قرأت لكم: “صاندي تايمز” .. مصير مجهول للحرب الروسية الأوكرانية
التونسيون- قراءات
نشرت أمس صحيفة “صاندي تايمز” تحليلا لمارك غالوتي عن مآلات الحرب الروسية الأوكرانية، أكد فيه ” إنه من الصعب التكهن بما سيحدث في المستقبل”.
وتساءل: “إذا حدث الهجوم المضاد لأوكرانيا، فماذا سيحدث بعده؟ هناك مزيد من الغموض فيما بات ينظر إليها بالحرب التي لا يستطيع أحد التبنؤ بما ستؤول اليه.
ويعلق الكاتب أنه وغيره من الذين يعتمدون على المصادر المفتوحة وما تبقى لديهم من نقاط اتصال في أوكرانيا وروسيا، ليس لديهم إلا النظر بحسد للمواد الهائلة والسرية المتوفرة للمسؤولين الأمريكيين. لكنّ مصدرا مطّلعا على المعلومات الاستخباراتية تحدث إليه بصراحة قائلا إنه لا يستطيع التكهن بما سيحدث في حالة بدأ الهجوم الأوكراني المضاد.
المتغيرات الكثيرة .. المجهول
وقال: “بصراحة.. هناك الكثير من المتغيرات والأمور المجهولة” منها قدرة الأوكرانيين على التكيف مع المعدات العسكرية الجديدة التي قدمها الغرب إليهم، أكثر من 200 دبابة و1.500 عربة مصفحة.
وتأمل كييف باستخدام هذه المعدات التي توفر لجنودها الحماية والتوغل داخل الخطوط الدفاعية الروسية، والتقدم في حرب الاستنزاف الشديدة تجمع بين المرونة والرشاقة.
ولكن ذلك ليس سهلا لعدة أسباب، الأول هي أن الأوكرانيين يواجهون مشكلة لوجيستية، فإلى أي مدى سيتباطأ تحركهم نظرا لنقص الذخيرة والمدافع المتهالكة والعربات التي يتم تفكيكها لاستخدامها كقطع غيار، وعدم توفر نظام جيد لإجلاء المصابين. الأمر الثاني، لا أحد يعرف سرعة الأوكرانيين بدمج الأنظمة العسكرية الحديثة. فالتعلم على استخدامها هو الجزء الأسهل، لكن تعديل طريقة الحرب التي يخوضونها لتتواءم مع الأسلحة الجديدة أمر ليس بالسهل.
ومَن عمل مع الأوكرانيين لاحظ وجود عقلية جامدة وهرمية، خاصة في المستويات العليا من بنية القيادة، ويترجم هذا على كل المستويات في الجيش. وهناك عدد من الضباط الصغار الذي عبّروا عن مستويات مدهشة من المبادرة، إلا أن آخرين تردووا خشية من اتخاذ القرارات الخاطئة أو معاقبة قادتهم لهم.
ويحدّ من العمليات، النقصُ في ضباط الصف من أصحاب الخبرة، وهؤلاء هم عصب الجيوش الحديثة. وعلى ضباط الصف الصغار القيام بكل صغيرة وكبيرة من العمل، مع أن هذا من واجب ضباط الصف الكبار. ولم تبدأ القيادة الأوكرانية العليا بعد، الجمع بين عمليات السلاح التي ستحتاجها قريبا.
وكان التقدم العام الماضي في حملة خاركيف ضروريا في مناطق لا توجد فيها حماية كافية، ولم يتطلب الوضع من الأوكرانيين القيام بعمليات عسكرية كبيرة ولا التنافس على معابر نهرية أو خطوط دفاعية متكاملة، والتي سيواجهونها قريبا. صحيح أن القوات الأوكرانية دفعت بآلاف الجنود الجدد للتدريب في الغرب، وأكثر من 10 آلاف جندي في بريطانيا وحدها، لكن هذا لا يحل مكان التدريب الشامل والمتكامل في العمليات المشتركة.
والوقت ضدهم، وبحسب مسؤول في وزارة الدفاع البريطانية، فـ”التدريبات عن التحضير للحرب المقبلة، وهو أمر صعب عندما تكون في وسطها”.
وحتى هذا الوقت، أظهر الأوكرانيون قدرة وتصميما وإبداعا، إلا أنهم بحاجة لأكثر من هذا للقيام بنوع جديد من الحرب. وعلى عكس الأوكرانيين، فالروس سيخوضون حربا معروفة لديهم، الحفاظ على خطوطهم من الخلف. وسيعتمدون على حقول ألغام مكثفة وأسلاك شائكة وفخاخ الدبابات والخنادق القديمة من أجل إبطاء المهاجمين، ودفعهم إلى ميادين الموت، حيث ستقوم الدبابات بعملها القاتل.
وسيضيف الروس من ملاجئهم المرتبطة بالخنادق، الضربات المدفعية التي سترحب بالأوكرانيين. هذا هو المخطط على الأقل، لكن الأوكرانيين طالما تفوقوا على عدوهم في خططه، وسيحاولون حرف نظره ودفعه بعيدا عن المكان الذي يريد ضربه.
وليس من الواضح كم عدد الروس الذي سيصمدون في القتال، ولا يزال في الجيش عناصر منضبطة وقوية، بينها مرتزقة فاغنر التي يعطيها الانسحاب من باخموت الفرصة لتجميع نفسها من جديد وإعادة الانتشار.
وربما كان لدى روسيا حوالي 200 ألف جندي، لكن معظمهم لم يتلق تدريبا جيدا، أو ممن طُلبوا للتجنيد من دونباس. وواحد من الأسباب التي جعلت الجنرال فاليري غيراسيموف، يطلب من جنوده حفر الخنادق، هو منعهم من التراجع. وهناك حديث عن تشكيل “وحدات حاجزة” وهي أول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، والهدف منها هو منع الجنود الهاربين وقتلهم حالة اقتضت الضرورة.
وعادة ما يكون الفزع معديا، بحيث تتأثر الوحدات الأخرى، وشاهد مخططو الحرب الغربيون، سيناريو يمكن فيه للقوات الروسية الصمود بحيث تتحول الحرب إلى حالة من الجمود. وهناك من يرى سيناريو تنهار فيه الدفاعات الروسية بشكل يفتح المجال أمام دخول المناطق المحتلة. فالمعنويات لدى الجنود الروس لا يمكن التغلب عليها.
بوتين : اليأس والخيار النووي ؟
ويشير الكاتب إلى خيارات أخرى، مثل تحقيق الأوكرانيين نجاحا كارثيا بشكل يدفع بوتين لاستخدام السلاح النووي. ويجب أن يكون بالحسبان، لأن الروس عندما يضعون الخطوط الحمر، فهي من أجل التعامل مع الغرب، ويبالغون في الحديث عن الدمار، لكن هذا لم يقد إلى تصعيد في الحرب.
وربما رأى بوتين تهديدا على شبه جزيرة القرم التي يعتبر ضمها أهم إنجاز سياسي، أو توغل أوكراني في الأراضي الروسية الذي سيكون تهديدا لوجوده السياسي. وربما اعترف بوتين بالهزيمة وبشكل بطيء، فقد توقف عند كييف التي لم يستطع الاستيلاء عليها، وحاول السيطرة على خيرسون، مع أن جنرالاته كانوا يقولون له إنه لا يمكن الدفاع عنها.
وعندما يقرر اتخاذ قرار سريع فإنه يبالغ بالرد. وفي النهاية فالإستراتيجية هي عبارة عن التعامل والتخفيف من الأمور الغامضة، ولا يعرف إن كانت العملية القادمة انتصارا جديدا بعد خاركيف التي استعاد فيها الأوكرانيون 4500 ميل مربع أو ستؤدي إلى جمود دموي.
والجواب سيكون على الأرجح بين الأمرين. إلأ أن هناك شيئا واحدا شبه مؤكد، هو أن الهجوم الأوكراني المضاد لن ينهي الحرب.
ويضيف الكاتب أنه حتى تحرير جميع الأراضي المحتلة، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، فإن ذلك من شأنه ببساطة أن يحول خطوط المعركة إلى الحدود الوطنية لأوكرانيا، وهو الأمر الذي “لا يزال العديد من القادة الغربيين غير قادرين على فهمه”. فالحرب لن تنتهي عند هذا الحد.
وينقل عن ضابط في الجيش الأمريكي قوله: “هذه ليست قواعد ماركيز كوينزبري: بوتين لن يصافح (يقبل بالخسارة) ويغادر المسرح”.
Comments