بعد الدور الأول من الرئاسيات: تحديات تواجه الاستقرار السياسي في تونس !
تونس- التونسيون
وفي زلزال انتخابي خالف كل التوقعات، أظهرت إحصائيات تقديرية لوكالة “سيغما كونساي” لسبر الآراء تأهل المرشحيْن قيس سعيّد، ونبيل القروي، للدور الثاني لانتخابات الرئاسة التونسية.
ووفق النتائج التقديرية التي قدمتها الوكالة على تلفزيون الحوار التونسي الخاص، تقدم قيس سعيّد المرشح المستقل بـ19.50% من الأصوات. ورغم حبسه على ذمة قضايا، جاء نبيل القروي، مالك قناة “نسمة” ورئيس حزب “قلب تونس” في المرتبة الثانية 15.5%، وعبد الفتاح مورو مرشح حركة النهضة في المرتبة الثالثة 11%.
وأغلقت صناديق الاقتراع، في تمام السادسة مساء بالتوقيت المحلي يوم 15 سبتمبر/أيلول الجاري، وبلغت نسبة الإقبال على التصويت في عموم البلاد 45.2%، حسبما أعلن نبيل بفون رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في مؤتمر صحفي.
وتجري الانتخابات الرئاسية على دورتين إذا لم يحصل أي من المرشحين على أكثر من 50% من الأصوات في الدورة الأولى، ويُنتظر أن تُقدّم الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات النتائج الأوّلية في 17 سبتمبر/ أيلول الجاري.
وأوضحت مجلة “لوبوان” الفرنسية، أن هناك سبعة ملايين شخص مسجلين في كشوفات الناخبين، من بينهم مليون و500 ألف شخص جرى إضافتهم إلى قائمة الانتخابات البلدية التي أُجريت عام 2018، مؤكدة أن تدفق الناخبين الجدد يمكن أن يُغير وجه التصويت.
وبينت أنه خلال هذه الانتخابات يجري تمثيل جميع الطوائف، فبعد مرور تسع سنوات تقريبًا على الثورة التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، سيتمكن التونسيون من التصويت لأجل العودة إلى النظام القديم، أو حكم تكنوقراطي، أو الدولة القوية، أو اليسار المتطرف، أو الحزب الاجتماعي الديمقراطي، أو الإسلاميين.
ويرى شفيق سرسار، الرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أن الامتناع عن التصويت لا يمكن محاربته إلا بـ”عرض سياسي مثير للاهتمام”، إذ أنه في العام الماضي، امتنع 66.7٪ عن التصويت في الانتخابات البلدية.
سخط شعبي
وأكدت أنه في بلد غير مستقر وبخاصّة في ما يتعلّق بنسبة التضخّم والبطالة المتواصلة التي دفعت شباباً كثيرين إلى كره السياسة والنفور منها، نجد هناك اهتماماً متزايداً بهذه الحملة الانتخابية، فلم يعد التونسيون في ابتهاج ما بعد الثورة.
وكان حزب الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي “نداء تونس”، ثم حزب “تحيا تونس” الذي يتزعمه يوسف الشاهد، قد وعدا بتوفير 90 ألف وظيفة كل عام، بحسب المجلة.
ونوهت بأن أولئك الذين ليس لديهم وظيفة يريدون الحصول على عمل، ومن يمتلك وظيفة يريد تحسناً في القوة الشرائية، بعد أن تسبب التضخّم في استنزافه مالياً، إذ وصل إلى 6.7٪ في شهر أغسطس/آب الماضي، والبطالة لا تزال مرتفعة.
كما أن أوجه القصور في الدولة (انقطاع المياه والكهرباء) تثير غضب المواطنين، في حين يريد الآباء والأمهات تعليماً وطنياً أفضل لأطفالهم، إذ أن هناك أكثر من مائة ألف حالة تسرب من النظام المدرسي كل عام.
وترى المجلة أن الأمن والوضع الاقتصادي قضيتان تهمان الناخبين، وأن العنصر الاقتصادي والاجتماعي هو مسؤولية السلطة التنفيذية، التي سيعرف رئيسها الجديد بعد الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وبحسب “لوبوان” فإن رئيس الدولة الذي يُنتخب لمدة 5 سنوات، هو الضامن لوحدة البلاد، يكلفه الدستور، الذي جرى تبنيه عام 2014، بإدارة الدفاع والشؤون الخارجية ومجلس الأمن القومي، ويجب عليه مناقشة الأمر مع رئيس الحكومة، كما أن لديه سلطة حل مجلس النواب، ويمكنه أيضاً الدعوة إلى استفتاء قبل سنّ قانون.
يقترح العديد من المرشحين تعديل الدستور لتمثيل النظام السياسي، وهذا يتطلب وجود محكمة دستورية – لم تتشكّل منذ خمس سنوات – وموافقة ثلثي الجمعية المقبلة، وهذه مهمة مستحيلة.
وهناك اقتراح آخر بتمديد صلاحيات مجلس الأمن القومي ليشمل الأمن الغذائي، والصرف الصحي، والبيئة، وكان الباجي قائد السبسي قد بدأ عملية مماثلة، عندما تدهورت علاقته مع يوسف الشاهد.
ملفات شائكة
في ظل صلاحيات الرئيس المحدودة، وهو الذي يتمتع بشرعية انتخابية مضاعفة، في حين يتمتع رئيس الحكومة بكل الصلاحيات وهو المعين من طرف البرلمان، ترى “لوبوان” أن وقْع هذه الانتخابات سيكون مرتبطاً بطبيعة البرلمان الذي ستفرزه الانتخابات التشريعية خلال الشهر المقبل، والمرجَّح أن لا تخرج عنها أغلبية واضحة مما قد يكون سبباً في عدم الاستقرار الحكومي.
وقالت المجلة إنّ القلب النابض للديمقراطية التونسية، على النحو المنصوص عليه في الدستور، يقع في قصر “باردو”، مقر مجلس نواب الشعب. فهؤلاء النواب، البالغ عددهم 217 ويقومون بالتصديق على كل عضو في الحكومة، من رئيسها إلى كل وزير، لديهم سلطة اقتراح القوانين وتعديلها.
وأكدت أن المجلس السابق كان قادراً على ضمان الاستقرار الحكومي، لكنّ عدم الاستقرار السياسي كان له الأولوية، إذ لعب دوراً ساماً للغاية ضد الصالح العام.
ونوهت بأن استطلاعات الرأي التي نشرت في يوليو/تموز الماضي، توقعت برلماناً مجزئاً بين ستة أو سبعة أحزاب.
بعض المرشحين يراهنون على حالة الجمود، فإذا لم يكن هناك تحالف ممكن، فسيكون من الضروري التصويت مرة أخرى بعد ستة أشهر، في مارس/آذار 2020، “وعندها سنكون قادرين على اختبار مرونة الإجماع التونسي”، تقول المجلة.
Comments