الجديد

هل يصمد " ختيار النهضة"( راشد الغنوشي ) بعد رسالة عتاب الاخوان؟

 
تحليل اخباري – التونسيون
خلف انتهاء التوافق بين الشيخين، راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، والباجي قايد السبسي، رئيس الجمهورية ، بداية خلاف أو شبه أزمة داخل حزب النهضة، ترجمتها رسالة من عدد من قيادات الحزب ، بينها لطفي زيتون المستشار السياسي للغنوشي، وعدد من القيادات الاخرى المؤمنة بضرورة تواصل سياسة التوافق مع رئيس الجمهورية ، رمز الدولة ، وعدم الاصطفاف وراء رئيس الحكومة ، الذي تم وصفه بصاحب الطموحات السلطوية. هذا الخلاف سيكون مرشحا للتطور، اذا لم تنجح القيادة في محاصرته، في اجتماع مجلس شورى النهضة، المقرر لنهاية هذا الاسبوع.
برغم ان فحوى الرسالة، تم نشرها في مواقع إعلامية قريبة من الحركة، فان مناقشتها ستتم داخل مؤسسات الحزب الشرعية، ولا يتوقع أن تكون – على الأقل في المرحلة الحالية – سببا في شق الصفوف أو في “التمرد” على مركزية القيادة، ذات النفوذ الواسع للشيخ المؤسس والرئيس منذ أكثر من أربعة عشريات، من هنا لا يتوقع أن يقع اعتماد “رسالة اخوان الصفا”، كأرضية لانشقاق كما يحدث في احزاب اخرى غير عقائدية، فمركزية القيادة وقوة التنظيم، تفترض الالتزام ب “حق الاختلاف وواجب وحدة الصف”، كما تضمنته تعليمات “البيعة” .
بالعودة لفحوى الرسالة المسربة، نجدها قد انتقدت تغير موقف راشد الغنوشي، من التوافق مع رئيس الباجي قايد السبسي، الى التوافق مع رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، ونبهت “المرشد”، الى “خطورة” هذا التغيير، على مستقبل الحزب في علاقة بتحولات الداخل والخارج. موقف الغنوشي بتحويل وجهة “التوافق”، من قرطاج الى القصبة، قال عنه اصحاب الرسالة في لغة لا تخلو من العتاب لرئيس للحركة انه بصدد التحول ” مع مرور الوقت من موقف سياسي إلى خط استراتيجي، بدا لنا مناقضا لخط التوافق المعتمد سابقا، دون عودة إلى المؤسسات في مراجعة الخيارات والخطة السنوية ودون أي أفق سياسي واضح”، في تناغم مع مواقف في كواليس الحركة، عبر عنها في العلن عضو المكتب السياسي، سيد الفرجاني، بلهجة “تصعيدية” تجاه رئيس الحكومة، موقف سرعان ما تبرأت منه مؤسسات الحركة.
أبدى أصحاب الرسالة تخوفات “مبالغ فيها” من يوسف الشاهد، واعتبر هذا الشق المنتصر للتوافق مع الباجي قايد السبسي ” أننا أصبحنا في قلب الصراع الداخلي لنداء تونس مناصرين لشق الشاهد الذي تتوضح يوما بعد يوم طموحاته السلطوية، واستغلاله لنفوذه واستعماله لوسائل الدولة في جمع الأنصار وكسب الولاء وتكوين كتلة جديدة في البرلمان، فاقدة لأية شرعية انتخابية، إذ يعتمد النظام الانتخابي القائمات وليس الترشحات الفردية” .
مشيرين أيضا الى أنه قد “عادت إلى البروز في أحاديث المجالس وكواليس السياسة، أساليب خلنا أن الثورة قد أنهتها دون رجعة، مثل تكوين “الدوسيات” والتهديد بالاعتقال، واستعمال قانون حالة الطوارئ الموروث من عهود ماضية..” كما اعتبر معارضو التوافق مع يوسف الشاهد ان ” انحياز النهضة لأحد الرأسين قد تسبب في واحدة من أكبر الأزمات السياسية التي تشهدها بلادنا، علاوة على تعطيل البرلمان وجعل تسديد واستكمال المؤسسات الدستورية (هيئة الانتخابات والمحكمة الدستورية خاصة) متعذرا في الوقت الحاضر.” .
وفي خطوة غير مسبوقة رأي أصحاب الرسالة ” أن الخيار السياسي الجديد، الذي نعتبره مناقضا لتوجهات ولوائح المؤتمر العاشر، في دعم التوافق كما كان قائما عند انعقاده، ومتسببا في انهيار التوازن الدستوري بين رأسي الجهاز التنفيذي، بما يضع البلاد على طريق عودة الديكتاتورية، وبما يضع حركتنا في موقف صعب وحرج”.
فضلا عن كونهم رأوا في الاصطفاف وراء الشاهد، بمثابة اعلان قطيعة نهائية مع “صاحب قرطاج”، وهو قرار غير “مأمون العواقب” وفق تقدير “جماعة الرسالة”، الذين اشاروا الى أنه في حالة منح الثقة للحكومة، سنكون ” قطعنا شعرة معاوية مع رئيس الدولة، ومهدنا لمرحلة جديدة من التصعيد وتوتير الأجواء، قد تفصح عما لا يحمد عقباه. “.
الخلاف حول التوافق مع الشاهد، يعيد الى الاذهان الخلاف الذي شهدته كواليس وأشغال المؤتمر العاشر للحركة ( ماي 2016)، الذي تعلق بالخصوص حول مسألة انتخاب المكتب التنفيذي، وتشريكه في القيادة مع رئيس الحركة، وتقاسم الصلاحيات معه، والذي اعتبر أن ولاية الغنوشي يجب ان تكون الاخيرة له، وبالتالي الحد من السلطات المطلقة للغنوشي، وفي ذلك اشارة واضحة لغياب التسيير الديمقراطي للحركة، الذي يتم تشبيهه في ادارة الحركة، بنفس النهج الذي كان يعتمده ” الختيار”، ياسر عرفات في ادارة حركة “فتح” ثم منظمة التحرير.

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP