قيس سعيد على “فرانس24” .. غير موفق !
منذر بالضيافي
في حوار مع قناة “فرانس 24” الفرنسية – الحكومية – على هامش حضوره فعاليات قمة تمويل الاقتصاديات الافريقية التي انعقدت أمس الثلاثاء بباريس واجابة عن سؤال حول المشهد السياسي التونسي، الذي يمر بأزمة خانقة لعل من أبرز تجلياتها الصراع المفتوح بين رأسي السلطة التنفيذية وبين الرئيس سعيد والبرلمان قال الرئيس التونسي سعيّد : ان “المناخ السياسي في تونس الاَن غير سليم وغير مُشجّع على الاستثمار”.
وتابع سعيد نقده للوضع التونسي الداخلي من باريس قائلا: “تونس غنية لكن كثرة النصوص تسببت في كثرة اللصوص” ، واشار أيضا الى ان : “البعض يريد إحباط وإفشال القمة الفرنكوفونية بسبب حسابات سياسية”.
و يعتبر تصريح الرئيس سعيد صادم، خصوصا وانه يتم على هامش حضوره في قمة اقتصادية عالمية في باريس، ولقناة الخارجية الفرنسية ( فرانس 24 )، فضلا على أنه من غير المتعارف عليه في تونس نشر الغسيل الداخلي في الخارج، خصوصا التطرق الى الأزمة السياسية التي هي شأن تونسي داخلي بامتياز، ولا يمكن القبول بتصديرها للاعلام الخارجي.
كما انه كان من المفروض أن يكون حضور الرئيس سعيد ، في قمة باريس لتنشيط الاقتصاديات الافريقية في زمن الكوفيد 19، مناسبة لتفعيل وتنشيط الدبلوماسية الاقتصادية، لصالح ترميم صورة بلادنا، وبالتالي جلب الاستثمارات وكسب الدعم الدولي، خصوصا وأن تونس – وكما هو معلوم – تعاني من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، و اصبحت تهدد المالية العمومية وبالتالي استقرار البلاد الاجتماعي وتوازناتها المالية.
كشف الحوار التلفزي مع قناة “فرانس24” عن الضعف السياسي والاتصالي الذي ميز أداء الرئيس سعيد بعد أكثر من سنة ونصف منذ وصوله لقصر قرطاج، وأن الرجل لا يملك لا برنامج ولا رؤية للحكم، باستثناء خطاب شعبوي انشائي، يبشر ب “مشروع سياسي” غامض.
بمثل هذا الخطاب، فان الرئيس سعيد قد اضاع مرة أخرى الفرصة ليكون رئيسا لكل التونسيين، وأن يترفع عن “الخلافات الصغيرة” الداخلية، وأن يكون موحدا ومجمعا لكل التونسيين، مثلما جرت العادة في تاريخ تونس، منذ تشكل دولة الاستقلال، في 1956 من قبل الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، وهو ارث حافظ عليه وصانه كل الرؤساء الذين أتوا من بعده.
لا أتوقع أن تساعد مثل هذه التصريحات والمواقف، التي كانت “غير موفقة” و صادمة وغير مسبوقة، على تجسير الفجوة بين الرئيس سعيد وبقية مكونات الحكم ( البرلمان ورئاسة الحكومة)، ولا حتى مع بقية مكونات المشهد السياسي والحزبي والمنظماتي.
فقد بينت تصريحات الرئيس سعيد من باريس فعلا أن الرجل من كوكب اخر – كما قال هو عن نفسه -، وأنه من الصعب – حتى لا نقول من المستحيل – أن يهتدي للتعايش مع الكوب السياسي الواقعي التونسي.
فهل أن البلاد – التي تعاني من أزمة شاملة ومعقدة – قادرة على الاستمرار داخليا في ظل قطيعة بين الرئاسات الثلاث، وعلى التواصل مع العالم الخارجي، الذي اصبح بدوره منزعجا مما يجري في تونس؟
Comments