النادي الافريقي .. "حالة وعي" مستمرة
هشام الحاجي
استطاع “شعب الافريقي ” ان يصنع مرة اخرى الحدث و ان يجد لنفسه مكانا بارزا ضمن الاحداث الوطنية التي تركز الاهتمام فيها على سلوك و مواقف الرئيس الجديد قيس سعيد و مسار تشكيل الحكومة و “حالة الوعي ” التي انتابت فئات واسعة من التونسيين و التونسيات و جعلتهم يقومون بحملات نظافة و تزويق استثنائية .
احباء النادي الافريقي انخرطوا في مبادرة جديدة في مضمونها بكل تأكيد و في الرهانات التي ترتبط بها و لكنها غير مستجدة في مستوى علاقة الوجد التي تربطهم بجمعيتهم .
انخرط احباء النادي الافريقي في رهان رفع تحد غير مسبوق يتمثل في حملة من اجل توفير ما لا يقل عن 17 مليون دينار تونسي في ظرف وجيز لإنقاذ فرع كرة القدم من براثن “الفيفا ” التي انطلقت في مسار فرض عقوبات تأديبية على الفريق قد يؤدي اذا ما تواصل دون استجابة مالية من النادي الافريقي الى اندثار الفرع اندثارا تاما .
و لا شك انه لا يمكن التوقف عند “هبة ” جماهير النادي الافريقي دون الانطلاق من “استفادتها ” من اللحظة الحالية بتعقدها و ما تتضمنه من ايجابيات و سلبيات . فقد خلق مناخ الانتخابات الرئاسية انطباعا لدى فئات واسعة من التونسيين بانها استردت زمام المبادرة و انها صاحبة الارادة و الفعل و هذا المناخ الانفعالي المشبع بالعواطف و الاندفاع لعب دور العدوى الوجدانية لجماهير النادي الافريقي التي تمثل عدديا و نوعيا مكونا هاما و اساسيا من مكونات المجتمع التونسي و هو ما يجعلها لاعبا لا يمكن تجاهله في اهم التحولات التي يعيشها المجتمع التونسي منذ تأسيس النادي الافريقي في 4 اكتوبر 1920 .
يعد النادي الافريقي “ضحية ” سلبيات المرحلة الحالية اذ تتعدد مجالات التشابه بين ما تعيشه الجمعية و ما تعيشه تونس من “انحرافات ” قد تكون مدمرة . فكما تدفقت على تونس في السنوات الاخيرة مبالغ طائلة من اموال الهبات و القروض التي تبددت دون ان تترك اثرا ايجابيا او يعرف التونسيون اين “تبخرت ” عرف النادي الافريقي تضخما في الانفاق و تداولا لمبالغ طائلة دون ان يكون لذلك تأثير ايجابي على الجمعية او هيكلتها.
بل كما يجد الشعب التونسي نفسه مكبلا حاليا في قروض لم تساهم في تغيير ايجابي في حياته يجد النادي الافريقي نفسه في وضعية شديدة الخطورة . و كما تدهورت البنية الاساسية في تونس في ظل حالة الاهمال و حسابات اخرى قد تتضح في ما بعد تدهورت البنية الاساسية لجمعية النادي الافريقي و كادت حديقة الرياضة منير القبايلي ان تندثر .
لا يمكن في مجال المقارنة السلبية ان لا نشير الى ان المرحلة الحالية قد شهدت “ابتلاء ” تونس و النادي الافريقي بمسيرين هواة لا يقدرون المسؤولية و لا يتقنون الا اغداق الوعود التي لا تتحقق و فتح الباب امام “فاسدين” يستولون على الاموال و يغيرون وجهتها لفائدتهم في ظل تواصل منطق “الافلات من العقاب” و “التستر على الفاسدين” ساريا في تونس و النادي الافريقي .
لكن البحث عن اوجه الشبه لا يفسر لوحده حجم هبة “شعب الافريقي ” و لا درجة تماهيه مع الوان جمعيته التي تحيله لا شعوريا الى الوان الراية الوطنية . هذه الاحالة تضعنا امام ما ارتبط في وجدان احباء النادي الافريقي منذ تأسيسه ان جمعيتهم ترمز بشكل اوضح الى الهوية الوطنية و الى مقاومة الصعاب و الى التجند من اجل حماية جمعية لا تعيش الا في المواجهة سواء عند رفض الخضوع للشروط الاستعمارية الحصول على التأشيرة او في عدة محطات اخرى.
لعل ابرزها بالنسبة للأجيال الحالية مرحلة تداخل التسيير الرياضي مع عوامل القرابة بالرئيس الاسبق زين العابدين بن علي و ما واجهه النادي الافريقي من مصاعب مفتعلة لإضعافه و لكن المفارقة ان تلك الفترة قد شهدت فترة السنوات العجاف في مستوى النتائج الفنية و فترة المد غير المسبوق في مستوى استقطاب الاحباء و هو ما جعل من “الرفض و الصلابة و التحدي ” مكونا من مكونات “عقلية و هوية ” الجمعية .
مواجهة الصعاب و رفض الاستسلام و التعلق بالجمعية تمثل اليوم محرك حملة التبرعات و وقودها و القادح الذي كشف حالات من التماهي الاستثنائي بيم المحبين و جمعيتهم و هو ما ادى الى تسجيل “وقائع ” استثنائية بكل المقاييس من حيث الايثار و التضحية بالقوت اليومي من اجل “انقاذ النادي الافريقي ” لان قطاعات واسعة من احباء النادي الافريقي يؤمنون ان ما يصيب تونس يصيب النادي الافريقي و انه يتعين العمل لإنقاذ النادي الافريقي لان في ذلك خطوة من الخطوات الضرورية لإنقاذ تونس.
هشام الحاجي
Comments