الجديد

المشهد التونسي: الجامعيون في القصر .. الحوار لصنع القرار

منذر بالضيافي

اللقاء الذي جمع، في قصر قرطاج، الجمعة 2 جوان 2023، الرئيس قيس سعيد بمجموعة من الأساتذة الجامعيين، ” لبحث جملة من المواضيع ذات العلاقة بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تونس”، وفق ما جاء في بلاغ لرئاسة الجمهورية، في سياق تمر به تونس بأزمة اقتصادية غير مسبوقة، لا يمكن أن يكون الا ايجابيا، وهو ما أجمع عليه كل المتابعين للمشهد العام في تونس.

على اعتبار وأنه يمكن أن يكون بمثابة “عودة للحوار”، الذي هو مطلب العديد من القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني وكذلك النخب، وهو برأي يعد استجابة من الرئيس سعيد ل “حوار” يحرص دائما على أن يكون “غير تقليدي”.

بمعنى مختلف عن الحوارات السابقة، والتي كان مدارها “اقتسام كعكة الحكم”، أكثر من البحث عن “أفكار” و “مقترحات”، تساعد صانع القرار، وهو هنا محق في ما ذهب اليه، لأن أوضاع البلاد وخاصة الاقتصادية والاجتماعية، لم تعد تسمح بحوارات “تقعيد العود” كما يقول المثل الشعبي، بل أن السياق يتطلب النجاعة والتسريع باتخاذ القرار.

ما يجعل من لقاء قرطاج الأخير، مناسبة أيضا “لتجسير الفجوة” بين “النخب” و “قصر قرطاج” الذي “يتهم” من قبل خصومه بأنه على خلاف – حد العداء – مع النخب، وهو هنا اختار تفنيد ذلك عبر التواصل مع النخب والانصات لمقترحاتهم.

وتحديدا مع “الجامعيين”، الذين هم أقرب الى “الخبراء”، فضلا على قربه – بحكم مساره المهني والأكاديمي – من هذه الفئة، وأيضا بحكم الزمالة و”الثقة” في قدراتهم ونواياهم “الصادقة”، في تقديم “المشورة” والمساعدة الايجابية في صنع القرار، في لحظة فارقة تمر بها تونس، وهو ما يفسر المناخ الايجابي والتلقائي الذي ميز لقاء الجمعة، وفق تسريبات وتصريحات عدد من الحضور.

ان الوعي بأهمية الحوار، أيا كان “الكادر”  والاطار و طبيعة الحضور، هو يعبر عن واقعية  ومرونة سياسية  و وعي بأن البلاد تمر بأزمة اقتصادية ومالية خانقة، مرافقة بقلق مجتمعي، ما يجعل من لقاء الجمعة  اطار يمكن البناء عليه، ليكون مقدمات للتعاقد على الحد الأدنى المشترك، و للبحث عن الحلول للأزمة.

كما أن مثل هذا  الحوار الاقتصادي و الاجتماعي – برغم طابعه النخبوي والغير الزامي – يمكن  ان يكون مقدمة لحوارات لاحقة تحت اشراف الرئيس، تهيأ المناخات لعقد اجتماعي، ولما لا تهيأ الأجواء أيضا لانفتاح سياسي في مرحلة لاحقة.

بمعنى مختلف عن الحوارات السابقة، والتي كان مدارها “اقتسام كعكة الحكم”، أكثر من البحث عن “أفكار” و “مقترحات”، تساعد صانع القرار، وهو هنا محق في ما ذهب اليه، لأن أوضاع البلاد وخاصة الاقتصادية والاجتماعية، لم تعد تسمح بحوارات “تقعيد العود” كما يقول المثل الشعبي، بل أن السياق يتطلب النجاعة والتسريع باتخاذ القرار.

ولابد من الاشارة، الى أن العودة للحوار لا يعني بالضرورة اعادة انتاج اشكال وصور الحوارات السابقة، كما ان السياق يفرض ابتداع أشكال جديد للحوار والمشاركة في صنع القرار، ليست بالضرورة – على غرار ما حصل في السابق – مع السياسيين ومنظمات المجتمع المدني.

بل يمكن ان تكون حوارات مفتوحة على غرار ما حصل مع الجامعيين، كما يمكن ان تتم عبر وسائل الاعلام، مع ان غالبتها – للأسف – لا يملك مهارات وقدرات انتاج مادة اعلامية عقلانية، و تساهم في انارة الراي العام، و بالتالي المساهمة في خدمة  صناعة القرار الوطني، وذلك بسبب الضعف الهيكلي لإعلامنا التقليدي، فضلا عن ازمة الثقة بينه وبين صناع القرار وقطاع واسع من الراي العام.

كشف لقاء الجمعة، عن رسالة من قرطاج، مفادها أنه تم الانتهاء من “اللحظة السياسية”، لصالح الانقاذ الوطني الاقتصادي والاجتماعي، خاصة وأنه اقترن مع بعد بداية عمل المجلس النيابي الجديد، الذي مثل انطلاق أشغاله، اعلان قطيعة نهائية مع مسار العشرية الأخيرة، في بعديها الدستوري و المؤسساتي، و أن الحوار السياسي والتشريعي والقانوني أصبح مكانه و اطاره الطبيعي في قصر باردو.

في تونس اليوم، و أيا كانت طبيعة التجاذبات والمواقف السياسية، يوجد واقع سياسي و مؤسساتي جديد و شرعي، لابد من التعاطي معه بكل واقعية، ولا يمكن أبدا تجاوزه أو القفز عليه، ولعل العنوان الكبير للمرحلة الجديدة، و الذي اصبح معلوما للجميع، هو الشروع في تصفية “تركة الربيع العربي”، وهو ذات العنوان أيضا في المستوي العربي، والذي اصبح أيضا حقيقة لدى شركاء بلادنا الغربيين ( الأوروبيين وحتى الأمريكان ).

كشف لقاء الجمعة، عن رسالة من قرطاج، مفادها الانتهاء من “اللحظة السياسية”، لصالح الانقاذ الوطني الاقتصادي والاجتماعي، خاصة وأنه اقترن مع بعد بداية عمل المجلس النيابي الجديد، الذي مثل انطلاق أشغاله، اعلان قطيعة نهائية مع مسار العشرية الأخيرة، في بعديها الدستوري و المؤسساتي، و أن الحوار السياسي والتشريعي والقانوني أصبح مكانه و اطاره الطبيعي في قصر باردو.

فنحن اليوم في تونس، كما في كل المنطقة العربية، بصدد غلق “قوس الربيع العربي”، وهناك اقرار حتى من النخب التي كانت حاضرة بقوة في “العشرية الأخيرة” بالفشل، و بالتالي ما عليها  ( النخب السياسية  و الحزبية خاصة ) في المرحلة الراهنة الا الانصراف لإحداث “مراجعات”، وتجديد خطابها وهياكلها التنظيمية، استعدادا للاستحقاقات السياسية القادمة.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP