بعد 150 سنة ستتحقق المساواة بين المرأة والرجل في تونس
كتب عماد بن عبدالله السديري
نشر المنتدى الاقتصادي العالمي يوم 17 ديسمبر 2019 تقريره العالمي بشأن الفجوة بين الجنسين. وقد احتلت تونس ترتيبا دوليا متأخرا، إذ جاءت في المرتبة 124 على مستوى العالم وذلك بمعدل فجوة بين الجنسين يقدّر بــ 0.644، وهو ما يعني أن تونس قد تمكّنت من سدّ الفجوة بين المرأة والرجل بنسبة 64.4% لا غير. وبحسب المنهجية التي يتبعها المنتدى الاقتصادي العالمي في رصده لظاهرة عدم المساواة بين الجنسين، فإنه يُتوقّع أن تحقق بلادنا وباقي الدول العربية المساواة التامة بين الجنسين بعد حوالي 150 سنة إذا استمرت وتيرة التقدم الذي أحرزته البلدان العربية بين الأعوام 2006 و2020 على حالها في السنوات والعقود القادمة.
ويقيس المنتدى الاقتصادي العالمي مؤشر الفجوة بين الجنسين بالاعتماد على قياس أربعة مؤشرات فرعية تخص (1) المشاركة والفرص الاقتصادية و(2) التحصيل التعليمي و(3) الصحة والقدرة على البقاء و(4) التمكين السياسي. وفيما يخص المؤشر الفرعي الأول (المشاركة والفرص الاقتصادية)، جاءت تونس في المرتبة 142 دوليا. أما فيما يخص المؤشر الفرعي الثاني (التحصيل التعليمي)، فقد جاءت تونس في المركز 106 دوليا. وفيما يتعلق بالمؤشر الفرعي الثالث (الصحة والقدرة على البقاء)، احتلت بلادنا المرتبة 107 دوليا، في حين جاءت تونس في المرتبة 67 دوليا فيما يخص المؤشر الفرعي الرابع (التمكين السياسي).
ومن خلال التعمق في قراءة البيانات التي تضمنها تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي يتبيّن أن المرأة التونسية مازالت عمليا تعاني من ظلم مؤسسي كبير مسلّط عليها على نحو خاص في مجالات الاقتصاد والتعليم. ففيما يخص عدم المساواة الاقتصادية، بيّن التقرير أن نسبة مشاركة المرأة التونسية في اليد العاملة الوطنية لا تزاد محدودة جدا، إذ تبلغ هذه النسبة 27.1% لا غير. وفي ذات السياق، تعاني المرأة التونسية من ظلم كبير فيما يتعلّق بالدخل الفردي حيث يبلغ الدخل الفردي للذكور حوالي 4 أضعاف ما تحصل عليه المرأة. إلى جانب ذلك، وثّق التقرير تدني تمثيل المرأة في الوظائف التشريعية والقانونية والإدارية والمناصب الرسمية العليا، إذ تبلغ نسبة تواجد المرأة في هذه الوظائف والمناصب 14.8% لا غير، مقابل 85.2% للذكور.
أما فيما يخص التعليم، فقد كشف التقرير أن المنظومة التربوية التونسية قد ساهمت في تعميق الفوارق بين الإناث والذكور في بلادنا، حيث تبلع نسبة الأمية بين التونسيات (15 سنة فما فوق) حوالي 27.8%، في حين تصل إلى 14% بين الذكور، وهو ما يعني أن نسبة الأمية بين نساء تونس تبلغ ضعف نسبة الأمية بين الرجال.
وبالإضافة إلى ما سبق، كشف التقرير كذلك عن تدني تمثيل المرأة التونسية في المجال السياسي، حيث لم تتجاوز نسبة تواجد المرأة التونسية في المناصب الوزارية 10% لا غير، مقابل 90% للرجال.
وفي تعليقه على نتائج التقرير، أكّد الرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي البروفيسور كلاوس شواب على الأهمية البالغة للحد من الفجوة بين الجنسين من أجل بناء مجتمعات قوية ومتماسكة وإرساء اقتصادات وطنية ذات قدرات إنتاجية عالية. وهي مقاربة تنموية تعتمدها وتدعمها جهات دولية كثيرة، مثل الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والأمم المتحدة بجميع وكالاتها، حيث تؤكد جميع الدراسات البحثية ذات الصلة أن تقدم الأمم واستدامة ازدهارها مرتبط ارتباطا وثيقا بمدى القضاء على الفجوة بين الجنسين فيها.
هذا وقد كشف تقرير هذا العام عن استمرار تميّز الدول الاسكندنافية في مجال تمكين المرأة وضمان تحقيقها للمساواة مع الرجل، حيث جاءت أيسلندا في المركز الأول دوليا بنسبة مساواة بين الجنسين تبلغ 87.7%، تليها النرويج في المرتبة الثانية بنسبة 84.2% وفنلندا في المرتبة الثالثة بنسبة 83.2% والسويد في المرتبة الرابعة بنسبة 82%.
عماد بن عبدالله السديري
Comments