومختلفة عن بقية تيارات الاسلام السياسي وخاصة ذات المرجعية الاخوانية، برغم حالة الحصار التي تعاني منها هذه الحركات، خاصة بعد سقوط حكم الاخوان في مصر، أحد أبرز الدول المركزية في العالم العربي، وذات الثقل الجيو سياسي، والذي كان وراء تراجع هيمنة التيارات الاسلامية، التي تصدرت المشهد في مرحلة ما بعد “الربيع العربي”.
في هذا السياق، نجح الغنوشي واخوانه الى حد اليوم، في اقناع قطاع مهم من النخب والسياسيين في الغرب وأمريكا، بأن الحركة تسير على نهج تجربة الأحزاب “المسيحية الديمقراطية” في أوروبا، وبأن “النهضة” لعبت دورا مهما في حماية مسار الانتقال الديمقراطي، فضلا على “التعريف بالتجربة الديمقراطية وآليات نجاحها وتماسكها رغم العواصف التي أثيرت حولها”، وهو محور المحاضرة السياسية للغنوشي خلال زيارته الحالية لألمانيا، حيث عبر المسؤولون الألمان وفق تقارير اعلامية صادرة عن حركة النهضة “عن اعجابهم بتجربة الانتقال الديمقراطي في تونس التي صنعت الاستثناء في دول الربيع العربي كما عبروا عن اعجابهم بتجربة حركة النهضة والدور الذي لعبته في انجاح التجربة والمحافظة عليها.”
وقد كان لراشد الغنوشي خلال زيارته الألمانية لقاءات مع عدد من القيادات السياسية الألمانية وعدد من مراكز البحث المتخصصة في شؤون شمال أفريقيا والعالم العربي. اذ إلتقى الغنوشي بشخصيات هامة، مثل: وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نيلز أنان،وكبير مستشاري السيدة أنجيلا ميركل للشؤون الخارجية الدكتور يان هاكر، وزيرة الدولة للتعاون الدولي السيدة فلاشبارت، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الألماني الدكتور روتجان، و لجنة الصداقة مع دول المغرب العربي في البرلمان الألماني: رئيسة اللجنة غابريالا هاينريخ, والأعضاء النواب بيتر ستاين ورودريك كيزواتر، و المدير العام لقسم الشرق الأدنى والأوسط بوزارة الخارجية الدكتور فيليب أكرمان.
كما كان لراشد جلسات حوارية مع عدد من المراكز البحثية ومنها: المؤسسة الألمانية للشؤون الخارجية SWP، و مؤسسة هانس سايدل و مؤسسة إبن رشد.
وبحسب بيان نشر على الصفحة الرسمية لرئيس النهضة راشد النهضة “فقد عبر المسؤولون الألمان عن إعجابهم بتجربة الإنتقال الديمقراطي في تونس التي صنعت الإستثناء في دول الربيع العربي. كما عبر المسؤولون الألمان عن إعجابهم بتجربة حركة النهضة والدور الذي لعبته في إنجاح التجربة والمحافظة عليها.”.وتابع ذات البيان ان المسؤوليين الألمانيين قد “أكدوا على أهمية ما تقدمه تونس كنموذج تتوافق فيه الديمقراطية مع الإسلام وحقوق الإنسان بعكس القراءات المتطرفة للإسلام والتي تربطه بالعنف والتشدد”
وبحسب صفحة الغنوشي على الفيسبوك فانه دعا الحكومة الألمانية الى زيادة وتكثيف دعمها لتونس خاصة بتشجيع الشركات الألمانية على الإستثمار في تونس وتوثيق العلاقة بين المؤسسات الجامعية الألمانية والتونسية خاصة عن طريق توفير منح دراسية للطلبة التونسيين.
Comments