سارقو الله .. بقلم عبير عبدالله !
بقلم عبير عبدالله
يشهد المجتمع التونسي خلال الفترة الأخيرة آفة غريبة تتمثل في إنتشار ظاهرة السرقة فتجد المنازل مسيّجة بأسوار وأسلاك وبقطع البلّور المهشمة، والنوافذ والأبواب محميّة وموصدة بالحديد.
و جميع المواطنين إزداد لديهم هاجس الخوف في مختلف الأماكن منها الشوارع و الحافلات وغيرها من الأماكن المكتظة
بيد أن الغريب أن تقع عملية السرقة بالمساجد رغم ما يحمله هذا المكان من رمزية فقد تم الأسبوع الفارط سرقة مجموعة من الزرابي ب”جامع البساتين” حي الجمهورية وبالأمس تعرض ليلا “جامع أبو بكر الصديق” بمنطقة المنيهلة من ولاية أريانة إلى عملية سرقة و تخريب تمثلت في حرق للأبواب الرئيسية و إشعال الأحذية البلاستيكية المخصصة للوضوء و استعمالها لعملية الحرق التي طالت كذلك أبواب الميضأة من طرف مجهولين
وهذا ما أثار حالة من الاستياء بين مجموعة من التونسيين فالمساجد تعتبر بيوت الله على الأرض و جاءت الشّريعة الإسلاميّة لتولي المساجد اهتماماً خاصًّا كما ندب النّبي محمد المسلمين إلى بناء بيوت لله بقوله “من بنى لله بيتاً في الأرض بنى الله تعالى له بيتاً في الجنّة” وهذا يدلّ على أهميّة المساجد في الإسلام ولئن كان للمسجد قدسية خاصة باعتباره مكان عبادة فلا يرفث فيها المسلم ولا يفسق ولا يرفع صوته ولا ينشغل فيها باللهو
و له دور هام فهو مكانٌ لتقوية إيمان المسلم الذي يكون في تسليمٍ ورضوخٍ كاملٍ لله تعالى و مكان لاجتماع المسلمين وسببٌ لتقوية الأواصر والروابط بينهم
إلا أن قدسية المكان سقطت بسقوط حاجز الخوف الشاهق لدى بعض الشباب التونسي فلم يعد بالنسبة إليه المسجد يعتبر أمرًا يستحق الاحترام الروحي أو الرهبة الملهمة أو الخشوع عند دخوله وإنما يراه مكانا ككل بقية الأمكنة إن وجد مايمكن سرقته فلن يفكر كثيرا في الأمر سينتظر إلى أن يحل الظلام ليتجه إلى المسجد ملثما مارا ببعض الأزقة المظلمة يتأمل يمينا و يسرا ما إن لم يرى اي احد و لم يسمع أي حثلة قدمين حينها سيتسرب مسرعا داخل المسجد متناسيا حرمة هذا المكان الذي يذكر فيه إسم الله المئات من المرات في اليوم الواحد و الذي تدرس فيه قيم و المبادئ الإسلام الداعية إلى النهي عن المنكر و الإبتعاد عن كل السيئات ومنها دعوة الناس إلى الإبتعاد عن السرقة التي تعتبر في كل الأديان فعلة شنيعة وخصلة وضيعة وجاء الإسلام بنصوص واضحة تبين أن السرقة من كبائر الذنوب التي توعد مرتكبها بالنار و جزاء السارق قطع اليد في الدنيا و جهنم في الآخرة فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده)
غير أن السارق الشاب الذي هو على دين محمد لم يعد يبالي بكل هذا ولا يرى سوى هدفه وهو أن يجني المال من وراء ما سيسرق فلو كان النبي محمد بيننا اليوم لا تعرض ل ” بركاج ” من قبل أحفاده دون رحمة أو حياء
ففي سبيل بعض النقود يتجرد الإنسان من إنسانيته و يرمي خلفه الأخلاق والمبادئ داعسا بقدميه على مبادئ دينه متمردا على كل الأعراف
فلا تخدعك إبتسامة الشباب الباهتة فإنهم يظهرون فقط أسنانهم قبل أن يشرعوا في إفتراس من أمامهم ،
فشاب اليوم لم يعد يخشى أحدا .. حتى الله ….
فلقد سرقوا بيته .. إنهم سارقوا الله ….
Comments