الجديد

مئوية هيكل .. مئوية “جورنالجي” القرن

منذر بالضيافي

“راض بما أديت من دور فى خدمة المهنة، وفى خدمة الوطن، وفى خدمة الأمة. ثم أننى سعيد أن الظروف أتاحت أن أشارك وأعيش سنوات الإشراق فى المشروع القومى العربى، الذى قاده ذلك الصديق الحبيب إلى قلبى، والأثير عندى.. جمال عبدالناصر“.

نعم “هكذا عبر الأستاذ «محمد حسنين هيكل» عن أعمق ما يختلج بصدره فى وصية كتبها بخط يده وديعة مغلقة عند رفيقة حياته وتكشفت نصوصها الكاملة بحلول مئويته اليوم 23 سبتمبر الحالى”، كما دون اليوم الصحفي عبد الله السيناوي، في يومية ” الشروق” المصرية أمس السبت 23 سبتمبر 2023 ، في ذكر رحيل “الأستاذ”.

اليوم، 23 سبتمبر 2023، الذكرى 100 لميلاد ” الجورنالجي “، الصحفي العربي الكبير ، محمد حسنين هيكل.

لم تعرف الصحافة العربية كاتباً وصحافياً كمحمد حسنين هيكل. «الأستاذ» نموذج فريد لا شبيه لرحلته في عالم الكلمة.

اقترب من صناع القرار إلى حد تشكيل عقولهم، من دون أن يذوب فيهم أو يبدل في قناعاته.

وفي الوقت نفسه بقي ملتصقاً بالناس البسطاء، يكتب عن حاضرهم ويؤرخ يومياتهم كاشفاً الإخفاقات كما الانجازات.

عايش هيكل نحو قرن من الأحداث التي غيرت مجرى التاريخ، من الحرب الكونية الى حروب المنطقة ومن خسارة فلسطين وأحلام الوحدة إلى أيام انهيار الأقطار العربية و تفككها كما كان حاضرا على ثورات ” الربيع العربي “.

انتقل من القصور إلى السجون وبالعكس، ويبقى العقل الذاكرة المحرضة على التدقيق بالحقائق، والمتمسكة بالثوابت الوطنية العربية.

وعلى الرغم من تغير العهود والسياسات احتفظ هيكل الصحافي والكاتب بمستوى ثابت في الرقي لم يتنازل عنه ايا كانت الظروف والملابسات

وظل ينقل هموم الأمة إلى كل المنابر حول العالم وفي كبريات الصحف، من طوكيو إلى نيويورك إلى لندن وبيروت والقاهرة وغيرها.

ومثلما كان نجما في الصحافة المكتوبة ( جعل من الأهرام احد ابرز الصحف العالمية ) فقد كان ايضا نجما في الفضائيات ، وكانت إطلالته التلفزيونية تشهد نسبة مشاهدة كبيرة.

بين الصحافة والسياسة، كانت رحلة ” الجورنالجي ” الكبير محمد حسنين هيكل، بين صاحبة الجلالة ومتاهات السياسة، رحلة “متعبة” لكن لا تخلوا من “امتاع ومؤانسة”، وذلك هو عالم الصحافة كما عرفته عند “الاستاذ”.

وانا التهم  كتب “الجورنالجي”، استمتع بغوص يجمع بين قراءة الرواية وقراءة العقل المدبر، اسلوب لافت وبيانات ووثائق مغرية، واطلالة على عوالم وشخوص واحداث فارقة تلك هي كتابات اهم ” جورنالي ” عربي عبر تاريخ الصحافة والاعلام من المحيط الى الخليج.

بل انه صحافي كوني، انه محمد حسنين هيكل، احد اهرامات ” ام الدنيا” ( مصر، مع هيكل، تعلمت ان الصحفي يساهم في صنع الاحداث، وليس ” مثقف” في بلاط الحاكم او في “المنابر الاعلامية”.

لكن يبقى ذلك ايضا شريطة توفر زعيم في حجم جمال عبد الناصر.

وبالمناسبة ، “الامير ” لا يمكن له ان يستمر الا في حضرة ” المثقف”، خاصة الاعلامي الذي يجمع بين الحس السياسي والفكر النقدي.

كم نفتقد هيكل لتفكيك الشأن الجاري، في زمن التحولات المتسارعة والفجئية، عبر مقاربة استراتيجية عميقة وشاملة، و تطل على المستقبل و تستشرف معالمه وسيناريوهاته .

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP