في زمن الكورونا .. متعة العودة للأرض
التونسيون (تحرير وات)-
على عكس سكان المدن الكبيرة المزدحمة، حيث يجد التونسيون، اليوم، صعوبة في البقاء في منازلهم واحترام تباعد اجتماعي فرضته السلطات، منذ 20 مارس المنقضي، للتوقي من عدوى فيروس كورونا، لا يستشعر سكان الريف أي جديد في الأمر. فالعزلة، التي يعيشونها، والتي مثلت منذ أمد طويل نقمة بالنسبة لهم، تحولت، في ظل هذه الجائحة، التي أربكت العالم، إلى نعمة يحسدون عليها.
على الحدود التونسية الجزائرية ، وليس بعيدا عن موقع حيدرة، الأثري من ولاية القصرين، و”مائدة يوغرطة ” الشهيرة، لا يبدو الحجر إلزاما، في قرية “المريرة” الصغيرة القابعة في أسفل غابة صنوبر رائعة، بل استراحة من ضوضاء الحياة في أحضان طبيعة هادئة وممتعة.
في هذه القرية الصغيرة غرب القصرين، وعلى بعد أكثر من 300 كيلومتر من العاصمة تونس، يحافظ الغطاء النباتي على طابعه البري والمتنوع ينبئ بجمال ربيعي اخاذ زادت أمطار شهر مارس من دعمه، هنا تواصل الحياة سيرها بسلام كما كانت أبدا.
لا حاجة هنا لحظر التجوّل ولأعوان القوّات الداخليّة لإجبار سكان القرية، المتمثلين في 196 عائلة، على ملازمة منازلهم واحترام اجراءات الحجر الصحي فالمنازل متناثرة هنا وهناك واقل مسافة تفصل بينها حوالي الكيلومتر
وبالنسبة للقرويين، الذين يعيشون في “الدوّار” وهي التسمية، التي يتم اطلاقها على التجمّعات من البدو، لا يعني لهم التباعد الاجتماعي المفروض بفعل انتشار كوفيد 19، شيئا، لأنهم لا يلتقون إلا قليلا وفي الهواء الطلق وأحيانا ما تكون لقاءاتهم دون مواعيد مسبقة
بالإمكان أن تكون النزعة الفردية قد طغت على مجتمعات المدن لكن، هنا، لا زال الريفيون متمسكين بقيم التضامن في أوقات الشدة لصد ضربات الحياة كما في الرخاء لتقاسم فترات الفرح.
ولعل في طبيعة العمل الفلاحي، الذي يستوجب التعاون والتكافل ما يعزز فيهم هذه الطباع فالعائلات، التي يجمعها رابط الدم، يعرف بعضها البعض كأسرة واحدة. وفي فترة الحجر الصحي الشامل، أصبح الهاتف الجوال الوسيلة الثمينة للاتصال والتقاط الأخبار…أي أن عاداتهم اليومية لم تتغير.
هوس العدوى بفيروس كورونا أبعد من أن يطال أهل القرية.
Comments