الجديد

بعد لقاءات مع مسؤولين أتراك وقطريين .. السبسي يحاصر النهضة ب "حلفائها" !

منذر بالضيافي
استقبل رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، الاثنين 24 ديسمبر وزير الخارجية التركية، الذي أدى زيارة يومين لتونس، بدعوة من نظيره التونسي، كما استقبل اليوم الثلاثاء، 25 ديسمبر 2018 بقصر قرطاج، سعد بن ناصر الحميدي، سفير دولة قطر بتونس، وهما دولتين تربطهما علاقات “تحالف” مع حركة “النهضة”، مثلما هو شائع لدي “العامة” و “الخاصة” في تونس. 
البلاغات الرسمية، الصادرة عن ادارة الاعلام والاتصال بقصر قرطاج، لنشاط الرئيس خلال اليومين الأخيرين في علاقة بتركيا وقطر، لم تخرج عما عهدناه من بعد “رسمي” و “ديبلوماسي”، تتعلق “بمزيد تعزيز علاقات الأخوة والتعاون بين تونس وقطر وسبل مزيد تنميتها وتطويرها في شتى المجالات “.
بعيدا، عن “روتينية” البلاغات الرئاسية، نرى أنه من الضروري ربط هذا الحراك الدبلوماسي للرئيس الباجي قايد السبسي، بالأوضاع الداخلية في تونس، خصوصا في ظل استمرار الأزمة السياسية، التي نلاحظ أنها بصدد “التمدد”، وعلى خلاف ما كان متوقعا فان التحوير الحكومي الأخير، لم يجعل حد لهذه الأزمة.
بل نلاحظ أن الأزمة السياسي، بدأت تأخذ من منعرجا هاما  باتجاه “أزمة حكم”، من خلال انتقال التوتر بين “القصرين”، بين قصر قرطاج وقصر القصبة.
حيث انتقلنا براي،  من “حرب باردة” بين “القصرين” الى “حرب مفتوحة”، يبدوا أن البلاد وهي التي تمر باستقرار يجمع الجميع على أنه “هش”، غير قادرة على تحمله، بين الرئيس الباجي قايد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد.
سبق وأن أشرت، في مقالات سابقة ( هنا في موقع “التونسيون” )، الى وجود “وساطة” قطرية،  لرأب الصدع،  وتقريب وجهات النظر،  غايتها اعادة الأمور الى ما كانت عليه قبل “فك الارتباط” بين “الشيخين”، اذ ان العودة الى ما قبل اعلان الرئيس السبسي عن “نهاية التوافق”، تبدوا بمثابة “المستحيل”، برغم أنه في السياسة “كل شيء ممكن”، فالسياسة تحكمها “المصالح” و “موازين القوى” لا “العواطف”.
مثل السياسة، التي تنحوا نحو “العلوم الصحيحة”، كذلك الشأن في تقديري بالنسبة للتحليل السياسي، الذي هو أيضا ليس من قبيل “المقولات الميتافزيقية”، فهو يستند للمعلومات وأيضا لعمق المقاربة والثقافة السياسية، التي تخول لصاحبها الربط بين المعطيات وحسن التقاط ما وراء التصريحات والخبر وما واراء البلاغات الرسمية.

ما رشح الينا من “معطيات” و “ربط” لما يجري من حراك دبلوماسي في علاقة بالشأن الداخلي، يجعلنا نذهب الى القول بأن الرئيس الباجي قايد السبسي “نجح” في “تجفيف منابع” تحالفات “النهضة” وعلاقاتها الخارجية، وتحديدا عند حلفائها الرئيسيين، وأعني هنا بدرجة أولى “قطر” ثم بدرجة أقل “تركيا”، وأن الرجل بصدد محاصرة النهضة بما كان يسمى “حلفائها”.
في هذا السياق استطاع “صاحب قرطاج” تحقيق “انتصارات” في اختراق “حلفاء” النهضة التقليديين، برز ذلك بوضوح من خلال “تفهم” الدوحة لرواية الرئيس السبسي في عرض أسباب فك الارتباط مع “الشيخ الغنوشي”، وهو ما جعلها تشدد على حلفائها بضرورة مراجعة موقفهم من “انهاء التوافق”، في ما أعتبر من قبل النهضويين ( وفق ما علمنا  من الداخل النهضوي) موقف “قريب” حتى لا نقول “منتصر” للرئيس السبسي.
يدرك الرئيس السبسي أن حركة “النهضة” تعول كثيرا على البعد الخارجي، وهو أمر صحيح وتؤكده سياسات الحركة، ناهيك وأنها كلفت “صهر الشيخ” بالإشراف على هذا الملف ومتابعته مباشرة، خاصة في علاقة “بحلفائها”  في الاقليم (تركيا وقطر ) أو في علاقة بصورتها في العالم الغربي “أوروبا وأمريكا).
وهنا لا أستبعد أن النهضويين مستعدين للتضحية بتحالفاتهم الخارجية وعلاقاتهم الدولية التي تعتبر أساسية بالنسبة لهم لفرض وجودهم في الداخل، هذا الوجود في الداخل الذي ما زال يلاقي “رفضا” من قبل أوساط كبيرة من “النخب” ومما يسمى ب “الدولة العميقة”.
فضلا عن حصيلة حكم سلبية جدا سواء، خلال فترة الترويكا أو خلال فترة حكومة “الوحدة الوطنية” برئاسة يوسف الشاهد، خاصة بعد التحوير الوزاري الأخير، والذي أصبح معه جزء كبير من الطبقة السياسية يعتبرها “حكومة النهضة”.
 
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP