الجديد

برغم الكورونا: صندوق النقد الدولي يفرض شروطه على تونس

محسن حسن

وافق صندوق النقد الدولي على منح تونس قرض للمساعدة الطارئة بقيمة 745 مليون دولار أمريكي لدعم السياسات الاستباقية في مواجهة جائحة كوفيد-19.

دعا المدير العام المساعد لصندوق النقد الدولي السلطات التونسية إلى مواصلة تطبيق سياسات اقتصادية حذرة واستئناف عملية الضبط المالي كما طالب البنك المركزي التونسي بتشديد السياسة النقدية إذا ظهرت ضغوط على صعيد سعر الصرف أو التضخم، والامتناع عن إجراء تدخلات كبيرة في سوق الصرف لحماية الدينار التونسي من الانزلاقات المحتملة.


ومن هنا نلاحظ ان صندوق النقد الدولي قدم شروطا تقليدية لمعالجة أزمة غير مسبوقة تعرفها بلادنا، مقترحاته خاصة المتعلقة بالسياسة النقدية تبدو غير منطقية لأكثر من سبب :


1:تهدف الدعوة إلى سياسة نقدية تقييدية إلى التحكم في التضخم وهوهدف مشروع و لكن ألا يمكن التساؤل حول جذوره في هذه الأزمة؟
يعود التضخم ،في إعتقادي، الآن أساسا إلى أسباب هيكلية أكثر منها نقديةوهو ما يدفع إلى القول بأن المعالجةيجب أن تتم عن طريق سياسات حكومية و حباءية أساسا كمقاومة الإحتكار و تأهيل مسالك التوزيع و تطوير العرض و ترشيد التوريد و التحكم في كتلة الأجور …وهو ما يعطي هامش تحرك إضافي للسلطات النقدية لتمويل الإقتصاد و المساهمة في الحد من التأثيرات السلبية لأزمة كوفيد 19.


2:دعوة البنك المركزي لإعتماد سياسة نقدية تقييدية تعني إمكانية الزيادة في نسبة الفائدة المديرية للحد من التضخم و فرض مزيدا من القيود على إسداء القروض للمؤسسات و الأفراد.

هذه الدعوة تبدو في غير محلها في الوقت الحاضر نظرا للحاجة الملحة لدعم المؤسسات و الأفراد من خلال التخفيض في كلفة الديون البنكية و كذلك الحصول على تمويلات بنكية جديدة لمحابهة آثار جائحة جائحة الكورونا.

3-الدعوة إلى إعتماد سياسة نقدية تقييدية تعني عدم تدخل البنك المركزي لتمويل جزئي لخزينةالدولة مباشرة من خلال المساهمة في تمويل برنامج الحكومة الإقتصادي و الإجتماعي الذي يهدف إلى إحتواء الازمة، هذه الدعوة أعتبرها غير معقولة باعتبار حاجة الحكومة إلى الدعم المالي للسلطات النقدية وهو أمر معمول به الآن في جل الدول الغربية الأكثر ليبرالية و كذلك المغرب حيث يمول بنك المغرب خزينة الدولة في حدود 5%من الموارد الجباءية للسنة المنقضية.

4:الدعوة إلى عدم تدخل البنك المركزي في سوق الصرف لمساندة الدينار بدعوى المحافظة على مستوى معقول من الاحتياطي الأجنبي تبدو مجانبة للصواب ،الأزمة الحالية و حالة الركود الاقتصادي ستؤدي إلى تراجع سعر صرف الدينار و هو ما سيؤدي إلى مزيد إرتفاع خدمة الدين و إرتفاع قيمة الواردات بالعملة المحلية، تدخل البنك المركزي في سوق الصرف، للحدمن تراجع صرف الدينار سيساعد على حماية المالية العمومية من مزيد الانزلاقات و التعثر ،رغم كلفته الماليةالباهضة.

لعله من الواجب التذكير بأن بلادنا في حاجة إلى صندوق النقد الدولي و غيره من المؤسسات المالية العالمية لتمويل حاجيات الإقتصاد الوطني ، الحكومة التونسية ستنطلق في مفاوضات جديدة للحصول على تمويلات إضافية من صندوق النقد الدولي ،العقلانية تقتضي حسن إدارة التفاوض و الأخذ بعين الإعتبار عمق الأزمة الحالية و هشاشة المالية العمومية التي تتطلب سياسيات عمومية متكاملة .

هذه الأزمة ستشكل إمتحانا حقيقيا للمؤسسات و قدرتها على التأقلم مع المتغيرات الإقتصادية و المالية العالمية….

المصدر تدوينة لمحسن حسن، الرابط:

https://www.facebook.com/mohsen.hassen.9?__tn__=%2CdC-R-R&eid=ARDEYtVeYm52MtOh8eLJVpUm7vWIjhv-mRQxwo_d-oDCX1nVKPNWNjcXXLRUG_jNkQ0b60-WzJWsZ7Xr&hc_ref=ARSmrG0WyRapWPFekXpRz4xMnQVcR2KXQg9a3fK7MN7j4AMKVHdkPN6R7d_wJBd_EW0&fref=nf

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP