الفخفاخ وشباب “الانستغرام” .. خروج اتصالي غير موفق !
هشام الحاجي
يبدو أن إلياس الفخفاخ لم يقدر جيدا الانعكاسات السلبية التي ستنجر عن اللقاء الذي جمعه البارحة بعدد من الشباب و الذي أثار ردود فعل “عنيفة ” دفعت بمصالح الإتصال برئاسة الحكومة إلى ” تعديل الرمية ” من خلال “تسريب ” قائمة الشباب الذين دعاهم إلياس الفخفاخ إلى حوار هدفه الإطلاع على ” مشاكل الشباب” .
لا شك أن للجدل و لردود الفعل مبرراتها في عدة مستويات. ذلك أن إلياس الفخفاخ قد ارتكب في إقدامه على هذه الخطوة عدة أخطاء تقديرية على المستويين السياسي و الاتصالي. ففي المستوى السياسي سجل إلياس الفخفاخ في الفترة الأخيرة نقاطا من أهمها نجاح حكومته في الحرب على الكورونا و أيضا انطلاق ” عجلة “مواجهة الفساد من خلال القضاء إلى جانب الكلمة التي ألقاها منذ أيام و دعا فيها للترفع عن المهاترات و الانصراف للعمل.
يفترض المنطق السليم ان يرتكز الجهد الاتصالي لالياس الفخفاخ على ” تثمين ” هذه المكاسب و تطويرها عوض الانزلاق إلى مجال ” ملغوم” وطنيا و دوليا. ذلك أن ” التأثير ” عبر وسائط التواصل الاجتماعي قد اضحى موضع انتقادات و تقييمات تشكك في “نزاهة ” هذا ” التأثير ” و خاصة في جدواه إذ لم يفد الكثير من الأحزاب و الشخصيات التي اعتمدت “منصات التواصل الاجتماعي ” كأداة رئيسية في حملاتها الإنتخابية الأخيرة.
علاوة على ما يشوب إستعمال هذه المنصات من ” شبهات توظيف و تأثير سلبي” يمكن أن تكون محل متابعة قضائية. لقد تراجعت ” الهالة” التي احاطت بوسائط التواصل الاجتماعي و اتضح أنها قابلة للتحريك و التوظيف.
و رغم أن رونالد ترامب هو من أكثر السياسيين ” تغريدا ” على مواقع التواصل الاجتماعي فإن ذلك لم يحل دون تدهور شعبيته و دون ” قضاء ” ليلة في سراديب البيت الأبيض تحسبا من رد فعل المحتجين على سياساته العنصرية.
و مما زاد الطين بلة كما يقال إختيار إلياس الفخفاخ لشخصيات يقال انها مؤثرة في موقع ” الانستغرام ” الذي يحتل المرتبة الأخيرة في تونس من حيث امتلاك التونسيين و التونسيات لمواقع شخصية.
هذا علاوة على أن مستخدمي ” الانستغرام ” يعنيهم ” المظهر ” و هم من أنصار ثقافة ” المظهر ” و البروز و هو ما يضعهم على نقيض ثقافة رجل السياسة المعني بالجهد و العمل و الباحث عن النجاعة و عن عمق الأشياء.
لسنا في موضع الناصح لرئيس الحكومة و لكن لقاء البارحة هو أشبه بما تعبر عنه العبارة الفرنسية ” شعرة في الحساء ” إذ لا يبدو أنه قد وقع الإعداد لها جيدا من الناحية الاتصالية و الدليل على ذلك أنها أثارت ردود فعل عكسية للغاية و اربكت صورة إلياس الفخفاخ .
أما من الناحية السياسية فإن إلياس الفخفاخ لم يحسن إختيار العينة التي استقبلها و التي كانت عينة “عشوائية ” للغاية سياسيا و مجتمعيا و منفصلة انفصالا كاملا عن نبض الأحداث في الفترة الأخيرة التي عاد فيها التركيز على البطالة و على شباب الجهات المحرومة و ” المهمشة” و التي لا يمكن لرئيس حكومة يصر على الإنتساب للمدرسة الديمقراطية-الاجتماعية و على أنه يسعى لبناء دولة ” قوية و عادلة” أن يتجاهلهم .
من ناحية أخرى فإن غياب وزير شؤون الشباب و الرياضة عن هذا اللقاء يطرح أكثر من سؤال حول ” القبعة” التي ارتادها إلياس الفخفاخ في هذا اللقاء فهل كان رئيس حكومة تعمد ” تغييب ” الوزير المعني بإدارة القطاع ؟ أم كان رجل سياسة ” ينتدب ” مؤثرين و فاعلين للاعداد لمشاريع سياسية ذاتية كتأسيس حزب او الاستعداد للاحداث السياسية القادمة ؟ . كما عبر عن حاجة الرجل الماسة الى فريق اتصالي كفء وقريب من الواقع والأهم مطلع وعارف على ما يجري في رحم المجتمع.
لقاء للنسيان.
Comments