كتب منذر بالضيافي: ترامب في الرياض .. مغانم و انتظارات !
منذر بالضيافي
يعود ترامب للشرق الأوسط ، مرة ثانية وفي عهدة ثانية، ومرة ثانية تكون العودة الترامبية لأبرز منطقة توتر في العالم، من بوابة المملكة العربية السعودية، عودة بانتظارات كبيرة، خاصة تلك المتصلة، بمساعي ايقاف ما يحدث من تدمير في قطاع غزة – وصف من قبل أكثر المعتدلين بالابادة- ، وهي القضية الساخنة التي ستكون حاضرة، برغم هيمنة حديث الاعلام عما سيغنمه ترامب من استثمارات من الخليج.
عودة، طغت عليها أخبار ما سيغنمه الرجل من المملكة، من تمويلات واستثمارات وهادايا، غير أن عنوانها الأبرز يتجاوز “المغانم” على أهميتها، الى تحقيق مكاسب استراتيجية في مناخ عالمي متوتر، وفي منطقة مزروعة “بالألغام”، لذلك فان زيارة ترامب الحالية للمملكة العربية ىالسعودية والخليج ، هي محاولة تتجاوز “المغانم” الى “اعادة التموقع الاستراتيجي” في سياق دولي انتقالي، وهي أيضا عودة لاستعادة ما كان قد بدأ في انجازه خلال عهدته الأولى:
1/ التطبيع – اتفاقات أبراهام-
2/ الاستقرار – من اجل التنمية و البزنس و الرفاه-
3/ تثبيت لتحالف استراتيجي يعود لثلاثينات القرن الماضي.
لكن، سياقات حرب السابع من اكتوبر، وتدمير غزة وإبادتها، واصرار حكومة ناتنياهو اليمينية المتطرفة ، على الاستمرار فيه، اصبح يمثل لا ازعاجا بل خطرا على مصالح ترامب ، و امريكا في المنطقة و العالم.
وهذا ما بدأت إدارة ترامب تدركه، و أتوقع أن الزيارة الخليجية الحالية – وما صاحبها من بعد استعراضي كبير ولافت- ستزيد في الوعي بهذا الضرر، وبمخاطره على ترامب و الولايات المتحدة و مصالحها و صورتها في العالم ، في حال استمرار حالة الجنون الاسرائيلية في غزة، وهو ما لوح به ناتينياهو في تزامن مع مع وجود ترامب في الرياض.
خلال العهدة الترامببة الأولى، كانت اوضاع الشرق الأوسط “مستقرة”، وتتجه نحو تمديد اتفاقات التطبيع، التي عرفت باتفاقات ابراهام، بين اسرائيل وجوارها العربي بما في ذلك السعودية ( صفقة القرن ). وكان ذلك نتيجة دبلوماسية بارعة بقيادة ترامب، وقد حدث مع بداية توقيع اتفاقيات إبراهام، بروز ملامح معاينة للشرق الأوسط “الجديد”، شرق اوسط يتمحور حول الاتصال والثروة والأعمال والتكنولوجيا، بدلاً من الأيديولوجية والصراع.
مع حلول ترامب 2 ( العودة للبيت الأبيض)، تحركت في الاثناء رمال كبيرة في المنطقة، وعادت اكثر توترا، وضع وصفه كاتب عمود رأى في مجلة “فورين بوليسي”، بانه ” أكثر كآبة”، مما كانت عليه الاوضاع منذ سنوات. فقد اعادت ” واقعة السابع من اكتوبر”، رسم هذا المشهد ” الكئيب” في المنطقة، بعد شن تل ابيب حرب إبادة في غزة.
كانت مدخلا لإعادة خلق واقع جيو سياسي جديد في العالم وفي المنطقة برمتها، وضع احتل فيه الصراع الإسرائيلي الإيراني في المنطقة المجال و ىالاهتمام الأوسع نطاقا، وخلص – و الذي خلص في المدى الراهن- إلى إضعاف ايران و اخراجها من مكانة اللاعب الرئيسي شرق أوسطيا و خليجيا – بعد تصفية اذرعها وخاصة حزب الله و زعيمه-.
هذا فضلا عن مزيد تعقد القضية الفلسطينية، وهو ما كشفت عنه مشاهد ما بعد إيقاف جزئي للنار، رافقه عودة المدنيين لغزة و إلى الأحياء المدمرة، وسط اتفاق هش سرعان ما سقط في الماء، لتعود آلة القتل و التدمير للقطاع بأكثر عنفاً وشراسة، وضع احرج انصار الكيان واولهم امريكا/ ترامب، قبل غيرهم.
عودة ترامب الثانية، تزامنت مع انهيار نظام آل الأسد في سوريا، ما زاد في منسوب تفاقم التوترات الإقليمية، وسط حالة من الترقب الحذر من دول المنطقة و بقية العالم، جراء صعود “قيادة” في دمشق، كانت تتزعم الارهاب، ما جعل التطبيع معها صعب، لكن في الواقع ما كان لجولاني الأمس و الشرع اليوم و “اخوته”، اين يستتب لهم أمر حكم الشام، لولا ترتيبات مسبقة، بدأت تنكشف !.
حالة الشرق الاوسط الراهنة و المستجدة في ظاهرها قد تكون أطاحت بأحلام ترامب 1 ( ادماج اسرائيل في محيطها الشرق أوسطي، وإحلال الرفاه و الصفقات بدل الصراع و الحرب )، لتصبح – بوضعها الراهن – منطقة في وضع القابل للانفجار في وجه ترامب 2.
لكن، السياسة كما يقال ” فن الممكن بامتياز”، وهو ما تكشفه الأصداء الأولية، لزيارة ترامب للرياض و منطقة الخليج في يومها الأول، و ما رافقها من اعلانات توحي بأن هناك اختراق جاري، في وسط حقل من الالغام ( توقع لقاء الشرع في الرياض ).
فهل يكسب “مقاول العقارات الشاطر” الرهان، ويفرض اجندته على نتينياهو اولاً و إيران ثانيا، و يقوم بتسليم سلس لمفاتيح قيادة العرب و المنطقة لمحمد بن سلمان ؟ وتنتصر بالتالي قوة الرهان على تحصيل و مراكمة المغانم، على المحاذير و الالغام المزروعة، في كل شبر من أراضي الخليج و الشرق الأوسط ؟
Comments