الجديد

خبير اقتصادي: “الموقف التونسي مازال غامضا، فالحكومة ترفع لاءات وخطوطا حمراء في حين أن صندوق النقد الدولي لم يفرض شروطا واضحة”

تعيش تونس وضعا اقتصاديا يصفه العديد الخبراء بالصعب، وقد زاد من تعقيد هذه الأوضاع الأزمة المالية الخانقة وتعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

في هذا الحوار مع “أصوات مغاربية” يقدم الخبير الاقتصادي ووزير التجارة التونسي السابق، محسن حسن تقييمه للوضع الاقتصادي في تونس، تداعيات تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، قراءته لأسباب أزمة الخبز الأخيرة، وقضايا أخرى.

في هذا الحوار الذي أجراه موقع  “أصوات مغاربية” يقدم الخبير الاقتصادي ووزير التجارة التونسي السابق، محسن حسن تقييمه للوضع الاقتصادي في تونس، تداعيات تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، قراءته لأسباب أزمة الخبز الأخيرة، وقضايا أخرى.

نص المقابلة: 

كيف تقيمون الوضع الاقتصادي في تونس؟

من الواضح اليوم أن تونس تعيش أزمة اقتصادية ومالية خانقة وغير مسبوقة ذلك أن النمو الاقتصادي الذي وقع تحقيقه في نهاية الثلاثي الأول للسنة الحالية بنسبة بلغت 2.1 بالمائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2023 مقارنة بالثلاثي ذاته من 2022  (1.8 بالمائة) لم يحقق المطلوب، ويرجع ذلك إلى ضعف الاستثمار الذي يعد محركا أساسيا للنمو.

هناك أيضا قطاعات اقتصادية كبرى تعرف تراجعا كالصناعات الاستخراجية والبترول وذلك يعود إلى عدة أسباب منها الخارجية كأزمة الكوفيد والحرب الروسية الأوكرانية، إلى جانب عدة أسباب داخلية تتجسد في عمق الأزمة كانعدام الثقة بين المتعاملين وغياب برامج الإنعاش الاقتصادي وسياسات اقتصادية تحقق الخروج من الازمة.

الجانب الآخر للأزمة الخانقة يتمثل في حاجة الدولة للتمويل الداخلي والخارجي بنحو  23 مليار دينار من بينها  حوالي 14.5 مليار دينار ديون خارجية لم تتمكن تونس من تعبئتها جراء عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وبالتالي فإن أزمة المالية العمومية مازالت عميقة وتأثيراتها واضحة.

تواجه تونس هذه الأيام أزمة تزود بالخبز، برأيك هل هي أزمة مفتعلة أم سوء إدارة من الدولة؟

يكفينا من نظرية المؤامرة، ما يحصل هو سوء إدارة وضعف إمكانيات الدولة، أعتقد أن المشكل الأساسي يكمن في عدم إيفاء الدولة بتعهداتها تجاه المخابز  خاصة في ما يتعلق بمسألة الدعم، علاوة على  عدم قيام مؤسسات الدولة بدورها في مجال توفير الإمكانيات المالية لاستيراد حاجياتنا من الحبوب ما يتسبب في اضطراب في التوزيع إذ لا تتحصل المطاحن على الإمكانيات المطلوبة ولا تتمكن من توفير الطحين اللازم للمخابز ما يؤدي إلى تسجيل نقص حاد في التزود بالخبز .

بالعودة إلى الوضع الاقتصادي، المفاوضات بين تونس وصندوق النقد الدولي بشأن القرض الأخير مازلت متعثرة، أي تداعيات لذلك مستقبل الاقتصاد؟

 لابد من الإشارة إلى أن الموقف التونسي مازال غامضا، فالحكومة ترفع لاءات وخطوطا حمراء في حين أن صندوق النقد الدولي لم يفرض شروطا واضحة.

أعتقد أنه كان من المفروض أن نتفاوض مع الصندوق لإيجاد حلول للنقاط الخلافية المتعلقة بالدعم مع مراعاة  السلم الاجتماعي تجنبا لخطورة تأخر التوصل لاتفاق على الاستقرار المالي، لذلك أرى أن التوصل إلى الاتفاق مع الصندوق هو أهم حبل للنجاة فالاعتماد فقط على الإمكانيات الذاتية ستكون له كلفة باهظة.

كيف تنظرون للجوء الحكومة إلى الاقتراض الداخلي من البنوك التونسية؟

في ظل استحالة تعبئة موارد مالية خارجية  بسبب اشتراط عدة دول  التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد بما في ذلك بعض الدول العربية لجأت الحكومة إلى التداين الداخلي الذي وصل إلى مستويات قياسية.

اليوم التداين الداخلي تقريبا يمثل 45 مليار دينار من مجموع دين عمومي بـ117 مليار دينار وهو رقم مرتفع جدا ويمثل 36 في المائة في الدين الداخلي.

البنوك المحلية هي أكبر المقرضين الداخليين المعرضين للمخاطر باعتبار أن قائم قروض الدولة لدى القطاع البنكي يبلغ تقريبا 24.5 مليار دينار وهو مايمثل 18 في المائة تقريبا من مجموع التزامات البنوك التونسية للاقتصاد الوطني وهذا رقم خطير جدا  .

إن اللجوء المفرط للبنوك بهذه الطريقة له تأثيرات على السلامة المالية وعلى الصلابة المالية للبنوك التونسية وقدرتها على القيام بدورها في دعم الاقتصاد وحشد الادخار وتمويل المؤسسات والأفراد وهذا يرفع المخاطر على البنوك التونسية بسبب عدم احترام قواعد التصرف الحذر والتصرف في المخاطر المعمول بها في النظام البنكي عالميا ولا يمكن لتداين الدولة من القطاع البنكي أن يتجاوز الحدود المعمول بها دوليا.

ماذا عن تراجع احتياطي تونس من العملة الصعبة؟

في ظل عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وضعف الموارد المالية بالعملة الصعبة والتزامات  تونس لخلاص أقساط بعض القروض الخارجية التي حل أجلها فإنه من الطبيعي أن يتراجع رصيد تونس من العملة الصعبة  إلى حدود 93 يوم توريد.

هذا التراجع محير جدا وقد تكون له انعكاسات خطيرة إذا ما تواصل الأمر على سعر صرف الدينار وارتفاع نسب التضخم وأتوقع أنه إذا لم تتوصل البلاد إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي قد يصل رصيدنا من العملة الصعبة مع حلول نهاية السنة الحالية إلى حدود 60 يوم توريد رغم وجود مؤشرات حول موسم سياحي ناجح وتوقعات بارتفاع تحويلات التونسيين بالخارج.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP