الجديد

" ماكينة " التجمع بين الوهم والحقيقة ؟

التونسيون- نبيل البدوي 
اختار المؤسسون لما يعرف بمشروع يوسف الشاهد الذي أنطلق بتأسيس كتلة الائتلاف الوطني في مجلس نواب الشعب ليتنقل في الجهات من تونس الكبرى الى باجة و  قابس وسيدي بوزيد وقفصة وصولا المنستير صباح اليوم الأحد 27 جانفي 2019 إذ سيعلن رسميا عن ولادة الحزب الذي يرجح حسب مؤسسيه أن يكون الشاهد رئيسا له وبغض النظر عن حظوظ هدا الرقم الجديد من الأحزاب في النجاح أو الفشل فإن اختيار مدينة المنستير له دلالاته السياسية في رهانات هذا الحزب الجديد وهي أساسا العائلة الدستورية التجمعية التي مازال عدد كبير من السياسيين الوافدين على المشهد السياسي بعد الثورة يعتقدون أنها الماكينة الانتخابية التي تستطيع منافسة حركة النهضة !
منذ سقوط النظام السابق وتحول ” أنصاره ” السابقين والذين كانوا يعدون مليوني منخرط الى ” شياطين ” و ” أزلام ” و ” أيتام ” حسب مصطلحات الثوريين الوافدين على المشهد السياسي لكنهم في المقابل كانوا مطلوبين كأصوات فهم ملعونون كمجموعة لكنهم مطلوبون كأصوات وقد راهنت كل الأحزاب على هذه ” الماكينة ” في 2014 خاصة وتسعى الأحزاب اليوم إلى استعمال هذه الماكينة في السباق الانتخابي القادم !
وحين نتأمل الخارطة الانتخابية نجد أن عددا كبيرا من وجوه التجمع الدستوري المنحل توزّعوا بين معظم الأحزاب باستثناء الجبهة الشعبية فحتى الحراك الذي يقوده منصف المرزوقي الذي لا يرى في إرث الدساترة في الحكم إلا الخراب ضم في بدايته خاصة وجوها دستورية !
واليوم نجد قيادات تجمعية سابقة ووزراء وولاة وكتاب عامين للجان التنسيق وأعضاء اللجنة المركزية موزّعين بين الأحزاب التي تصنف نفسها كأحزاب وسطية مثل مشروع تونس وأفاق تونس والبديل التونسي فضلا عن مشروع كتلة الائتلاف الوطني والأحزاب التي لا تخفي انتمائها للحركة الدستورية مثل حزب المبادرة الدستورية والحزب الحر الدستوري ونداء تونس الذي مثل فيه الدساترة ثقلا واضحا كان حاسما في الانتخابات الماضية .
وهم أم حقيقة؟ 
 هذا التشتت التجمعي الدستوري بين الأحزاب يجعلنا نستحضر الطريقة التي سقط بها النظام السابق إذ لم يفعل المليوني منخرط شيئا من أجل انقاذ النظام الذي حكم تونس منذ الاستقلال إذ تبخر المليوني منخرط وفيهم من سارع بإعلان الاستقالة وفيهم من أختار الصمت والتخفي وفيهم من أصبح من أنصار حركة النهضة وفيهم من ادعى الثورية والنضال ! والنتيجة كانت اندثار حزب كان يحكم البلاد منذ أكثر من ستين عاما فإين اختفت هذه ” الماكينة ” التي يشتري الجميع ودها اليوم ؟
إن ماكينة التجمع التي تراهن عليها الأحزاب ليست في اعتقادي إلا وهما كبيرا ، فالحزب الدستوري كان يحمل قيما وأفكارا مرتبطة بمطالب الحركة الوطنية لكن هذا الحزب مات منذ مؤتمر 1988 عندما حوّله بن علي الى ألية للحكم وتأطير الشارع والتحكّم فيه ومنحه دورا أمنيا من خلال لجان لليقظة ولجان الأحياء في حمى المعركة مع الإسلامين ومنذ منتصف التسعينات تحول الحزب الى جهاز للتعبئة لا دور له خلاف ذلك فلم يبق فيه إلا من كانت له مصالح أو طموحات سياسية أو من كان خائفا من العقوبات الإدارية لذلك تحول الحزب الى حزب الإدارة والرئيس واندثر بمجرد أن غاب الرئيس .
وإذا كانت مجموعة يوسف الشاهد تريد تكرار هذا السيناريو من خلال حزب مرتبط بالحكومة فسيجد فعلا هذه الماكينة أما إذا كان يراهن على الذين كانوا منتمين للتجمع فإن التجمع مات وسبحانه الذي يحيي العظام وهي رميم ، ولا أعتقد أن القلة القليلة من التجمعيين الصادقين المؤمنين بالفكر الدستوري الذي حرر البلاد وواصل المشروع التنويري الإصلاحي سيترك الأحزاب الدستورية مثل الحزب الحر ونداء تونس والمبادرة ليرتمي في مشروع مازال غامض الأفاق ومرتبطا بالمستقبل السياسي لرئيس الحكومة الشاهد.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP