الجديد

في الذكرى 12 للثورة: تونس على وقع أزمة مركبة وشاملة .. وتعدد لمبادرات “الإنقاذ والدعوات للحوار”

تونس- التونسيون- 

يحيي التونسيون اليوم الذكرى 12 لعيد ثورة الحرية والكرامة، ثورة 14 جانفي 2011، وهم يودعون سنة صعبة ويستقبلون سنة أصعب على جميع الأصعدة ووفق كل المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

في الذكرى 12 لثورة اختلف التونسيون في اعتماد تاريخ رسمي لها، 17 ديسمبر أو 14 جانفي، يكون وسط العاصمة وبالتحديد شارع الحبيب بورقيبة، مجددا، مسرحا يحتضن صوت المعارضة أو بالأحرى أصواتها، باعتبار أنها تخرج للشارع متفرقة في مسيرات ووقفات تختلف شعاراتها رغم إجماعها على المطالبة بتجميد مسار 25 جويلية ورحيل رئيس الجمهورية الذين يحملونه مسؤولية الازمة المتعددة الابعاد التي تعيشها البلاد

12 سنة مرت على ثورة الحرية والكرامة لم تكن كافية للحسم في أكبر الملفات،على غرار قضايا الاغتيالات السياسية وغلق ملف شهداء الثورة وجرحاها بصفة نهائية والفصل في الملفات المتعلقة بالانتقال الديمقراطي، لتعيش البلاد على وقع أزمة سياسية خانقة دون وجود أي بوادر للانفراج فضلا عن أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.

وفي الوقت الذي تتمسك فيه المعارضة بشعاراتها السياسية بالأساس وتخوض معركتها مع رئيس الجمهورية، يواجه التونسيون معركتهم اليومية مع واقع اقتصادي دقيق وتدهور للمقدرة الشرائية بسبب ما تعيشه المالية العمومية من ازمة وتاثيرات الحرب الروسية الاكرانية على اقتصاديات عديد البلدان ومن بينها تونس ، وهو ما ادى الى ارتفاع الأسعارونسبة التضخم ، وافتقاد السوق للعديد من المواد الأساسية وعدم القدرة على إيجاد حلول لمنظومة الإنتاج والتزويد في العديد من القطاعات.

على الصعيد السياسي وبالرغم من الاتفاق بين أغلب القوى السياسية والمدنية على أن الخروج من الوضع الراهن في تونس لا يكون سوى عبر الحوار الحقيقي والمعمق حول القضايا الجوهرية التي تهم التونسيين ومصالحهم بدرجة أولى ومستقبل البلاد، فإن القوى السياسية المعارضة مازالت غير قادرة على التوافق حول بديل وبرنامج سياسي والالتقاء في جبهة قوية للضغط من أجل تحقيق مطالبها المشتركة

في المقابل فإن الأطراف السياسية الداعمة لمسار رئيس الجمهورية تعتمد مبدأ الإقصاء تجاه ما يسمونها بمنظومة ما قبل 25 جويلية، ورغم إقررها بوجود هنات ومشاكل تشوب مسار الرئيس فإنها ترفض قطعيا إيجاد حلول تتضمن التعامل مع المنظومة السابقة حتى في ما يتعلق بمبادرات الإصلاح والدعوات للحوار.

//مسيرات متعددة وغياب منظمات وطنية هامة عن المظاهرات

وفي حين تراهن المعارضة السياسية على الخروج للشارع اليوم في ذكرى 14 جانفي لاستعراض قدرتها على الحشد ضد سياسة الرئيس، وفق ما لاحظه محللون، فإن كبرى المنظمات الوطنية وفي مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل لم تدع للمشاركة في هذه الاحتجاجات، رغم معارضته لخيارات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية ورفضه لقانون المالية لسنة 2023 وأحكامه الصعبة على مختلف الشرائح الاجتماعية والاقتصادية.

وقال الناطق الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري إن المنظمة الشغيلة لم تدع إلى المشاركة في هذه التحركات، كما أنها لم تمنع النقابيين من المشاركة فيها مشددا على أن المنظمة ترفض كل تضييق على الحريات وعلى حق التظاهر خاصة إذا كانت التظاهرات سلمية

ودعت العديد من التشكيلات السياسية والمدنية إلى التظاهر بكثافة اليوم وسط العاصمة وفي مقدمتها جبهة الخلاص وتنسيقية الأحزاب الديمقراطية ،على جانب الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية وائتلاف صمود رفقة مجموعة من الأحزاب السياسية .

أما الحزب الدستوري الحر فهو متمسك بالقيام بمسيرة إلى القصر الرئاسي رغم عدم حصوله على تصريح بذلك ومنع أنصاره صباح اليوم السبت من قبل قوات الأمن من استعمال وسائل النقل العمومي أو السيارات الخاصة أو حتى التنقل على الأقدام نحو وجهتهم، وفق ما أكدته رئيسة الحزب عبير موسي.

وفي المقابل اختارت الأحزاب الداعمة لمسار الرئيس عدم الالتحاق بالمظاهرات المنتظمة اليوم، انطلاقا من خلاف جوهري مع الداعين للاحتجاج على الوضع القائم والذين يعتبرون أن ما حصل في 25 جويلية 2020 هو انقلاب، ومن بين هذه الأطراف حزب التيار الشعبي وحركة الشعب وتونس إلى الأمام إلى جانب من يصفون أنفسهم بالحزام السياسي للرئيس وهم حراك 25 جويلية.

كما دعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين رفقة مجموعة من المنظمات إلى تنظيم وقفة أمام مقرها بالعاصمة احتفالا بعيد الثورة واحتجاجا على وضعية حرية التعبير والحريات والتضييق على الإعلاميين والحقوقيين ومحاكمتهم على أفكارهم وآرئهم طبقا للمرسوم عدد 54 الذي تطالب الاحزاب السياسية والقوى المدنية بإلغائه..

وتنتقد القوى المعارضة لمسار 25 جويلية أيضا إحالة عدد من السياسيين على القضاء والتحقيق معهم في قضايا تتعلق بالارهاب والفساد في ما اعتبرته المعارضة انتقاما من رئيس الجمهورية من خصومه السياسيين.

//تعدد المبادرات السياسية وسط توقعات بفشلها

ووسط هذا الوضع الدقيق، تعددت المبادرات، في اتجاه إيجاد حلول وتجميع مختلف الأطراف على طاولة الحوار حول هدف واحد وهو الخروج من الوضعية الصعبة التي تمر بها البلاد على مختلف المستويات، إلا أن أغلب هذه المبادرات مازالت في طور النوايا او وضع الخطوط العريضة والمشاورات الاولية ، وفي مقدمتها مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل مع عمادة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

كما تحدثت شخصيات سياسية عن مبادرات للانقاذ على غرار غازي الشواشي الأمين العام السابق المستقيل من التيار الديمقراطي ومبادرة ائتلاف صمود مع مجموعة من الاحزاب والتشكيلات المدنية

ويطرح حراك 25 جويلية الداعم للرئيس، بدوره، مبادرة أخرى للانقاذ ولكنها تجمع فقط الداعمين للمسار او للراغبين في الالتحاق بهم.

ويعد الطابع الانتقائي والإقصائي ، العنصر المشترك الذي يجمع تقريبا كل المبادرات، وهو ما اعتبره محللون سياسيون ينبئ بفشلها، فضلا عن المطالب بتنحي رئيس الجمهورية التي اعتبروها مطالب غير واقعية

وفي هذا السياق أكد الأمين العام للتيار الديمقراطي أن كل محاولات الإصلاح والإنقاذ والمبادرات مصيرها الفشل حتميا مادام رئيس الجمهورية على رأس السلطة وان الحل الوحيد هو في أن يضغط عليه الشعب بالطرق السلمية والقانونية حتى يغير سياساته او يرحل عن الحكم.

وفي المقابل يواصل الرئيس مساره متمسكا بمواقفه الرافضة للتعاطي مع من يمثلون منظومة ماقبل 25 جويلية، ليؤكد خلال جولة له عشية امس الجمعة وسط العاصمة، وقبل يوم من المسيرات الاحتجاجية المتعددة، بأن لا رجوع إلى الوراء وعلى أن الكلمة النهائية تعود إلى الشعب ، مشددا على أن 17 ديسمبر هو تاريخ الثورة التونسية وليس 14 جانفي.

ويرى ملاحظون ان تونس تعيش وضعا يتطلب وعيا من قبل السلطة والنخب بحتمية كسر حالة الجمود والدوران في حلقة مفرغة من الخلافات التي لن تزيد إلا في تعقيد الاوضاع ، والانكباب في المقابل على إيجاد حلول فعلية لكبرى القضايا الوطنية لا سيما وأن الوضع الاقتصادي الصعب، ينبئ بتطور وتيرة التحركات الاحتجاجية الاجتماعية . ”

 

 

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP