في عامها الـ95: المملكة العربية السعودية … تحديات إقليمية وآفاق مستقبلية واعدة
تونس- التونسيون
تحتفل غدا الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 المملكة العربية السعودية بعيدها الوطني الـ95 تحت شعار “عزّنا بطبعنا” تعبيرا صادقا عن ما يميز المملكة من طباع متجذرة في هويتها الوطنية. يأتي احتفال هذه السنة في لحظة فارقة من تاريخ المملكة السياسي والاقتصادي والاجتماعي، و وسط مشهد إقليمي ودولي مضطرب، يتطلب قراءة متأنية للتحديات القائمة واستشرافًا دقيقًا للآفاق المستقبلية.
تحديات متشابكة في محيط متقلب
أول التحديات يتمثل في البيئة الإقليمية المعقدة، حيث لا تزال الحرب في اليمن تلقي بظلالها الأمنية على حدود المملكة، رغم جهود التهدئة والتفاوض. إضافة إلى ذلك، تشهد العلاقة مع إيران مرحلة دقيقة، رغم محاولات إعادة التوازن عبر الوساطة الصينية، إذ تبقى الملفات العالقة في العراق ولبنان وسوريا مصدر توتر مستمر.
على الصعيد الأمني، تفرض التهديدات السيبرانية والإرهاب العابر للحدود ومخاطر التسلح غير التقليدي ضغوطًا إضافية على أجهزة الدولة، ما يتطلب استثمارًا دائمًا في البنية الأمنية والقدرات الدفاعية المتقدمة.
أما اقتصاديًا، فتواجه المملكة تحدي تقلب أسعار النفط، خاصة مع تسارع التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، مما يجعل الحاجة ملحة لتنويع مصادر الدخل الوطني وفق رؤية 2030. ورغم تحقيق تقدم ملحوظ في قطاعات السياحة، الترفيه، والتكنولوجيا، إلا أن بيئة الاستثمار لا تزال تتطلب المزيد من الإصلاحات الهيكلية لضمان الشفافية وتعزيز الثقة.
دوليًا، تسعى السعودية إلى الحفاظ على توازن دقيق بين تحالفاتها الاستراتيجية، خصوصًا في ظل تصاعد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، والتغيرات المتسارعة في النظام العالمي. كما أن مواقفها من الملفات الحساسة كالقضية الفلسطينية والتطبيع مع إسرائيل تخضع لتدقيق داخلي وخارجي، ما يتطلب حذرًا دبلوماسيًا كبيرًا.
آفاق مستقبلية واعدة
رغم هذه التحديات، فإن السعودية تمتلك فرصًا نوعية لصياغة مستقبل مختلف. فبرنامج رؤية 2030 لا يزال يمثل الإطار الاستراتيجي الأهم لتحقيق التحول الشامل، من خلال مشاريع كبرى مثل “نيوم” و”ذا لاين” و”السعودية الخضراء”، التي تضع المملكة على خارطة الابتكار والاستدامة عالميًا.
وفي المجال الدبلوماسي، يمكن للسعودية أن تلعب دور الوسيط الإقليمي الفاعل، مستفيدة من علاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف. كما أن انخراطها في مشاريع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر يعزز مكانتها كفاعل رئيسي في التحول العالمي نحو اقتصاد منخفض الكربون.
داخليًا، تمثل الطاقات الشابة، التي تشكل أكثر من 60٪ من السكان، موردًا استراتيجيًا إذا ما تم استثماره بالشكل الصحيح من خلال التعليم النوعي وفرص العمل المجدية. كما أن استمرار الإصلاحات الاجتماعية وتحسين جودة الحياة يعزز من التماسك المجتمعي، ويزيد من قدرة الدولة على مواجهة التحديات بثقة.
خاتمة
في عامها الخامس والتسعين، تقف السعودية بين ضغوط الماضي وفرص المستقبل. فبينما تفرض التحديات الإقليمية والدولية واقعًا معقدًا، تملك المملكة من الطموح والموارد ما يؤهلها لقيادة تحول استراتيجي في المنطقة، إذا ما استمرت في الموازنة بين الانفتاح والاستقرار، وبين الإصلاح والحكمة السياسية.
Comments