في الذكرى ال 65 للاستقلال .. فشل سياسي وخيبة أمل مجتمعي
هشام الحاجي
تعتبر المناسبات و الأعياد مهما كانت صبغتها دينية أو وطنية محطة للاحتفال و التقييم و الاستشراف الذي غالبا ما يتحدد بخصوصية المناسبة المحتفى بها.
و لاشك أن ذكرى الاستقلال تمثل حدثا سياسيا بالمعنى النبيل و العميق للكلمة و ما تحيل إليه من أبعاد سياسية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية متكاملة.
و يمكن القول أن شعورا بخيبة الأمل و المرارة هو الذي يطغى على الإحتفال بالذكرى الخامسة و الستون لاستقلال تونس التي تحل علينا غدا السبت 20 مارس 2021.
قد يعتبر البعض أن الشعور بخيبة الأمل من عدم تطابق الحصيلة و المنجز مع ما خلقه الإستقلال كحدث مؤسس من آمال و تطلعات ليس أمرا جديدا إذ تسرب الإحساس بما أسمته هالة الباجي ” خيبة الأمل القومية ” إلى النفوس سنوات قليلة بعد الإستقلال .
و إذا كان من الصعب إنكار ذلك فإنه من الصعب أيضا أن نتغافل أو ندير ظهورنا عن الحالة التي وصلت إليها البلاد من انحدار سريع و شامل و هي حالة غير مسبوقة في تاريخ تونس الحديث.
تساوقت أخطاء الدولة الوطنية في ظل الرئيسين الحبيب بورقيبة و زين العابدين بن علي مع تحقيق المكاسب و الوقوع في أخطاء كان بعضها قاتلا إذ أدى في النهاية إلى سقوط النظام بعد أن اعتبر معارضوه أن ” منوال التنمية ” الذي اعتمده قد فشل و بلغ مداه و هو استنتاج لا يمكن موضوعيا التشكيك فيه.
لكن على امتداد عشرية كاملة على سقوط نظام دولة الاستقلال لم تفلح المنظومة الجديدة في تحقيق إنجاز وحيد لافت. ذلك أن ” النموذج الديمقراطي ” الذي طالما وقع التبجح به قد أفرز نظاما سياسيا “هجينا” و متنافرا و مفككا و أرسى منطق المحاصصة الحزبية التي غذت “الزبونية” السياسية و فتحت الباب أمام هيمنة المال الفاسد و خاصة أمام التدخل الأجنبي السافر في الحياة السياسية التونسية.
و هو ما يمثل أبشع اعتداء على مفهوم الاستقلال بل أن رئيس الجمهورية قيس سعيد قد بلغ بالاستخفاف بدماء الشهداء مداه حين نفى عن الاحتلال الفرنسي طابع الإستعمار، مشيرا من باريس بالذات عاصمة الاستعمار الفرنسي الا انه لم يكن استعمارا بغيضا بل كان مجرد “حماية”، وهو ما صدم الفر نسيين قبل التونسيين.
بالعودة للمشهد الحالي عشية احياء الذكرى 65 للاستقلال نلاحظ أن البلاد في أسوأ مراحل تاريخها الحديث، حيث نسجل تراجع لافت ومحير في كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية.
كما أن كل مكاسب الإستقلال حتى و إن كانت هشة قد أصبحت مهددة و لا يوجد ما يمنع وضع بلادنا تحت وصاية أجنبية صريحة و معلنة خاصة في ظل غياب إرادة حقيقية للإصلاح و في ظل ما يتأكد من انقسام مجتمعي و ” قطيعة سياسية “.
في ظل انخراط أبرز الفاعلين السياسيين في شعبوية قاتلة تتجسد في ممارسات عدد كبير من أعضاء مجلس نواب الشعب الذين تحول سعيهم للظهور إلى معول يضرب المؤسسات و ما يمثل حجر الزاوية في الدولة .
و نستقبل الذكرى الخامسة و الستون لاستقلال تونس برئيس جمهورية قادم من كوكب غير كوكبنا كما عبر بنفسه عن ذلك و برلمان لم يعدل عقارب ساعته على اللحظة و استحقاقاتها و هو ما يعمق – للأسف – الشعور بخيبة الأمل.
Comments