حكومة الفخفاخ .. تناقضات وتحديات
هشام الحاجي
واهم من يتناسى صعوبة السياق الاقتصادي و الاجتماعي الذي ستباشر فيه حكومة إلياس الفخفاخ مهامها. هذه الحكومة ستواجه العديد من الصعوبات الموضوعية التي يعرفها الجميع تضاف إليها صعوبات اكدتها جلسة منح الثقة، ونتائج التصويت على منح الثقة، والتي كشفت عن الضعف السياسي للحزام الحكومي، فضلا عن التناقضات التي تصل حد الصراع بين مكونات الائتلاف.
ذلك أن البيان الذي ألقاه رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ لم يكسر حلقة المسلمات التي ينبني عليها الخطاب السياسي الرسمي منذ 14 جانفي 2011 إلى حد الآن و التي تتمحور حول شعارات عامة كمقاومة الفساد و بناء منوال تنموي جديد دون تعمق و لو نسبي في بلورة سياسات تؤدي الى تحقيق هذه الاهداف و تحويل الشعارات إلى مجال لتحقق في واقع البلاد والعباد.
إلياس الفخفاخ لم يكسر الحلقة و اكتفى بالإشارة إلى ثمانية اولويات يمكن اعتبارها غير مبوبة بشكل منهجي إذ اعتبر أن النقطة الأخيرة هي إيجاد حل لمعضلة الحوض المنجمي في أن هذه النقطة يجب ان تحتل في منطق التتالي موقعا أهم لأن الفسفاط هو من أدوات تعبئة الموارد المالية علاوة على تغييب كامل للتونسيين بالخارج رغم أهمية دورهم الإقتصادي و الاجتماعي.
خلت كلمة إلياس الفخفاخ من عبارات مفاتيح من شأنها أن تقيم بينه وبين التونسيين علاقة قرب و انخراط في مشروع مشترك . و يضاف إلى ذلك أن أغلب كلمات النواب لم تبرز حزاما سياسيا متينا حول الحكومة إذ كانت أغلب مداخلات نواب الأحزاب السياسية التي تتشكل منها حكومة الفخفاخ تحذيرية و فيها شكوك حول قدرة الفخفاخ على النجاح.
لا شك أن الإمتحان الحقيقي لحكومة إلياس الفخفاخ سيبدأ مطلع الأسبوع القادم حين يشرع كل وزير في التعاطي مع التسيير اليومي لوزارته و في التعاطي مع أهم الملفات المرتبطة بقطاعه.
أغلب الإدارات العمومية تشكو حالة تراخ و تفكك و طغيان ممارسات سلبية تمثل عائقا أمام الإنجاز و يضاف إلى ذلك عدم وجود الحد الأدنى من التوافق المجتمعي حول نوعية الإصلاحات الضرورية و كلفتها و إرتفاع المديونية و صعوبة الاقتراض.
علاوة على أن حكومة الفخفاخ قد تكتشف أن تركة يوسف الشاهد هي أثقل و أسوء كثيرا مما تشير إليه الأرقام التي قدمتها الإدارات و المؤسسات العاملة تحت إمرة يوسف الشاهد.
و إذا كان من غير المنطقي إنتظار أن تحقق حكومة الفخفاخ في بضعة أشهر ما عجزت عن تحقيقه الحكومات المتعاقبة منذ تسع سنوات فإن الرأي العام يتطلع في المقابل إلى أن تحمل الأشهر الأولى لتوليها مقاليد الأمور مؤشرات على أنها تسير في الطريق الصحيح.
و يمكن لملف الأمن الذي ما انفك يتحول الى سبب انشغال عند التونسيين و إرتفاع الأسعار أن يكونا أول ميدان إمتحان خاصة و أن أسابيع معدودة تفصلنا عن شهر رمضان الذي يرتفع فيه الاستهلاك و أيضا الأسعار و ممارسات المضاربة و الاحتكار.
من أكبر المفارقات التي تواجه حكومة الفخفاخ أن صبر الشعب يكاد ينفذ في الوقت الذي تتقلص فيه الموارد و تزداد صعوبة الاقتراض و يتواصل فيه عدم شعور قطاعات واسعة من الطبقة السياسية بالمسؤولية و هو ما يعني أن الحزام السياسي الذي حول الفخفاخ قد ينفجر في أي لحظة من داخله.
Comments