الجديد

في حوار مع (وات) .. وزير الخارجية نبيل عمّار: “لا مجال اليوم في تونس لإرساء دكتاتورية .. كما أن التونسيين ليسوا بحاجة لأي شخص أو شريك، للدفاع عن حرياتهم”

تونس- وات

في حوار حصري مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات)، شدد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، نبيل عمّار الذي يشغل منصبه هذا منذ مطلع فيفري 2023، على ضرورة  “العودة إلى أساسيات الدبلوماسية التونسية وترسيخ الشرعية الدولية والدفاع عن التعاون متعدد الأطراف وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واستقلالية صنع القرار الوطني، أي السيادة الوطنية والاستقرار”.

كما اعتبر أن السياسة الخارجية لأي بلد تُبنى على “التوافق” و”تجميع كل الحساسيات” كما أن الدبلوماسية هي “خط الدفاع الأول” ومهمتها الدفاع عن مصالح تونس.

و في هذا الحوار الحصري، تطرّق وزير الخارجية إلى أولويات الدبلوماسية التونسية في الظرف الدولي الراهن، والعلاقات مع الشركاء التقليديين، إلى جانب مسألة الهجرة غير النظامية ومجموعة “بريكس” والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإعادة العلاقات مع سوريا.

// سؤال (وات):

منذ أن انطلقت في العمل على رأس الدبلوماسية التونسية، كنت على خط المواجهة وعلى جميع الجبهات لترسيخ السيادة الوطنية والدعوة إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لتونس، أين تونس اليوم في مواجهة هذه التجاذبات الدبلوماسية؟

// الجواب:

“من الضروري شرح الوضع الذي وجدت تونس نفسها فيه بعد العشرية الماضية وهو وضع صعب على كل الجبهات والتونسيون يعرفون ذلك جيداً، لذلك يجب أن نُطلع الرأي العام الغربي وشركاءنا، على خصوصيات وتفاصيل هذا الوضع، لأن الرأي العام له تأثيرعلى مواقف القادة ولا بد من استثمار ذلك، حتى لا يكون خطاب المسؤولين بالدول الشريكة هو الخطاب الأوحد.

لهذا السبب كان لا بد من توضيح الأمور بشأن الصعوبات وخيبات الأمل التي مررنا بها منذ 2011 وكذلك الإحباطات التي أفرزت وعيا لدى التونسيين بالوضع الحرج وإرادة بأن يقرروا مصيرهم بأنفسهم ويتمسكوا بانتظاراتهم، ومن الطبيعي أن يُعبر الشعب عن غضبه وألا يكون راضيا عن الوضع، بعد عقد اتسم بركود المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية.

في 25 جويلية 2021 عبّر التونسيون عن غضبهم وأعربوا عن دعمهم لرئيس الجمهورية، قيس سعيّد الذي قرّر تولي زمام الأمور بنفسه. أنا شخصياً مقتنع بسلامة المسار الذي أطلقه رئيس الدولة وقد صوّت الشعب التونسي بأعداد كبيرة لصالح الرئيس قيس سعيد الذي لم يسمح بانحلال الدولة.

لسوء الحظ لم تواكب الدبلوماسية التونسية هذا الزخم مع أنه كان عليها الرد بسرعة للدفاع عن خيارات تونس وتجنّب أي سوء فهم في الخارج لما يحدث هنا.

أنا اليوم أتحمل هذه المسؤولية وأعتزم الاضطلاع بها على أكمل وجه وقد بدأت الصورة تتضّح أكثر لدى شركائنا والرأي العام الدولي.

طالما نحن مقتنعون بخياراتنا، فإننا لا نولي اهتماما لخطابات البعض، لأن تونس بصدد ممارسة حقوقها والدفاع عنها .. لم نعد في المشهد الذي كان سائداً قبل عام 2011 (…).

لا مجال اليوم لإرساء دكتاتورية في تونس .. كما أن التونسيين لن ينتظروا أي شخص، أو شريك، للدفاع عن حرياتهم، وإذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات.

يجب أن يُدرك التونسيون الرهانات الحالية والمسألة اليوم تتعلق بتنشيط اقتصاد البلاد .. لدينا مزايا كبيرة ورأسمال بشري لا يستهان به؛ والوقت الآن مناسب لاستثمار ذلك وهذا الشرط لا بد من توفّره لتحقيق النجاح.

بعض الأصوات المتنافرة التي كانت في السلطة لأكثر من 11 عامًا، استفادت طيلة تلك الفترة من دعم غير مسبوق من قبل شركاء تونس، دون تحقيق نتائج، واليوم اختار أصحاب تلك الأصوات مقاطعة الاستحقاقات الانتخابية وهم بذلك حرموا أنفسهم من أخذ الكلمة بشكل شرعي .. كما أن الانتقادات التي لا أساس لها من الصحة، تُلحق الضرر بصورة تونس وتؤدي إلى فقدان شيء من الإشعاع الذي كان باستطاعة البلاد أن تحققه على المستوى الدولي.

أي أخلاق يتمتعون بها عندما يطلبون الدعم من الخارج، في حين أن بلادهم حرة ومنفتحة … ؟.

التونسيون مهما كانت اتجاهاتهم، مطالبون اليوم بإبراز تضامنهم وتماسكهم وبأن يتوافقوا حول الأساسيات، لأننا نعيش في لحظة حاسمة ومصيرية وعلى كل التونسيين أن يدركوا الرسالة ويستوعبوها ولهذا السبب يجب أن نردّ وأن نرفع أصواتنا وندافع بوضوح عن مواقفنا”.

// سؤال (وات):

سجّل تدفق المهاجرين غير النظاميين، في اتجاه الاتحاد الأوروبي، الوافدين من تونس ، ارتفاعا قُدّر بعشرة أضعاف في الربع الأول من 2023، مقارنة بالفترة ذاتها من 2022. كما أن إيطاليا أعلنت حالة الطوارئ الخاصة بالهجرة للأشهر الستة المقبلة.

هل تمتلك تونس ما يلزم من الناحية اللوجستية، للحد من تدفقات المهاجرين، لاسيما وأن العديد من البلدان الأفريقية تعيش صراعات؟ وهل أعربت إيطاليا عن نيتها تقديم الدعم ماديا ولوجستيا في هذا الشأن ؟

// جواب وزير الخارجية:

“إيطاليا والإتحاد الأوروبي وشركاؤنا عامة، يُدركون جيدًا أن الهجرة غير النظامية تفوق قدرة دولة واحدة، وخاصة تونس، باعتبار أن هذه الظاهرة عالمية، ومن وجهة نظر جغرافية، فإن تونس معنية بهذه المسألة، لأنها تقع في الطريق التي يسلكها المهاجرون غير النظاميين للعبور إلى الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط، لكنها مع ذلك ليست في قلب هذه الديناميكية

وقد أكدنا لشركائنا على أن حل هذه المشكلة يجب أن يشمل جميع البلدان المتضررة من هذه الظاهرة وهم مطالبون بالتنسيق لمكافحة الاتجار بالبشر ومن ثمة مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

وقد تطرقت يوم الخميس الماضي (27 أفريل)، مع المفوضة الأوروبية المكلفة بالهجرة والشؤون الداخلية والمواطنة، إيلفا جوهانسون، لهذه المسألة وقد ثمنت بالمناسبة التعاون القائم مع تونس .. وقلت لها إن وسائلنا محدودة من أجل التصدي لهذه الظاهرة، حتى لو بذلنا أقصى ما بوسعنا من جهود في سبيل تحقيق ذلك، كما أن تونس تقوم بكل ما يمكنها فعله وأكثر، وذلك بوسائلها المحدودة.

بعض الدول (لم يذكرها نبيل عمّار) ترفض، على سبيل المثال، القيام بعمليات إنقاذ للمهاجرين في البحر، بينما تونس لا تتردد في فعل ذلك.

إذا تمكن شركاؤنا من توفير المزيد من الوسائل فيمكن تحقيق نتائج أكبر والحل الحقيقي على المدى القصير والمتوسط، هو مساندة الاقتصاد التونسي حتى يستعيد عافيته.

وقد تم إعداد برامج مع الاتحاد الأوروبي، حول ظاهرة الهجرة وأثبتت جدواها، لكنها بقيت محدودة ومن الضروري تصور آفاق جديدة في هذا الصدد.

وعلى الرغم من وجوب إعادة النظر، من قبل جميع الأطراف، في ظاهرة الهجرة غير النظامية، إلا أنه لا توجد خلافات في وجهات النظر بين تونس والاتحاد الأوروبي، حول هذه القضية .. وقد عبّر هذا الاتحاد عن مخاوفه إزاء مواجهة هذه الظاهرة وهي مخاوف تتقاسمها تونس مع دول الإتحاد الأوروبي باعتبارها أصبحت بدورها مقصدا للذين يعتزمون الهجرة بشكل غير نظامي.

وعلى الرغم من أن البعض يتهمنا بأننا شرطي أوروبا ويتهمنا بالعنصرية، فإن تونس تبقى شريكًا موثوقًا به.

لقد كان التونسيون على مر العصور، توّاقين إلى الحرية والكرامة، وهي قيم نقلوها إلى القارة الأفريقية واليوم نحن متهمون بالعنصرية، إنها مكيدة”.

// سؤال (وات):

المفوضية الأوربية أرسلت مذكرة إلى الدول الأعضاء تشير إلى ضرورة التصدي لعدم الاستقرار الاقتصادي في تونس والذي سيؤدي، وفقها، إلى تعدد موجات الهجرة وبالتالي ضرورة التركيز على دعم تونس

كما أن مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية، والتي قمت باستقبالها في وقت سابق، عبّرت خلال اللقاء، عن التزام الاتحاد الاوروبي بدعم تونس، بما في ذلك في إطار تصرف تشاركي في ملف الهجرة.

فما هو مفهوم هذا التصرف في ملف الهجرة والقائم على التشاور بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي ؟ وما هي ملامحه كذلك بالنسبة إلى تونس؟

// الجواب

“فعلا المفوضة الأوروبية للهجرة وللشؤون الداخلية والمواطنة، جدّدت التزام الاتحاد الأوروبي بدعم تونس وعبّرت عن تضامن وجاهزية الطرف الأوروبي لتقديم الدعم الملائم لتونس، بما يفضي إلى تعزيز قدراتها الوطنية لمجابهة تنامي ظاهرة الهجرة التي تتجاوز حدود كل الدول.

ناقشنا بشكل معمّق، خلال هذا اللقاء، التعاون بين تونس والاتحاد الأوروبي وقد أكدت بالمناسبة أن الحلول الحقيقية لمجابهة الهجرة غير النظامية، تكمن في دعم الاقتصاد التونسي للمساعدة على بقاء المهاجرين في بلدانهم كما يجب تعزيز قدرة الاقتصاد التونسي بما يقلّص من تدفّق مهاجرين محتملين من تونس وتمكينهم من فرص عمل في بلدانهم.

زيارة المسؤولة الأوروبية هي الثالثة من نوعها إلى تونس وتعكس التزاما سياسيا أكبر من مجموعة ال27 تجاه تونس وتندرج في إطار شراكة استراتيجية بين الاتحاد الأوروبي وبلادنا.

وقد أكدت لها أن الرسائل الصادرة عن بعض شركائنا بشأن “انهيار محتمل للاقتصاد التونسي”، لا تساعد تونس خاصة في الظروف الراهنة.

كما قلت لممثلة الاتحاد الأوروبي إن كل هذه الرسائل السلبية والمشككة ليس من شأنها مساعدة الاقتصاد التونسي، بل هي تغذي كل الآفات ومن بينها الهجرة غير النظامية وبالتالي فإن مساعدة الاقتصاد التونسي، في حد ذاته، شكل من أشكال مكافحة الهجرة غير الشرعية.

الاقتصاد التونسي تأثر سلبا من هذه التصريحات كما أن هذه التصريحات تلقى صدى ضئيلا لدى الرأي العام في تونس، خاصة بعد العشرية الماضية وهي تعيق جهودنا الرامية إلى إصلاح اقتصادنا وهذا لا يخدم مصلحة شركائنا أيضا.

وراء هذه التصريحات الصادرة عن بعض المسؤولين الغربيين، هناك طموحات سياسية وانتخابية وكذلك رغبة في استمالة الرأي العام الوطني في بلدانهم وناخبيهم هناك وخاصة مع اقتراب الفترات الإنتخابية.

يجب معالجة ملف الهجرة غير النظامية، وفق مقاربة شاملة ولايمكن أن يتم التعامل معه فقط، انطلاقا من حزمة إجراءات أمنية وبالتالي لا بد من التعامل مع هذا الملف حسب مقاربة متعددة الأبعاد ونحن لدينا في الوقت الحالي برنامج مع الاتحاد الاوروبي ولكن يجب العمل على تعميقه ومزيد تطويره.

شكلت زيارة المسؤولة الأوروبية، فرصة متجددة، لبناء شراكة فعالة لمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر، والمسألة متعلقة بتعزيز قدرات تونس على حماية حدودها البحرية وحدودها الجنوبية وتكثيف التعاون القضائي والأمني والتعاون مع الوكالات الأوروبية، على غرار ذراع العدالة للاتحاد الأوروبي “أوروجاست” و”الأوروبول” والتحسيس بمخاطر الهجرة غير النظامية، من خلال حملات إعلامية سيتم إطلاقها خلال شهري ماي وجوان 2023 وهي ممولة من الاتحاد الأوروبي.

كما اتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجال حماية وضمان عودة المهاجرين غير النظاميين التونسيين، بفضل دعم متزايد من الاتحاد الاوروبي لتيسير العودة الطوعية للمهاجرين”.

// سؤال (وات)

تونس والإتحاد الأوروبي عبّرا عن إرادة مشتركة من أجل بناء شراكة بينهما في مجال تنقل الكفاءات والمهنيين المؤهلين، من خلال فتح آفاق إضافية للتكوين المهني والتشغيل وعبر توطيد مجابهة الإتجار بالبشر والهجرة على الصعيد المشترك.

هل أن الأمر يتعلّق بإضفاء صبغة رسمية على هجرة الكفاءات في إطار الاتفاقيات الثنائية؟ وهل أن الاتحاد الاوروبي فكّر في تحديد حصة في هذا الإطار وهل أن تونس تعتزم المطالبة بحصة من المهاجرين من أصحاب الكفاءات؟

وماهي أهم محاور هذه الشراكة وهل تتضمن جانبا يخص التعويض المالي؟

// جواب نبيل عمّار

هناك إرادة مشتركة من أجل بناء شراكة في مجال التصرف في الكفاءات، لدفع الهجرة النظامية بما يخدم مصالح الطرفين وذلك بالأخذ في الاعتبار حاجيات الجانبين وكذلك بما فيه مصلحة بعض القطاعات والمهن التي يتم تحديدها بشكل مشترك، قصد الوصول إلى الحل الملائم والمناسب لتلافي مخاطر “هجرة الأدمغة”.

وسيتم في هذا الإطار، تنظيم مائدة مستديرة بمشاركة مختلف الأطراف الفاعلة والمعنية، خلال شهر ماي 2023، في سبيل تحديد وبلورة ملامح هذه الشراكة وفحواها.

نحن نرى أنه من المهم أن تبقى كفاءاتنا في تونس وأن تسهم كذلك في تنمية الاقتصاد التونسي وعلينا ألا ننسى أن كفاءاتنا تم تكوينها بفضل قدراتنا الذاتية وقد كلّف ذلك تونس باهظا.

ليست غايتنا التحديد من هجرة الأدمغة وإنما عقد اتفاقات مع الاتحاد الاوروبي في إطار شراكة مربحة للطرفين، لكن إلى غاية اليوم لا توجد حصص كما أن المفاوضات ما تزال في مرحلة التقييم والتقديرات على المستوى النوعي ولم يتم بعد تحديد المجالات التي يمكن التعاون بشأنها.

// سؤال (وات)

بعض الملاحظين يرون أن مماطلة صندوق النقد الدولي في صرف قرض قيمته 9ر1 مليار دولار لتونس، يعد نوعا من الضغط من أجل إجبار المسؤولين التونسيين على التراجع عن قرارتهم وتحقيق مكاسب جيو استرايتيجة.

هل هذا صحيح ؟ أم أن الأمر لا يعدو إلا أن يكون مسألة مرتبطة بالإصلاحات التي يتعين تنفيذها مقابل الحصول على هذا القرض ؟

// جواب وزير الخارجية

“لطالما أوضحت، حتى عندما كنت سفيرا لتونس ببروكسيل، ولدى الإتحاد الاوروبي، إننا وصلنا إلى نقطة أصبحت فيها الضغوط المفروضة على تونس تؤتي نتائج عكسية .. بسبب الضغوط يمكن أن نصل إلى نقطة اللاعودة ونحن نتطلع إلى أن يكون لدى شركاء تونس ما يكفي من الوعى بهذا الخطر، لأننا نعتقد أنهم ذهبوا بعيدا في هذا المجال.

نحن فسرنا لشركائنا أنه يوجد خط أحمر لا يمكن أبدا تخطيه، ألا وهو استقرار البلاد والسلم الاجتماعية .. ورئيس الجمهورية، كان واضحا في هذه النقطة، فالرئيس هو الضامن لاستقرار البلاد والتصريحات التي يدلي بها يجب أخذها بعين الاعتبار، سواء في تونس أو في الخارج وشركاؤنا لا يعرفون الوضع في تونس أكثر من كبار المسؤولين المشرفين على إدارة شؤون البلاد.

يجب على شركاء تونس الإصغاء جيدا لمعرفة حقيقة الوضع في تونس، وما الوضع الحالي إلا انعاكس مباشر وغير مباشر للحوكمة السيئة للبلاد، على امتداد عشر سنوات، من خلال دعمهم للحكومات المتعاقبة منذ 2011 وهم بالتالي يتحملون جانبا من المسؤولية وإن لم يُقرّوا بذلك، وهو ما عمدت إلى تذكيرهم به مرارا، في كل مناسبة.

إلى ذلك ساهم الوضع على حدودنا مع ليبيا وكذلك الحرب في أوكرانيا مؤخرا، في مزيد الإضرار بالاقصاد التونسي .. اليوم ولأول مرة منذ 2011، هناك بوصلة واحدة يعمل وفقها المسؤولون في تونس وهي إصلاح وضع معقد جدا.

لقد تعهّد شركاء تونس بدعمها، لكن على أرض الواقع، لا يوجد شيء ملموس وهو ما يدل على وجود تناقض بين القول والفعل .. إن التطوّر الاقتصادي لتونس وازدهارها يصبان في مصلحة مختلف الأطراف ومصلحتنا تلتقى مع مصلحة كل شركائنا.

الرسائل السلبية تجاه تونس، لها انعكاسات مباشرة ووخيمة على المستوى الاقتصادي وتساهم في عزوف المستثمرين والسيّاح .. حين يتحدّث شركاؤنا عن دعمنا ثم يبثون في الوقت ذاته رسائل مشككة، فهنا وبكل بساطة لا يمكننا إلا الحديث عن عدم انسجام بين القول والفعل.

يمكن للاقتصاد التونسي أن يزدهر عند تداول صورة إيجابية عن تونس ويجب على التونسيين أن يكونوا واعين جدا بهذه العلاقة ومن المهم للتونسيين أن يقوموا بحل خلافاتهم بأنفسهم دون اللجوء لأي طرف أجنبي .. شركاؤنا الأجانب هم أصدقاؤنا ولكن لايمكنهم أن يكونوا طرفا في شؤوننا الداخلية .

كل خلاف داخل العائلة الواحدة لا يمكن أن يتم حله إلا من خلال أفراد تلك العائلة .. وهو موقف شخصي لطالما دافعت عنه بشدة”.

// سؤال (وات)

عديد الدول الإفريقية والعربية، من بينها الجزائر ومصر، ترغب في الانضمام إلى مجموعة “بريكس” التي تعد قوة صاعدة تستحوذ على 24 من الناتج الداخلي الخام العالمي و16 بالمائة من التجارة الدولية.

هل أن هذه المجموعة يمكن أن تشكلا بديلا عن الشركاء التقليديين لتونس وهل يمكن أن توفر لها شروطا أفضل من تلك التي يوفرها صندوق النقد الدولي؟ وهل أن تونس مستعدّة لتنويع قاعدة شركائها؟ أم أنها مطالبة بالتعويل على ذاتها وعلى مواردها ؟.

// الجواب

“يعد إقامة علاقات ممتازة مع جميع شركائنا، على اختلافهم وتنوعهم، عنصر قوة للدبلوماسية التونسية وقد سعينا دائما إلى تطوير علاقاتنا مع شركائنا ومن الجيد جدا العودة إلى ركائز الدبلوماسية التونسية والقائمة على عدم التحالف مع أي طرف ضد آخر والعمل على تطوير وتنويع علاقاتنا.

فقد حافظت تونس، خلال الحرب الباردة، على علاقات جيدة مع كل الشركاء، سواء حلف وارسو أو المعسكر الغربي وقد كانت لدينا علاقات جيدة جدا مع الطرفين وهو مكسب هام للدبلوماسية التونسية.

“البريكس” هي مجموعة اقتصادية تختصر الحروف الأولي لأسماء دول البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، لكن الإتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الأمريكية يشكلان شريكين استراتيجيين لتونس، تماما مثل روسيا والصين.

كما أن تونس تسعى دائما إلى دعم علاقات الصداقة والشراكة مع جميع البلدان، لكن الأهم هو عدم الانحياز لفائدة أي محور على حساب الآخر .. لقد ساهم موقعنا الجغرافي في تيسير علاقاتنا مع مختلف الدول ونحن ندين بقدرتنا على التأقلم وإتقان اللغات الأجنبية لهذا التلاقح الثقافي وهو نتاج عديد الحضارات التي تعاقبت على تونس وأثّرت فيها”.

// سؤال (وات)

هل تخطط الدبلوماسية التونسية لبدء مفاوضات مع الإتحاد الأوروبي، بشأن دخول التونسيين إلى فضاء “شينغن” وخاصة على مستوى منح التأشيرات للتونسيين.

// جواب الوزير

“في إطار المحادثات مع الإتحاد الأوروبي، أكدت الخارجية أن المواطنيين التونسيين يشعرون أحيانا بالإهانة وأنهم مستهدفون من الإجراءات التقييدية، لكن لا توجد أي تفرقة بين مختلف طالبي التأشيرات وخاصة بالنسبة إلى الباحثين والأطباء والجميع يعاملون بنفس الطريقة وهذه الدول تتعلل بأن هذه القيود تعود إلى محدودية طاقة الاستقبال”.

// سؤال (وات)

كيف تمكنتم من إجلاء التونسيين من السودان؟

// الجواب:

“كانت عملية الإجلاء صعبة للغاية، إلا أنها كانت ناجحة وقد استجابت كل الأطراف بسرعة وفي مقدمتها رئيس الجمهورية .. ممثلو سفارتنا كانوا على عين المكان وقد حرص السفير شخصياً على مرافقة الراغبين في إجلائهم نحو الحدود مع مصر، حيث كانت طائرة عسكرية تابعة للجيش الوطني التونسي تنتظرهم لإعادتهم إلى أرض الوطن. وقد عاد 46 شخصًا إلى تونس، في حين فضّل 6 أشخاص البقاء في مصر.

لقد تطلّبت عملية الإجلاء اتخاذ قرارات ناجعة وبشكل عاجل، وتم تنظيمها بسرعة كما عمل قسم الشؤون الخارجية بالسرعة المطلوبة .. وجدنا كل التعاون من بعض الدول، على غرار مصر والسودان والنرويج والأردن ونحن نشكرهم على ذلك.

وقد عبر الأشخاص الذين تم إجلاؤهم، الحدود السودانية المصرية، بواسطة حافلة، وكان المعبر محفوفًا بالمخاطر .. كما كانت أولويتنا وصول مواطنينا سالمين إلى تونس.

عملت جميع الأطراف المعنية على النحو الأمثل، وبالتعاون مع السلطات السودانية التي راقبت الموكب إلى الحدود المصرية . وبدورها عملت مصر على تسهيل العبور . ولم يكن الأمر سهلاً، خصوصا في ظل وجود نساء وأطفال يجب إجلاؤهم.

وبالنسبة إلى السودان، لا يسعنا إلا أن نعرب عن الأمل في إنهاء الاقتتال بين مختلف أطراف النزاع وتحقيق الاستقرار لمصلحة هذا البلد الشقيق”.

// سؤال (وات)

أية آفاق لعودة العلاقات مع سوريا ؟

// جواب وزير الخارجية

“من بين أولى التعليمات التي تلقيتها من رئيس الجمهورية، عندما تم تعييني في منصبي هذا، كانت إعادة العلاقات الدبلوماسية إلى مستواها الطبيعي بين تونس وسوريا، هذه الدولة الشقيقة التي تجمعنا بها علاقات متينة وقوية. ويتمتع التونسيون بمكانة خاصة عند السوريين .. من الجيد أننا عدنا إلى الوضع الطبيعي.

وقد تسلّم سفيرنا الجديد في سوريا أوراق اعتماده، ومن جانبهم، سيعيّن السوريون عن قريبً جداً، سفيراً جديدا لهم في تونس وسنعيد التواصل إلى مستواه الطبيعي .. لدينا مصالح في سوريا والشيء ذاته بالنسبة إلى السوريين، لذلك يجب أن نحافظ على مصالحنا المشتركة وأن نوسّع مجالاتها.

زيارة وزير الخارجية السوري مؤخرا إلى تونس، كانت تاريخية، وهي تعني العودة إلى وضعية طبيعية، بعد أن “حادت عن طريقها” .. تونس لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وليس من دورنا أن نقرر من الذي يجب أن يقود السوريين، فهذا شأن سوري بحت”.

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP