الجديد

غازي الشواشي: “الحكومة أخذت التفويض ولابد أن تأخذ التمويلات الضرورية لمواجهة الحرب على الكورونا”

 ** مساهمة القطاع الخاص في الحرب على الكورونا دون المأمول

** ميزانية الدولة لسنة 2020 خضعت “للتجميل” ولابد من مراجعتها

** المناخ السياسي ايجابي .. ولابد من تجاوز أزمة الثقة

** مطلب الحكومة .. التمويل بعد التفويض

  

حاوره: منذر بالضيافي

في اطار متابعة للإجراءات الحكومية الاستثناية التي فرضتها مواجهة أزمة انتشار وباء الكورونا حاور موقع “التونسيون” وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية غازي الشواشي الذي شدد على أن الدولة اليوم في حاجة لألف مليون دينار لمواجهة تداعيات الأزمة الصحية وكذلك الاجتماعية وأيضا الاقتصادية مشيرا الى خزينة الدولة في وضعها الحالي عاجزة عن القيام بذلك بمفردها داعيا رجال الأعمال والشركات الكبرى الى “المساهمة الجدية” في تعبئة الموارد المالية. كما اشار الشواسي الى أن المناخ السياسي العام في البلاد بصدد التعافي، بعد تجاوز “جراح تشكيل الحكومة”، اثر تفويض البرلمان وبالاجماع للحكومة لمواجهة “الحرب” على الكورونا، عبر المراسيم ودون العودة للبرلمان.

في ما يلي نص الحوار:  

 أثار الحديث عن نية الحكومة الى امكانية اللجوء للمصادرة الكثير مت الجدل فما هي حقيقة هذا التوجه وهل هو مطروح على أجندت حكومة الفخفاخ؟

أستغرب الأخبار والاشاعات الرائجة، حول نية الحكومة مصادرة أملاك رجال الأعمال، في اطار خطة الحكومة الى تعبئة الموارد المالية، لمواجهة الأزمة المترتبة على انتشار وباء الكورونا، وبالمناسبة أشدد على أنه لا توجد نية مطلقا لدى الحكومة للجوء الى المصادرة، في المقابل فان الحكومة تدعو رجال الأعمال واصحاب الشركات الكبرى والبنوك، الى المساهمة الجدية في دعم مجهودات الحكومة والدولة، في تعبأة الموارد المالية الكافية لمجابهة الجائحة.

 

مساهمة القطاع الخاص دون المأمول

 

 أشرت الى ضرورة “المساهمة الجدية” فهل يعني أن ما أعلن عنه الى حد الان من تبرعات غير كاف وغير جدي ؟

لابد أن نصرح التونسيين اليوم بأن امكانيات الدولة ضعيفة جدا وأن الامكانيات الحالية محدودة ولا تمكن من التصدي لتداعيات الأزمة المترتبة عن مقاومة الوباء، وهنا أشير الى أن الحكومة في حاجة اليوم الى توفير كحد ادنى مليار دينار والتوقعات الأولية تشير الى أن الدولة سوف تضطر الى توفير حوالي 5 أللاف دينار لمجابهة الأزمة في أفق 3 أشهر وذلك حتى تكون قادرة على تغطية تكلفة مجابهة الأزمة، وهو ما يحيلنا على ضرورة مساهمة الجميع، خاصة رجال الأعمال والشركات الكبرى، التي حققت وتحقق لليوم أرباح كبيرة وهامة، وحان الوقت لتكون لها مساهمة معتبرة وفي قيمة التحديات التي تواجهها تونس، ونرجو أن تكون المبادرة منهم وبصفة طوعية، حتى لا تكون الحكومة مضطرة الى فرض اليات أو اجراءات أخرى، لا نريد طبعا الوصول اليها.

لكن ماذا عن التبرعات التي تم الاعلان عنها لفائدة صندوق 1818 وما هو المبلغ الذي وصل للصندوق لحد الان؟

الى حد الان نشير الى أن المبلغ الذي وصل لصندوق 1818 هو دون المأمول ودون المنتظر وهو في حدود 60 مليون دينار، وننتظر ان يرتفع بعد الاعلان عن مساهمة البنوك الى ما بين 160 و180 مليون دينار، وكما ترى فنحن ما نزال بعيدين جدا على الموارد التي نريد تحقيقها، كما أشير الى أن الكثير مما تم الاعلان عنه ما يزال في طور الوعود.

لماذا لا يتم اللجوء الى اكتتاب وطني لتعبأة الموارد المالية؟

ان الوضع العام في تونس اليوم في تقديري لا يسمح بالذهاب الى خيار الاكتتاب الوطني، ولا نتوقع بناء على ذلك ان تكون له مردودية، وأنه من الممكن أن يساعد على تعبأة الأموال الضرورية، كما لا يفوتنا الاشارة الى أن الدولة اقترضت أموال كبيرة من السوق الداخلية خاصة من البنوك، التي هي المصدر والفاعل الرئيسي في كل اكتتاب، وفي حالتنا غير ممكن والبنوك أقرضت الدولة أموال كبيرة، كما أن سيتم اللجوء مجددا للاقتراض من البنوك في المرحلة المقبلة.

كما لا يفوتنا الاشارة الى الأوضاع الاجتماعية الصعبة في بلادنا، التي تبرز وبوضح من خلال تراجع نسبة الادخار، وتراجع الاستثمار وكذلك نقص وشح كبيرة في السيولة المالية في البلاد.

 

ميزانية 2020 خضعت “للتجميل” ولابد من مراجعتها

 

لكن ما هي حقيقة الوضعية المالية للدولة التونسية اليوم؟

بالمناسبة أريد أن يعلم كل التونسيين أن الحكومة وجدت أوضاعا صعبة في ما يتعلق بالمالية العمومية وانخرام كبير في تمويل الميزانية، كل ذلك جراء التوقعات السابقة، وهنا أشير الى أننا اكتشفنا أن ميزانية الدولة ومواردها كانت “مجملة” جدا ولا تعبر عن حقيقة الواقع، وفيها الكثير من الاخلالات، من ذلك مثلا أن كل ما يثقل كاهل الميزانية لم يتم طرحه.

ماذا تقصد بالاخلالات في الميزانية؟

مثلما سبق وأن ذكرت وبينت فانه لابد من العمل على مراجعة واصلاح ميزانية الدولة لسنة 2020 واعادة هيكلتها من أجل أولا دعم وتوفير الموارد المالية وكذلك مجابهة أزمة وباء الكورونا المستجد.

وهنا اشير الى ان الحكومة الحالية شرعت في ايجاد الحلول من داخل الموازنة لمجابهة الأزمة، وذلك عبر الشروع في تحويل عدد من أبواب الميزانية لفائدة وزارة الصحة ولفائدة الخطة الوطنية لمجابهة تداعيات الأزمة الاجتماعية وعلى المؤسسات وعلى الاقتصاد الوطني ككل.

ونشير أيضا الى أن الرقم الذي أعلن عنه رئيس الحكومة، والمقدر ب 2500 مليون دينار هي من ميزانية الدولة أساسا وفي المقام الأول، اذ تم تحويل العديد من أبواب وزارات اخرى خاصة من الأموال المقدرة للاستثمار والتنمية لفائدة موازنة مواجهة الجائحة.

 

المناخ السياسي ايجابي .. ولابد من تجاوز أزمة الثقة

 

 اريد أن انتقل بكم الى الملف السياسي، واعني هنا تحديدا مدى قدرة حكومة الفخفاخ على تجاوز “جراح” التشكيل وهل أن هناك الحد الأدنى من الانسجام والتضامن بين مكوناتها؟

كما يقال “ربا ضارة نافعة”، فان جائحة الكورونا جعلت الفريق الحكومي يتجاوز “جراح التشكيل الحكومي” كما ذكرت في سؤالك، وبالتالي مكنتنا الأزمة التي وجدنا أنفسنا في مواجهتها منذ اليوم الأول في العمل الحكومي، نشتغل من أجل كسب تحدي وطني وشعبي يتعلق بمصير البلاد والعباد.

ولعل هذا  ما سرع بتجاوز الخلافات السابقة، اذ تمكنت الحكومة من تجاوز الجدل الذي صاحب عملية طلب التفويض، وارساء علاقة “شراكة” ولما لا “اتوافق” مع البرلمان.

وهنا لابد من العمل من أجل تجاوز أزمة الثقة بين الطرفين الحكومي والبرلماني، ونقدر أننا على الطريق الصحيح، ولعل التصويت الكبير على مشروع التفويض للحكومة ب 178 صوتا، هو دليل على بداية علاقة جديدة بين الحكومة ومجلس نواب الشعب، وهو أيضا عبارة عن تفويض جديد للحكومة تجاوز التصويت على منحها الثقة بكثير، سيجعلها تشتغل في مناخ سياسي أفضل وهذا مهم في هذه المرحلة التي تمر بها بلادنا.

