الجديد

الترويكا والتسفير .. العريض "يتفاعل ايجابيا " مع تشخيص سفير أمريكا

تونس- التونسيون
قال علي العريض نائب رئيس حركة النهضة ورئيس الحكومة الأسبق زمن الترويكا في تصريح لاذاعة “موزايك” الأحد 23 ديسمبر 2018، إن تقرير السفير الأمريكي جاكوب والس لا يدين حركة النهضة مباشرة، معتبرا أن ”من تناقلت هذا الادعاء وادعت أننا نتحمل مسؤولية تنامي الإرهاب زمن حكم الترويكا، هي الصحافة لا السفير”.
ووصف العريض تصريحات والس ، بأنها توصيف دقيق للواقع زمن الترويكا، قائلا إن السفير الأسبق اعتبر أن في سنتي 2011 و2012 كانت مؤسسات الدولة التونسية ضعيفة مقابل انفتاح غير مسبوق لللحريات الأمر الذي جعل بعض التيارات الإرهابية تستفيد منها وهذا أمر دقيق وصحيح بحسب قوله.
وفي سياق متصل، أكد العريض أن الدولة التونسية التي شهدت نوعا من الضعف تجاه هذه التنظيمات، ”التي لقيت تعاطفا شعبيا”، استعادت عافيتها وقوتها في مواجهة هذا التيار مع منتصف سنة 2012 وتزامنا مع ما يعرف بحادثة استهداف السفارة الأمريكية كما أكد والس ذلك. ولفت الانتباه إلى أن سنة 2011 كانت الحكومة تحت إمرة الباجي قائد السبسي وفي سنة 2012 كان الحكم بيد الترويكا.
وأوضح وزير الداخلية الأسبق علي العريض أن الوقت الذي استغرقته مؤسسات الدولة لتواجه هذه التنظيمات ”هو الوقت الطبيعي لإعادة بناء ما احترق من مراكز أمنية أثناء الثورة، ولتعافي معنويات أعوان وإطارات المؤسسة الأمنية. وبحسب العريض المجتمع التونسي نفسه استغرق ذات الوقت ليفهم هذه التيارات الإرهابية ويقرر مواجهتها واقعيا”.
وذكر العريض بأن بعض المواجهات الأمنية مع هذه التيارات كانت توجه على المستوى الإعلامي على أنها تهديد وتضييق على الحريات في حين أنها تنظيم للحريات وليس حدا منها.
وخلص العريض إلى القول إن ما اطلعت عليه من تقارير يجعلني أعتبر أن كلام السفير الأمريكي لم يبتعد عن توصيف الواقع الذي مرت به الثورة التونسية، وان كان قراءة من ضمن قراءات قد تختلف” على حد تعبيره. وأضاف قائلا ”إن أي ثورة قد تعرف في أشهرها الأولى قدرا من الانفلات والتفاعل الشعبي الذي يؤخر بقدر ما سياسة الحزم”. .
مداخلة جاكوب واليس
لسنوات، لم تبرز أي إجابة جيدة على السؤال التالي: لماذا ينحدر الكثير من المقاتلين الأجانب من تونس؟ لحسن الحظ، توفر الدراسة الجديدة لهارون زيلين العديد من التفاصيل الضرورية لسدّ هذه الثغرة، بتسليطها الضوء على وضع تونس الفريد كدولة تتعامل مع الإرهاب والتطرف وسط حالة من الانتقال السياسي الديمقراطي.
ويستحق جانبان من دراسته اهتماماً خاصاً. أولاً، تناولها مجموعة معقدة من الأسباب التي تدفع هذه الظاهرة. ثانياً، تقديمها إحصاءً دقيقاً عن عدد المقاتلين التونسيين الذين وصلوا فعلاً إلى سوريا والعراق.
في أعقاب ثورة 2011، أدّت العديد من التطورات السياسية الرئيسية إلى تمهيد الأرضية لبروز مقاتلين أجانب من تونس. ففي العام نفسه، أعلنت الحكومة عفواً عن جميع السجناء السياسيين، في خطوة انتهت بإطلاق سراح العديد من الجهاديين الخطرين. وفي الوقت نفسه، أدّت التغيرات ضمن قوات الأمن عقب الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي إلى تقليص قدرة الدولة على التعامل مع هؤلاء الجهاديين، مما ساهم في [بروز] المشاكل اللاحقة. وكما ذكرنا سابقاً، تسامحت حكومة الترويكا التي حكمت بين عاميْ 2012 و2013 في بادئ الأمر مع الأنشطة الجهادية. وعند جمع هذه العوامل سويّة، نجد أنها سمحت بتشكيل الجماعات المتطرفة وقيام هذه الأخيرة بتجنيد أفراد جدد وتسهيلها السفر إلى ليبيا وسوريا والعراق وتنظيمها في النهاية هجمات داخل تونس.
وتألف ردّ الحكومة من أربع مراحل. خلال المرحلة الأولى (من 2011 إلى أيلول/سبتمبر 2012)، سُمح عموماً لـ «أنصار الشريعة» وغيرها من الجماعات المتطرفة بتنظيم صفوفها علناً وإرسال مقاتلين للانضمام إلى ما كان يُعتبر آنذاك كفاحاً شعبياً ضدّ نظام الأسد في سوريا. وفي المرحلة الثانية (2012-2014)، أدركت الحكومة أنها تواجه مشكلة، حيث بدأت الجماعات المتطرفة بتنفيذ عمليات إرهابية داخل تونس – بدءاً بهجوم أيلول/سبتمبر على السفارة الأمريكية الذي تلاه عمليتي اغتيال سياسي بارزتين في عام 2013.
وخلال المرحلة الثالثة (2014-2015)، بدأت الحكومة التكنوقراطية بقيادة مهدي جمعة بتعزيز تعاونها مع الولايات المتحدة وشركاء أجانب آخرين بشكل كبير. وتمّ تمرير قانون جديد لمكافحة الإرهاب في عام 2015، كما تحسّنت قدرة قوات الأمن على مواجهة الإرهاب. وقد دفعت هذه القيود المحلية إلى قيام الجهاديين بتحويل عملياتهم إلى الخارج، كما أن التدفق المتنامي للمقاتلين الأجانب إلى ليبيا وسوريا والعراق خلال هذه الفترة تزامن مع صعود تنظيم «الدولة الإسلامية».
أما المرحلة الرابعة (من 2014 حتى الوقت الحاضر) ، فقد شهدت تحوّل التركيز نحو المقاتلين العائدين، مع بروز جدال علني بين التونسيين حول كيفية التعامل معهم. وتدرك الحكومة أن نهج قائم على الأمن غير كافي، ولكنها في الوقت نفسه لم تحرز تقدماً ملحوظاً باتجاه اعتماد مقاربة أكثر شمولية. ورغم تحسّن الوضع بشكل كبير مقارنةً بالفترة 2012-2013، فضلاً عن عدم تعرُّض تونس لهجوم كبير منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2015، إلّا أنه لم يتمّ تحقيق الكثير لمعالجة المحرّكات الكامنة للتعبئة والانتشار. وصحيح أن الحكومة قادرة الآن على التعرّف على العائدين عند المعابر الحدودية الرسمية، لكنها لا تملك خطة بشأن ما يجب فعله حالما يتم تحديد هويتهم، كما تفتقر قواتها الأمنية إلى الوسائل اللازمة لمراقبتهم. وفي غضون ذلك، لا تزال السجون المكتظة في البلاد تمثّل أرضاً خصبة للجهاديين. ورغم حصول تونس على مساعدة من الولايات المتحدة في إدارة السجون، إلّا أن مشاكل التطرف والأمن متداخلة بشكل وثيق مع القضايا السياسية والاقتصادية الأكبر، مما يجعل حلها صعباً بشكل خاص.
يذكر أنه في 10 ديسمبر، خاطب هارون زيلين وجاكوب واليس منتدى سياسي في معهد واشنطن كجزء من سلسلة محاضرات شتاين لمكافحة الإرهاب. وزيلين هو زميل ريتشارد بورو في المعهد ومؤلف دراسته الجديدة المقاتلون الأجانب التونسيون في العراق وسوريا .
وواليس كان يشغل سابقاً منصب سفير الولايات المتحدة في تونس وعمل كمستشار أقدم لشؤون المقاتلين الأجانب في مكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم.

دراسة أمريكية: لم يصل إلى منطقة النزاع بالعراق وسوريا سوى 2900 مقاتل تونسي

مداخلة هارون زيلين
تنبع التعبئة الكثيفة للتونسيين في الجهاد العراقي والسوري من عدد من العوامل المحلية والأجنبية. فعلى الصعيد المحلي، فضّلت الحكومة التونسية الحوار على القمع لمدة عامين بعد ثورة 2011، مما سمح للجهاديين بالعمل علانية دون الكثير من المضايقات. غير أنه في ظل تنامي التهديد الذي يطرحه المسلحون، بدأت الحكومة بقمع جماعة «أنصار الشريعة» في ربيع عام 2013، لتتوّج تحركها بتصنيف التنظيم كجماعة إرهابية في آب/أغسطس من ذلك العام. وأدت حملة القمع إلى تدفق المقاتلين، بالتزامن مع توسّع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق» وانتشاره في سوريا، وبذلك أصبحت هذه الجماعة تُعرف باسم تنظيم «الدولة الإسلامية».
ومع ذلك، أثبتت بعض الافتراضات عدم صحتها فيما يتعلق بالمقاتلين التونسيين. فمن ناحية، كان عدد الذين انخرطوا في الحرب في العراق وسوريا أقل مما كان يُعتقد عموماً – فقد حاول نحو 27 ألفاً الانضمام [إلى المعارك] لكن لم يصل سوى 2900 مقاتل فقط إلى منطقة النزاع، أي أقل من نصف التقديرات المعتادة. فضلاً عن ذلك، تفشت ظاهرة التعبئة والانتشار في مختلف أنحاء تونس وليس في مدينة أو منطقة محددة. وفي حين انضم بعض المقاتلين إلى «جبهة النصرة» التي كانت تابعة لـ تنظيم «القاعدة» في البداية، إلا أنه انتهى المطاف بالكثيرين إلى الانضمام إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» بمجرد إعلان هذه الجماعة صراحة عن وجودها في سوريا في نيسان/أبريل 2013.
وفيما يتعلق بدوافع هؤلاء المقاتلين، تبرز ثلاثة عوامل. أولاً، أصبح الكثير من التونسيين يشعرون بخيبة أمل من السياسات التي أعقبت الثورة، وخاصة الشباب المثقف الذي عانى من البطالة بمعدلات مرتفعة للغاية. وعلى الرغم من التقدم السياسي التدريجي الذي شهدته السنوات السبع الماضية، إلا أن المكافآت الاقتصادية لم تظهر بعد، مما دفع البعض إلى التطرف. ثانياً، شكّلت إعادة تأسيس الخلافة مُحفّزاً قوياً للانضمام إلى الجهاد. فحين أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية» عن هذه الخطوة، اعتبر الكثيرون في الحركة الجهادية هذه الأخبار بمثابة فرصة للمسلمين للتفوّق من جديد. ثالثاً، من أجل التكفير عن الخطايا السابقة المحسوسة، انضم بعض الأفراد من ذوي السوابق الجنائية إلى الجماعات الجهادية للإفتداء بأنفسهم.
وبمجرد وصولهم إلى الخارج، انخرط المقاتلون التونسيون في عدة أنواع من الأنشطة. ولعل الأكثر شهرة من بينها كانت مشاركة اثنان منهم في عملية تعذيب وقتل الطيار الأردني المعتقل النقيب معاذ الكساسبة. وشارك بعضهم الآخر في التوعية والتعليم الديني كجزء من مشروع بناء الدولة الذي ينتهجه تنظيم «الدولة الإسلامية». ومن بين أولئك الأفراد أبو وقاص التونسي الذي كان من أوائل المشاركين وأصبح الوجه المعروف لبرنامج الدعوة الخاص بالتنظيم، حيث ظهر في ستة من أشرطة الفيديو المرتبطة بالبرنامج بحلول نهاية 2013. ومن جهتِهنَّ، ساعدت المقاتلات التونسيات في رسم معالم رؤية مجتمع تنظيم «الدولة الإسلامية»، بما في ذلك من خلال لواء الخنساء السيئ السمعة، بزعامة إمرأة تونسية تدعى أم ريان.
وعلى صعيد التعامل مع المقاتلين العائدين، يبدو أن تونس تأمل في أن تُصلح المشكلة نفسها. فالحكومة لا تقدّم أي مبادرات لإعادة تأهيل الأفراد الذين قاتلوا في سوريا أو إعادة دمجهم – فالعائدون إما محتجزون في السجون أو أحرار في الانضمام إلى المجتمع العام. وعلى الرغم من الخطر الذي تطرحه مثل هذه المقاربة، يوفّر الوضع الديمقراطي لتونس ميزة تتمثل بإمكانية اعتماد الحكومة على المجتمع المدني القوي في البلاد للمساعدة في حل مثل هذه الأمور بدلاً من اتّباع مقاربة قائمة على الأمن بصورة بحتة. ويبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الإستراتيجية ستؤتي ثمارها. وفي غضون ذلك، ونظراً للبيانات الواسعة النطاق حول الجهاديين في البلاد، من السهل معرفة سبب قلق المسؤولين في تونس وأوروبا والولايات المتحدة من نوايا الحركة.
المصدر: معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP