قمة الرياض .. أولى خطوات المصالحة الخليجية
بسام عوده*
منذ أشهر نشر موقع “التونسيون” ، تحليل تطرق إلى بوادر الانفراج في الأزمة الخليجية ، وهي قراءة لواقع الوضع السياسي لدول مجلس التعاون ، بعيدا عن الخلاف السعودي القطري ، التطورات الإقليمية زعزعت امن المنطقة، وتأثرت دول المجلس بالمناخ السياسي المتأزم، بدخول ايران وتركيا على الخط ، بلا شك هذا الدور لا يتسم بالبراءة، بل مبني على أسس المصالح المادية، وزيادة حدة الخلاف.
في هذه الأجواء برزت للسطح مساعي دولة الكويت، الممثلة بحنكة اميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر، والذي لعب دورا مهما خلال المشاورات، التي اجراها في العواصم الخليجية ، وبقي يحافظ على التوازن، ويقف على نفس المسافة من الجميع، وهو ما يخوله للعب دور في تجاوز الأزمة.
يملك الامير الكويتي إرادة ونظرة واقعية ستكون قطعا في مشاورات ولقاءات قمة الرياض وهنا لابد من الاشارة الى اولى خطوات المصالحة الخليجية، التي بدأت على استحياء، بسبب الترسبات نتيجة التدخل الإقليمي في الأزمة.
هنالك مباحثات جرت بين السعودية وقطر ، وكانت الرياضة التي اثرت روح الأخوة من خلال حفاوة الاستقبال رغم الخلاف القائم ، وكان لافتا ما قاله امير الكويت في كلمته بالقمة الخليجية الـ40 المنعقدة : «إننا نشعر بارتياح للخطوات الإيجابية والبناءة التي تحققت في إطار جهودنا لطي صفحة الماضي».
و لعل في حضور رئيس الوزراء القطري، الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، القمة والتقائه بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، إشارة تبشر بالخير من اجل فتح ملفات الخلاف وتجاوزها ، وان كان الأمر مقلقا بالنسبة لتركيا و ايران.
كان على هذه الدول ان تتخذ موقف مشتق من علو الهمة لما قام به امير الكويت الذي نال التقدير من كافة الأطراف وحقق ما تعلمه من تجربة السياسية المخضرمة وكان ولا زال حريصا على توافق الأشقاء.
وبعد انتهاء القمة كان الحرص على مواجهة الأخطار الأمنية والاقتصادية من اجل قوة ومناعة دول المجلس. وكان واضحًا لقاء الملك سلمان برئيس الوزراء القطري ان هناك قمة قد تكون على الأبواب تجمع العاهل السعودي بأمير قطر لتجاوز ما حدث .
وكان المطلب السعودي تخلي قطر عن دعم الجماعات الإسلامية التي تعتبر خطرا في وجهة نظر السعودية وهى تدرك ما يحدث من وراء الستار ، لكن لا تريد مزيدا من الخلافات التي تتيح للأطراف الخارجية الاصطياد في الماء العكر .
هذه القمة ستكون محطة مهمة لإعادة قراءة الواقع الخليجي وما له وما عليه في ظل التحديات التي تواجه المنطقة ، خلاف الأشقاء سيتحول بالإرادة إلى تنمية وبناء وتكامل وتصفية الأجواء هي مفتاح الحل.
لم يكن يوما الأشقاء أعداء، لكن عبث الغرباء والإعلام المأجور عكر الصفوة وزاد حدة التوتر، وبالمناسبة نشير الى أن دول مجلس التعاون الخليجي قادرة على ان تحقق طموحات الشعوب وتتجاوز المحن وتبني جدار صد منيع ضد اي انقسام في ظل الوهن العربي المعاش.
*كاتب أردني مقيم بتونس
Comments