يوسف الشاهد .. لاعبا قويا
خديجة زروق
لم تغب تحركات يوسف الشاهد في الايام الاخيرة عن اثارة عدة تساؤلات و ذلك لعدة اسباب من اهمها ان مؤسس حركة “تحيا تونس” قد تجاوز بطريقة افضل من غيره من المترشحين الذي فشلوا في الوصول الى قصر قرطاج مخلفات و تداعيات الهزيمة و انه يبدو بصدد الاعداد لمواصلة الاضطلاع بدور سياسي متقدم في المرحلة القادمة .
لا شك ان عدة عوامل موضوعية يمكن ان تكون لفائدة يوسف الشاهد في هذا المسعى من اهمها انه في مقتبل العمر و هو ما يمنحه امكانية اعادة ترتيب اولوياته في متسع من الوقت و هو الذي اكتسب تجربة في ممارسة السلطة يفتقدها الكثير من ابرز اللاعبين السياسيين الحاليين.
كما ان النتائج التي حققها حزبه في الانتخابات الرئاسية و التشريعية تبقى رغم بعدها عن طموحاته نتائج مقبولة حين ننزلها في اطار النتائج التي حققتها الاحزاب و الشخصيات التي تنتمي لما اصبح يعرف بالعائلة الوسطية الوطنية .
و لا يقف الامر عند الجوانب الموضوعية فقط بل اثبتت “الهزيمة ” قدرة يوسف الشاهد على التحرك السريع و التعامل الموضوعي مع الاوضاع اذ سارع الى الاقرار بالهزيمة و الى تحمل المسؤولية و دعا الى ضرورة اعادة ترتيب البيت و الى التجميع و الالتقاء حول برنامج للمرحلة القادمة و تجنب “البكائيات ” و القاء اللائمة على .
و شرع من داخل حزبه ورفقة الأمين العام للحركة سليم العزابي في عملية تقييم “موضوعي” جعلته ” يتخلص من بعض “المقربين ” منه و الذين حملهم البعض مسؤولية ارباك سفينة “تحيا تونس” و واصل العمل على راس الحكومة بنسق عمله العادي.
من خلال عدد النواب الذين تمكنت حركة “تحيا تونس” من ايصالهم الى مجلس نواب الشعب اصبحت ليوسف الشاهد ورقة اضافية تسمح له بالمشاركة في المشاورات و “المناورات ” و الضغوط المتبادلة التي يعرفها مخاض تشكيل الحكومة بما من شانه ان يتيح له امكانية الحصول على حقائب وزارية قد تؤول احداها اليه .
و في هذا المستوى فان علاقة يوسف الشاهد بحركة النهضة و برئيس الجمهورية الجديد يمكن ان تدعم حظوظه اذ تبقى علاقته حاليا بحركة النهضة افضل من علاقة حركة راشد الغنوشي بالتيار الديمقراطي و حركة الشعب و بقلب تونس خاصة و ان حملة الحرب على الفساد التي جعل منها حصان حربه السياسية تجعله اقرب من نبيل القروي لل”صف للخط “الثوري” و توفر ما يسمح بمنح وجاهة سياسية لتشريكه في الحكومة الجديدة .
و قد منح السياق الانتقالي – الى حد الان – فرصة ليوسف الشاهد لتجسير علاقة مع الرئيس قيس سعيد الذي يتعين عليه مواصلة العمل مع الشاهد حتى تشكيل الحكومة المقبلة، وتشير المؤشرات الأولية الى وجود “سلاسة” و “انسجام” بين الرجلين.
و هو ما جعل التعاون بينهما حاليا ممتازا و هو ما يعطي ليوسف الشاهد امكانية ان يكون من رجال “حكومة الرئيس ” و تشير بعض التسريبات ان يوسف الشاهد يرغب في ان يتولى وزارة الخارجية و ان حركة النهضة قد منحته الضوء الاخضر و اشترطت موافقة رئيس الجمهورية على ذلك الذي لا يتوقع أن يكون له “فيتو” .
غير انه من جهة أخرى ومثلما هو حال السياسة التي ليست دائما طريقا سالكة لا عقبات فيها، اذ يبدو ان الاوضاع داخل حركة “تحيا تونس” ليست في افضل حالاتها، و ان الحركة تشهد “نزيفا ” من الاستقالات، التي ان لم يتم محاصرتها – وهو الأرجح والأقرب – فإنها ستؤثر على دورها ( حركة تحيا تونس) و بالتالي على الوزن السياسي لرئيسها يوسف الشاهد.
كما أن على الشاهد أن يسعى لبلورة برنامجا سياسيا متكاملا، من شانه ان يجعل منه رجل سياسة لا تعنيه المناصب بقدر ما يهمه المشروع السياسي الذي يدافع عنه. فهل يستطيع يوسف الشاهد جعل طموحه الشخصي اداة لخدمة مشروع سياسي ام انه سيكون مجرد سياسي لا يهمه الا التموقع؟
خديجة زروق
Comments