هيئة الحقيقة والكرامة "تحاكم" اعلام ما قبل الثورة
التونسيون- ف ب
خصصت هيئة الحقيقة والكرامة الجلسة الرابعة عشر لموضوع مهم أمس واليوم وهو الاعلام وذلك بالنظر للدور الذي لعبه وما زال، واختارت الهيئة عنوان : “منظومة الدعاية والتضليل الاعلامي” لجلستها الختامية الأخيرة، وهو اختيار له “دلالاته” و “خلفياته” ولا يمكن أبدا أن يكون بريئا من قبل القائمين على الهيئة.
تواصلت جلسة “محاكمة اعلام ما قبل الثورة” الى ساعة متأخرة من الليل، استمع خلالها أعضاء الهيئة والحاضرون وكذلك المشاهدون الى خمس مداخلات لصحافيين عملوا في مؤسسات اعلامية عانت من رقابة وتوجيه السلطة.
قدم الصحفي محمد بنور شهادته عندما كان يكتب بصحيفة “الرأي”، مستعرضا كيف كانت الرقابة من قبل نظام أول رئيس للبلاد الحبيب بورقيبة تتابع كل مراحل الانتاج “هناك رقيب في الجريدة ورقيب في المطبعة وفي كل مكان، حتى وصل الأمر الى تعيين صحافيين من البوليس”.
كما كشف بنور في حديثه أن “تضييق نظام بن علي وصل الى حد اجبار الموزعين على عدم توزيع الصحيفة في الأكشاك بعد اغرائهم بمقابل، ونشر الحوارات مع المعارضين السياسيين كان ممنوعا”.
من جانبه عرض المنجي اللوز تجربة صحيفة “الموقف” المعارضة وحرمانها من الدعم ومن حصة الاشهار التي كانت توزعها الدولة، خصوصا بعد تغطيتها لما عرف ب”أحداث الحوض المنجمي” في مدينة قفصة .
وكانت منطقة الحوض المنجمي شهدت في 2008 حركة احتجاج كبيرة قمعت بشكل دموي في عهد الرئيس الذي قامت عليه الثورة زين العابدين بن علي والذي منع الاعلام من تغطيتها وقامت أجهزة الدولة بفرض تعتيم كبير على ما حصل في الحوض المنجمي.
قال اللوز إن النظام كان يمنع حتى القراء من اقتناء الصحيفة ولا يتسامحون مع من يطالعها “يتسامحون مع المخدرات، لكن الموقف لا”، وغلب على حديثه طابع السخرية وهو يسترجع ذكرياته المريرة.
عرضت الهيئة خلال جلسة الاستماع العلنية شريطا وثائقيا كشفت في جزء منه عن ممارسات وكالة الاتصال الخارجي في “شراء ذمم” الاعلاميين في تونس وخارجها، وعن طريقة توزيع أموال الدعم التي تخضع بالأساس الى مقياس “درجة تشويه المعارضين السياسيين”.
أنشئت وكالة الاتصال الخارجي عام 1990 وأوكلت اليها مهام التعريف بالسياسة التونسية في الخارج، وكان بن علي ووزير الاعلام آنذاك عبد الوهاب عبد الله يشرفان على تسييرها واعطاء أوامر بتقديم حوافز مالية وهدايا لصحافيين ومؤسسات اعلامية دون أخرى، وفقا لما جاء في الفيلم الوثائقي.
من جانبها أكدت عضو نقابة الصحفيين التونسيين سكينة عبد الصمد في شهادتها على ان “من كان يعمل وفقا لتعليمات (السلطة) لا يزال الى اليوم على رأس المؤسسات الاعلامية ويتحكم في الاعلام”، موضحة أن حكومة الترويكا بعد ثورة 2011 حاولت السيطرة على التلفزيون الحكومي، حيث كانت تشغل وظيفة في قسم الأخبار.
تم انشاء “هيئة الحقيقة والكرامة” في عام 2014 وكلفت “بكشف حقيقة انتهاكات حقوق الانسان” في تونس منذ الاول من جويلية 1955، أي بعد نحو شهر من حصول تونس على الحكم الذاتي من الاستعمار الفرنسي وحتى 31 ديسمبر 2013.وقد صاحب أشغال الهيئة جدلا كبيرا وتشكيك خاصة في “أهلية” رئيستها سهام بن سدرين في الاشراف على هيئة للعدالة الانتقالية ولتحقيق المصالة وطي صفحة الماضي.
هذا و تختتم هيئة “الحقيقة والكرامة” اليوم السبت 15 ديسمبر 2018 أعمالها على أن تجهز مجموعة من التوصيات ترفعها في تقرير للسلطات في البلاد لاحقا.
Comments