الجديد

غازي معلى "يقرأ كف 2019": التهديد الإرهابي في العالم سيتضاعف سنة 2019

كتب: غازي معلى
مع مطلع كل سنة جديدة ميلادية جديدة، يتبارى المنجّمون في استكشاف أحداثها المقبلة، واستخدام الكرة الزجاجية لاستباق الإعلان عن وقائعها، وإغراق وسائل الإعلام بالقصص الخيالية. ومنذ ظهور كتاب الطبيب الفرنسي نوستراداموس (1503-1566) والمنجمون يتبارون في حل ألغازه وفك طلاسمه. وعندما تُرجم الى العربية مطلع الخمسينات حمل الترجمة الى القاهرة رئيس حزب لبناني ليطلع الرئيس جمال عبدالناصر على فحوى عبارة ملتبسة تقول: “سيخرج من الشرق مارد أسمر يهدد اوروبا”. وأصر السياسي اللبناني على إقناع الرئيس المصري الراحل بأن العرّاف يشير اليه قبل ولادته بمئات السنين!
ليس صحيحاً أن المهتمين بهذه الظاهرة هم من الطبقة البسيطة التي يبحث أفرادها عن حظوظهم في فناجين القهوة أو فوق خطوط الأكف. ومثل هذا الإدمان النفسي ليس وقفاً على مواطني الدول العربية، وإنما اخترق الحدود ليصل الى مواطني وحكام البلدان الأخرى.
في هذه الورقة، سنحاول استنطاق الكرة الزجاجية عن أحوال العالم خلال السنة المقبلة… سنة العبور بعد نحو عقدين الى القرن الحادي والعشرين. لنبدأ السؤال المتعلق بالإرهاب العالمي، وهل حركة العنف التي أسسها أسامة بن لادن ستستمر من بعده أم لا؟
الأدلة المتوافرة لدى الأمين العام لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي فاليري ميموريكوف تشير الى قيام تحالف سري بين “القاعدة” و”داعش”، أهم تنظيمين إرهابيين في العالم. والنتيجة الطبيعية لهذا التحالف تؤكد نمو هذين التنظيمين في أفغانستان حيث يصار الى بلورة كيان إرهابي جديد بمساعدة “طالبان” وفروعها المتحكمة بمصادر الضغط من كابول الى قندهار. من هنا تحذير موسكو من أن التهديد الإرهابي في العالم سيتضاعف سنة 2019 بسبب ازدياد القوة التدميرية الهائلة لدى مثلث الشر: “القاعدة” و”داعش” و”طالبان”.
ولكن هل تستطيع هذه القوى توفير أعداد كبيرة من الانتحاريين الذين تجندهم لتحقيق أهدافها المدمرة؟ تقدر الأمم المتحدة عدد الذين يعيشون قسراً خارج بلدانهم بأكثر من 250 مليون شخص. كما ترى في الهجرات المتواصلة محركاً وحافزاً لإثارة الخلافات على المستويين السياسي والاجتماعي.
ويُجمع المؤرخون على القول إن وقائع الحروب الأهلية، على مدى السنوات السبعين الماضية، كانت مرتبطة بسكان يعيشون على هامش المجتمع في بيئات متردية مزرية. ومثل هذه البيئات يُشكل أرضاً خصبة لنمو حركات التمرد والعصيان. ومنها خرجت العناصر التي انتمت الى “داعش” الذي اشتهر باحتضان أكبر عدد من الساخطين ومرتكبي الفظائع.
نشر مركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن بحثاً يقول فيه إن عدد الإرهابيين السنّة النشطاء في العالم، ولا سيما “داعش” و”القاعدة”، ازداد بنسبة أربعة أضعاف أعدادهما السابقة. وبحسب معلومات هذا المركز فإن هناك أكثر من 230 ألف إرهابي جهادي معظمهم في أفغانستان وباكستان وسوريا والعراق وغرب افريقيا، وخصوصاً مالي.
والسبب في ازدياد عناصر هذه المنظمات قدرة أفرادها على التكيف مع أساليب عملها، والإلمام بوسائل محاربتها بالتكنولوجيات المتطورة.
ويرى المراقبون أن الرئيس باراك اوباما أخطأ عندما نقل مركز الثقل في الشرق الأوسط الى جنوب شرق آسيا، الأمر الذي سهّل لإيران وروسيا الدخول الى سوريا.
في مؤتمر الأمن العالمي الذي عقد في كندا، اعترف رئيس أركان القوات الاميركية سابقاً الجنرال جوزف دانفورد، بأن الصراع ضد منظمات الإرهاب بعيد جداً عن النهاية. وقال إن مراكز الأبحاث تكتفي بنشاطات الإرهاب لدى السنّة مثل “القاعدة” و”داعش” وفروعهما، لكنها تتغاضى لأسباب مجهولة عن تناول الإرهاب الشيعي الموجه من ايران، والذي يقلق العراق وسوريا ولبنان واليمن، إضافة الى قطاع غزة وحقيقة الأمر أن الدولة الحاضنة لأخطر المنظمات إرهاباً، أي أفغانستان، هي التي تتحمل أكثر الهجمات دموية. وتشير الأرقام الى أن هذه الدولة خسرت خلال السنوات الثماني الماضية أكثر من ألف ومئة وخمسين قتيلاً
كذلك استمرت جماعة “بوكو حرام” النيجيرية في حربها على الجيش النظامي والمسيحيين والمزارعين. ومع أن شيخ هذه المنظمة أعلن ولاءه الكامل لـ”داعش”، إلا أن اختفاء أبو بكر البغدادي حرره من التبعية الخارجية. وبما أن ازدياد أعداد المنضوين تحت لواء “بوكو حرام” قد تضاعف خلال سنة 2018، فإن استراتيجية القيادة لسنة 2019 تركز على مهاجمة الثكنات العسكرية النائية. هذا على رغم تعهد الرئيس محمود بخاري أنه سيستأصل شأفة “بوكو حرام” إلا أن الوقائع أثبتت فشله في هذا المضمار. وآخر عملية قام بها المتمردون انتهت باستيلائهم على قاعدة “ميتيل” العسكرية بكل ما فيها من عتاد ومصفحات ودبابات. أما حصيلة الهجوم فقد انتهت بقتل ستين جندياً بينهم ثلاثة ضباط.
على الصعيد الدولي، يُجمع المؤرخون على أن القرن الاميركي الذي ورث قرن الامبراطورية البريطانية، قد دخل مرحلة الأفول في عهد الرئيس دونالد ترامب.لصالح “الامبراطورية الصينية” الصاعدة والتي أخذت في التمدد.
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP