الجديد

حكومة "المستقلين" أو ورطة الديمقراطية*

بقلم: خالد شوكات
ربّما تتمكّن حكومة “المستقلين” – في حال تمكن أصحابها من تشكيلها- من نيل ثقة البرلمان، وسيكون هذا الامر في حال حدوثه فضلا عن كونه سابقة، غريبا وربما مستهجنا، مردّه سبب أساسي، هو خوف بعض النواب من اعادة الانتخابات، وطمع بعضهم الاخر في البقاء، لأن المسار الحكومي قد خرج فعلا عن العرف والمألوف، والاخطر انه سيفقد “الأحزاب” اي مبرر للوجود، وسيمعن في الاجهاز على المنظومة الحزبية المنهكة أصلا.
وسيرسل رسالة خطيرة لكل من حدّث نفسه بالانخراط في العمل العام من بوابة النشاط الحزبي، فلكي تحكم او تشارك في الحكم من الافضل ان لا ترتكب “الاثم الحزبي” و”الخطيئة السياسية”، و ان تبقى على “عذريتك” السياسية وتظل “مستقلا” حتى يعترف بك بين التونسيين “خبيرًا” و”كفاءة” وبمقدورك ان تصبح وزيرا او رئيس حكومة او حتى رئيس جمهورية.
ستدفع هذه التجربة – ان نجحت- في إثبات التهم الموجهة للطبقة السياسية وللتعددية الحزبية من قبل العامّة، وبدل تشجيع المواطنين على العناية بالشأن العام والانخراط في تطوير المنظومة الحزبية، نؤكد هواجسهم ونظرتهم المسترابة وأحكامهم السلبية العامة تجاه السياسيين، فان اصبحت الأحزاب السياسية والطبقة السياسية هكذا على الإطلاق حالة منفصلة عن الواقع الاجتماعي، فما هو البديل الممكن يا ترى، وهل تبدو أفكار رئيس الجمهورية “الجماهيرية” قابلة للتطبيق، وكيف سنضمن تطبيق مبادئ الديمقراطية النيابية المدسترة من قبيل حق الشعب في المحاسبة من خلال الانتخابات الدورية، وكيف سيكون برنامج الحكومة، وكيف سيكون وضع التضامن الحكومي في حال كانت الحكومة مجرد مجمع لمستقلين؟
وما الى ذلك من أسئلة مشروعة لا اجد جوابا عليها في سياق مسار انتقالي فقد بوصلته السياسية والأخلاقية وأضحى ضربا من الصراعات العدمية التي لا تنتهي، والتي تجعل الحال وكأنه ما قبل حلول كارثة لا يعلم احد كيف يمكن تفاديها. عموما، وعلى الرغم من هذه اللخبطة السوريالية التي تجاوزت حدود الخيال، فإننا برأيي مطالبون بالتوقف عند هذه العوامل التي اعتقد انها قد تشكل ارضية لفهم ما جرى الى حد ما، فتوقفنا على التأمل الموضوعي يصعّب بلا شك اي محاولة نبذلها للخروج من هذه الدوّامة، وهذه العوامل هي كما يلي:
1/
ضعف ثقافة التوافق في أوساط النخبة السياسية
2/
انعدام الثقة في حركة النهضة لدى جل الأحزاب
3/
غلبة محدد “الغنيمة” على العقل السياسي الجمعي
4/
أزمة “القيادة” وتواضع المواهب القيادية
5/
ورطة الخارطة البرلمانية وضعف المنظومة الحزبية
6/
مزاجية المجتمع وسوء التقدير الانتخابي
7/
الأزمة الاخلاقية المستفحلة وانهيار منظومة القيم.
جميع هذه النقاط اشكاليات مطروحة وورشات عمل مفتوحة علينا الانخراط فيها..إننا أمام تجربة استثنائية في تعقيدها ومآلاتها الممكنة، ولعل ضمان استمراريتها وتحقيقها لأهدافها رهين عامل الوقت الذي لا نملك القدرة على التحكّم الكامل به.
*ورطة الديمقراطية تعني ان الديمقراطية الناشئة في ورطة كما تعني ان المجتمع يبدو وكأنه تورط بتبني نظام سياسي لا يلائمه.
 
 
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP