قيس سعيد: ينتقد الحكومة و”يتوعد” رجال الأعمال
منذر بالضيافي
الكلمة التي ألقاها، رئيس الجمهورية قيس سعيد، اليوم أمام مجلس الأمن القومي، هي من حيث الشكل والمضمون، تعد الأفضل له منذ وصوله لقصر قرطاج، فقد كانت واضحة ومفهومة في مفرداتها ورسائلها، برغم أنه لم يعلن عن اجراءات واضحة ودقيقة، وربما تركها لرئيس الحكومة، على غرار الخطاب السابق لقيس سعيد.
تحدث الرئيس اليوم، بكل وضوح وبمفردات مفهومة برغم محافظته على “عربيته” الخاصة به، اذ أن الرئيس كان في العموم في مستوى الانتضارات المعلقة عليه في علاقة بالأزمة التي تمر بها البلاد، ونعني طبعا تداعيات مخلفات الاجراءات التي تم اتخاذها لمحاصرة انتشار فيروس الكورونا، والتي أعلنت عنها حكومة الياس الفخفاخ منذ أيام.
في هذا الاطار عبر الرئيس قيس سعيد، عن عدم رضاه على أداء الحكومة، بل أنه اتهمها بالتباطىء، أو ما يشبه العجز في تحويل القرارات المعلن عنها، الى واقع ملموس في حياة الناس.
تحميل الرئيس مسؤولية الحكومة بالتقصير في التعجيل بتنفيذ ما طلب منها، جعله لا يتوانى في الاشارة وبوضوح الى انه يتفهم الحراك الاحتجاجي، الذي شهدته بعض الأحياء الشعبية والمدن الداخلية، بسبب عدم قدرة الحكومة على تأمين احتياجاتهم المعيشية الضرورية، في أول أسبوع من تطبيق الحجر الصحي.
كما أثار الرئيس، بالكثير من “الحذر” مسألة المصالحة الوطنية، وهو هنا استعاد خطاب قديم له (قبل وأثناء الحملة الانتخابية) بضرورة التعجيل بمصالحة بين المستفيدين من رجال أعمال، في مرحلة ما قبل الثورة، والشعب التونسي، وذلك بلهجة فيها الكثير من “الوعيد”.
وهو هنا في انسجام مع خطاب عدد من وزراء حكومة الفخفاخ، الذين طالبوا رجال الأعمال و بلهجة فيها الكثير من “التهديد”، بضرورة المشاركة في مجهود الدولة لتجاوز مخلفات أزمة الكورونا.
للاشارة فان رئاسة الجمهورية قامت بنشر توضيح اكدت فيه أنه لم” ترد في خطاب رئيس الجمهورية مساء اليوم في اجتماع مجلس الأمن القومي، أي إشارة إلى المصادرة، بل ذكّر رئيس الدولة بما كان اقترحه منذ سنة 2012 بالصلح الجزائي مع المتورطين في قضايا الفساد المالي حتى تكون المصالحة مع الشعب. ويتمثل هذا المقترح الذي يعود لأكثر من ثماني سنوات في إبرام صلح جزائي مع من تورطوا في قضايا فساد مالي، علما أن الصلح الجزائي منصوص عليه في أكثر من نص قانوني، ويكون ذلك في إطار قضائي، ثم يتم ترتيب المعنيين ترتيبا تنازليا بحسب المبالغ المحكوم بها عليهم”.
و بحسب ذات التوضيح فانه “يتم ترتيب المعتمديات ترتيبا تنازليا من الأكثر فقرا إلى الأقل فقرا، ويتعهد كل محكوم عليه بإنجاز المشاريع التي يطالب بها الأهالي في كل معتمدية (طرق، مؤسسات استشفائية، مؤسسات تربوية…) وذلك تحت إشراف لجنة جهوية تتولى المراقبة والتنسيق.
ولا يتم إبرام الصلح النهائي إلا بعد أن يقدم المعني بالأمر ما يفيد إنجازه للمشاريع في حدود المبالغ المحكوم بها عليه”.
ما لفت الانتباه، في قراءة أولى لخطاب الرئيس قيس سعيد اليوم ، هو رسائل التودد للبرلمان ولرئيسه راشد الغنوشي، على خلاف النقد الشديد لرئيس الحكومة الياس الفخفاخ. فهل سيؤثر هذا على “معركة التفويض” بين الحكومة والبرلمان؟ وهل هو مؤشر على تحالفات جديدة بين الرئاسات الثلاث؟
Comments