الجديد

افتتاح الدورة 22 لمهرجان الأغنية التونسية: تونس تُنشد لأجل الحرية والسلام لفلسطين

انسجاما مع الموقف الوطني الثابت في دعم القضية الفلسطينية، وتضامنا مع أهالي قطاع غزة الذين يرزحون تحت وطأة قصف الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من خمسة أشهر، مما خلّف أكثر من 30 ألف شهيد حتى الآن وتسبب في تشريد نحو مليونيْ نسمة وتجويعهم، فسحت الدورة الثانية والعشرون من مهرجان الأغنية التونسية التي تلتئم تحت شعار “لأجلك يا فلسطين” المجال أمام المبدعين التونسيين للتعبير عن مساندتهم لفلسطين باللحن والكلمة، فكان حفل الافتتاح الذي أقيم، الليلة الماضية بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي، فلسطينيا خالصا بأصوات تونسية مع حضور شرفي للفنانة اللبنانية الملتزمة أميمة الخليل.  

انطلق الحفل على أنغام النشيديْن الرسمييْن الوطنيين التونسي والفلسطيني عزفتهما الفرقة الوطنية للموسيقى بقيادة يوسف بلهاني، إذ وقف الجمهور الحاضر بأعداد كبيرة موشحا بالكوفية الفلسطينية، فيما رفعت مجموعة من الأطفال رايات تونسية وفلسطينية، موجهين رسالة صمود ومقاومة رغم أهوال الحرب.   وسجّل حفل افتتاح هذا المهرجان الذي يتواصل على مدى ثلاثة أيام، حضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، المكلف بتسيير وزارة الشؤون الثقافية بصفة وقتية، منصف بوكثير، بعد إنهاء مهام الوزيرة حياة قطاط القرمازي من قبل رئيس الجمهورية يوم الثلاثاء 12 مارس الجاري.  وحضر الحفل الافتتاحي كذلك عدد من السفراء وممثلي البعثات الديبلوماسية والقنصلية المعتمدين بتونس، إلى جانب كوكبة من أهل الثقافة والإعلام.  

// أصوات فنية تندد بالظلم والطغيان //   

استُهلّت السهرة بعرض صور مروّعة لمخلفات آلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وصاحبتها أغنية “كُلنا غزة” وهي من كلمات فيصل الشريف وألحان لطفي بوشناق وتوزيع منير الغضاب وأداء مجموعة من الأصوات التونسية : مهدي عياشي وشهرزاد هلال ومحمد الجبالي وأسماء بن أحمد ومقداد السهيلي وآمنة فاخر وأنيس اللطيّف وألفة بن رمضان ولطفي بوشناق وليلى حجيّج والكورال الوطني لمسرح أوبرا تونس.  

وقبل فسح المجال للفنانين لاعتلاء الركح، تابع الجمهور فيديو كليب أطلق مؤخرا وجمع الفنان لطفي بوشناق ومغني الراب “سمارا” ويتمحور حول الأحداث المأساوية في قطاع غزة، يحمل عنوان “لمن يهمه الأمر” وهو عمل فني موسيقي موجه للعالم من أجل وقف نزيف الحرب وردع الانتهاكات التي يقوم بها الصهاينة ضدّ الشعب الفلسطيني.

وقد حضر الفنانان حفل الافتتاح وصعدا على الركح بدعوة من مقدم حفل السهرة حاتم بن عمارة، حيث قدما كلمة مقتضبة فيها تحية لفلسطين وأهالي غزة الصامدين.  

وكانت الفنانة محرزية الطويل أوّل من اعتلى الركح في سهرة الافتتاح حيث أدّت ببراعة واقتدار الأغنية الوطنية “بني وطني” للفنانة الراحلة عُليّة، فحرّكت كلمات هذه الأغنية وإيقاعاتها حماسة الجمهور الذي رفع الكوفية الفلسطينية وإشارات الصمود والنصر.

ثم كان الموعد إثر ذلك مع الفنانة رنا زروق التي غنّت من روائع فيروز “زهرة المدائن” بتوزيع جديد لمهدي المولهي.   وبما أن أكثر من ثُلثيْ شهداء الحرب هم من الأطفال والنساء، كان لا بدّ من تسليط الضوء على هذه التراجيديا الإنسانية العميقة، ولذلك دوّى صوت الطفولة والبراءة عاليا “أعطونا الطفولة” وأدتها بإحساس مرهف الطفلة مريم معالج ذات الثماني سنوات، وهي من أعضاء كورال “سيدي سامي”.  

واعتلت الفنانة اللبنانية أميمة الخليل الركح، فصدحت بأغنيتها الشهيرة “عصفور طل من الشباك”، وهي التي كانت أدتها في سن الثانية عشرة وظلّت تُردّد باستمرار لرمزيتها في التغني بالحرية والانعتاق ومناهضة الظلم والاستبداد.  

وتناوب على مصافحة الجمهور الفنانون أسماء بن أحمد التي أدت “غابت شمس الحق” وأنيس اللطيّف الذي غنى “أنا بتنفس حرية” وأحمد الرباعي “يوما ما” وهي أغاني للفنانة اللبنانية جوليا بطرس، وغنى الفنان مروان علي “أنا دمي فلسطيني”.  

// تكريم رموز المقاومة التونسية //  

وبما أن محور هذه الدورة من مهرجان الأغنية التونسية هو الانتصار لفعل الصمود والمقاومة، لم يفوّت القائمون على المهرجان تكريم عدد من رموز المقاومة التونسية وتخليد ذكراهم، حيث تمّ تكريم المناضل محمد الدغباجي (1885 – 1924) ذاك الأسد الثائر الذي خُلّد اسمه في عرين الملاحم والأغاني، فلم يأفل من ذاكرة التونسيين رغم مرور قرن على إعدامه من قبل الاحتلال الفرنسي (1 مارس 1924).

فهذا الرجل الثائر ضدّ المستعمر خلّد اسمه وأثره في قصائد الشعراء وأصوات المغنّين أشهرهم الفنان الشعبي الفقيد اسماعيل الحطاب في أغنية “الخمسة إلّي لحقو بالجرة” والتي ردّدها في هذه السهرة الفنان سيف الدين التبيني.  

وأما الشخصية المناضلة الثانية التي تم تكريمها فهو المناضل المنوبي الخضراوي المكنى بالمنوبي الجرجار، وهو الذي شهدته والدته وشاهده التونسيون أيضا يوم 26 أكتوبر 1912 حين أوقفت مقصلة المستعمر عداد سنين هذا البطل المقاوم في سنته الحادية والثلاثين جراء قيادته للاحتجاجات خلال أحداث الجلاز سنة 1911.

وقد زعزع ذاك المشهد كيان أمه الواقفة على شفى الجنون بين الجموع في ساحة باب سعدون، لتهيم في أنهج وأزقة العاصمة مرددة مرثية تناقلتها الألسن وحفظتها الذاكرة الشعبية يقول مطلعها “بره وإيجا ما ترد أخبار… على الجرجار… يا عالم الأسرار… صبري لله…”، وقد أدّى هذه الأغنية على ركح مسرح الأوبرا الفنان سفيان الزايدي.  

وكان مسك ختام الحفل مع أوبيريت “الحلم العربي” بأصوات محرزية الطويل ورنا زروق وأسماء بن أحمد وسيف الدين التبيني وأنيس لطيّف ومروان علي وأحمد الرباعي وسفيان الزايدي، وهي رسالة أمل وإيمان بأن أرض فلسطين ستتحرّر يوما ما طال الزمن أو قصُر.   وكان المدير الفني للدورة 22 من مهرجان الأغنية التونسية عادل بندقة ألقى كلمة في مستهلّ الحفل تحدث فيها عن دور الأغنية في رسم ملاحم المقاومة، مجددا التعبير عن تضامن تونس مع فلسطين.

كما تمّ بث كلمة مصوّرة للمشاركين الذين تمّ اختيارهم في هذه الدورة عبّروا من خلالها عن مساندتهم للشعب الفلسطيني.   وتتواصل فعاليات مهرجان الأغنية في دورتها الثانية والعشرين مساء اليوم الجمعة بقاعة الأوبرا بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي، قبل أن يسدل عليها الستار مساء السبت

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP