“الفخفاخ غايت” .. هل تسقط “حكومة الرئيس” ؟
لم يكن أشد خصوم إلياس الفخفاخ ضراوة ينتظرون أفضل من تأكد وقوع رئيس الحكومة في فخ تضارب المصالح الذي يعتبر شكلا لا يمكن الجدال حوله من أشكال الفساد. فقد أوقع الرجل نفسه و معه كل من راهن عليه سياسيا في وضعية إحراج اخلاقي و سياسي قد تكون تكلفته باهظة.
أول المحشورين في الزاوية إلياس الفخفاخ ذاته الذي جعل من محاربة الفساد الذي خنق العباد والبلاد أهم عناصر برنامج حكومته و توعد بأن لا تستثني هذه الحملة أحدا و أن لا تخضع لأي اعتبار سياسي ليتضح أن الرجل يجلس و هو يتوجه بهذا الخطاب على ملف فساد حارق و ساخن و من الحجم الثقيل و أنه قد لا يكلفه مجرد الابتعاد عن الساحة السياسية بل قد يقوده إلى أروقة المحاكم.
لقد انتقل إلياس الفخفاخ بعد كشف ملف امتلاكه اسهما في رأس مال شركة لا تتعاقد حصريا إلا مع الدولة من رئيس حكومة له مصداقية إلى رجل فقد الشرعية الأخلاقية و أصبح عاجزا عن التصدي للفساد باريحية لأن توقع سوء النية و الحسابات الذاتية في سلوكه بما في ذلك سعيه لإلغاء الفصل 96 من المجلة الجزائية المثير للجدل إذ تحولت نية الإلغاء التي ابداها إلياس الفخفاخ من خطوة تحرر الإدارة إلى ورقة لاستباق محاسبة محتملة حول وضعية تضارب المصالح و حماية مسبقة لنفسه.
و هذا يعني أن إلياس الفخفاخ قد كبل يديه في الحرب على الفساد و على كل ما يعيق النشاط الاقتصادي. الضرر لن يلحق إلياس الفخفاخ بمفرده لأنه يطال من الناحية السياسية رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي راهن على إلياس الفخفاخ و ساهم في اختياره رئيسا للحكومة فإذا به يجد نفسه أمام ملف فساد واضح و لا لبس فيه و هو ما يتعارض بكل تأكيد مع الشعارات التي رفعها قيس سعيد و التي تخيبها الوقائع.
كما سيلحق الضرر بكل تأكيد ” الخط الثوري و الطهوري ” داخل الحكومة و الذي يجسده التيار الديمقراطي و حركة الشعب و بعض الشخصيات كالعياشي الهمامي و قد أخذت شظايا ” فخفاخ غايت ” تصيب محمد عبو و العياشي الهمامي الذان حاولا دون أن يفلحا تخفيف الطوق على رئيسهما في الحكومة و لم يفلحا لحد الآن.
و هو ما زاد في متاعبهما خاصة محمد عبو الذي يحرص بعض خصومه على التأكيد على أنه يتصرف و زوجته سامية عبو في ملفات التشهير بالفساد وفق قاعدة الكيل بمكيالين و يكفي ما يذكر به خصوم “الثنائي عبو ” من انهما انتقلا من المطالبة بمحاكمة يوسف الشاهد بتهمة الفساد إلى القبول به حليفا من خلال حزبه في الحكومة.
و حتى حركة النهضة التي قد تستفيد من حيث الحسابات السياسوية من ضعف إلياس الفخفاخ فإنها لا يمكن بأي حال أن تبرر لقواعدها و مناصريها إمكانية السكوت على الفساد السياسي. لقد وجد إلياس الفخفاخ نتيجة سوء التقدير و عدم التشبع حقيقة بثقافة القانون و الشفافية في وضعية لا يمكن أن يستفيد منها إلا أخطبوط الفساد و لا يمكن إلا أن تزيد في متاعب تونس و التونسيين الإقتصادية و الإجتماعية.
Comments