فهل يمكن القول ان تونس تجاوزت شبح الفراغ الحكومي؟

أتفق معك تمام الاتفاق، لقد تجاوزت بلادنا بعد الاعلان عن تشكيل الحكومة الحالية ومنحها الثقة ثم التفويض لها لمجابهة أزمة وباء الكورونا مخاطر الفراغ الحكومي الذي كان يتهددها، تخيل معي ماذا سيكون الوضع لو حلت أزمة الكورونا في ظل حكومة تصريف أعمال مشلولة بعد استقالة أكثر من 7 من أعضائها؟.

 

** مطلب الحكومة .. التمويل بعد التفويض

 

 الأن الكرة في ملعب الحكومة بالدرجة الأول .. فماذا أنتم فاعلون لكسب الحرب على وباء الكورونا؟

الحكومة تحركت بسرعة لوضع خطة لمواجهة مخاطر انتشار وباء الكورونا، وهي يوميا بصدد التفاعل مع مستجدا الأزمة وبالتالي اتخاذ الاجراءات المناسبة، برغم أنها أزمة غير مسبوقة من جهة فضلا عن كون الحكومة ما تزال في طور مباشرة عملها، لكن هذا لم يمنع من التحرك والقيام بالواجب، ونقدر أننا على الطريق الصحيح، بمعنى أننا بصدد التفاعل الايجابي مع الأزمة سواء في بعدها الصحي وهو الأساسي، فضلا عن أبعاد أخرى مهمة تتصل بمحاصرة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للازمة، وهذا لم يجعلنا نغفل عن التفكير في ما بعد الأزمة، التي هي مهمة صعبة ولا تقل خطورة عن ما نواجهه الأن، وفي هذا الاطار هناك لجنة وطنية تحت اشراف رئيس الحكومة تشتغل على ما بعد الكورونا.

لكن، بعد التفويض الذي تحصلتم عليه من البرلمان لم نلاحظ “تحرك قوي للحكومة” خاصة في المستوى التشريعي ولا أيضا في الميدان باستثناء الاجراءات المتصلة بأزمة الكورونا وهي تعود الى بداية مباشرة الحكومة لعملها؟

بداية من يوم الاثنين ستشرع الحكومة في اصدار مراسيم لادارة الأزمة، وهنا لابد أن يعلم الجميع أن التفويض الذي حصلنا عليه من البرلمان له اجال للتطبيق، ومن المتوقع أن يختتمه رئيس الجمهورية يوم الأحد ويتم نشره على أقصى تقدير الأثنين 13 أفريل الجاري في الرائد الرسمي، لتنطلق الحكومة في اصدار المراسيم التي هي جاهزة الان.

ما هي الأولويات في هذا المجال؟

لمواجهة الأزمة، التي نشدد أنها أزمة وجود وليست أزمة عادية، ستتحرك الحكومة بكل شجاعة وجرأة، وسنعلن عن اجراءات عاجلة وقرارات قد تظهر للبعض موجعة لكنها ضرورية ويحتمها الظرف الحالي،

لابد من دعم أكثر للحكومة وللدولة التونسية حتى تكون قادرة على مجابهة الأزمة والخروج منها بأخف الأضرار، وهنا نشدد على أن الجميع معني بذلك، ولا يمكن هنا تفهم الهروب من المواجهة، بمعني أن كل جهة عليها أن تقوم بدورها بل بواجبها في هذه الحرب.

ماذا تقصد ومن تخاطب؟

دون تخفى أقصد دعم الجهد الحكومي في تعبأة الموارد المالية التي ذكرت أنها في حدود ألف مليون دينار، والتي لا يمكن للحكومة توفيرها لوحدها، وهنا يكون الخطاب موجه لفئة رجال الأعمال والشركات والمؤسسات الكبرى التي تجني أرباح كبيرة، والتي نلاحظ أن غالبيها ومن خلال الأرقام التي أمامنا هي بصدد التهرب من القيام بهذا الواجب، وهنا تقدر الحكومة أنه لا مجال اليوم للتهرب، وليس هناك الا خيارين اما التطوع الارادي والحر والذي يكون بشكل جدي لا مجرد تسجيل حضور، او سيكون عبر اللجوء للقانون من اجل ضمان توفير الموارد المالية الضرورية، وهو توجه ما تزال الحكومة بعيدة عنها الى حد الان. بكل وضوح ومثلما أخذت الحكومة التفويض من البرلمان لتيسير عملها بالمراسيم فإنها لابد أن تأخذ التمويلات الضرورية لمواجهة الحرب.

 

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP